من هي "تشيلسي مانينغ" المدانة بتسريب وثائق أمريكية لويكيليكس؟

أصدر الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، أمرا بتخفيف الحكم الصادر ضد تشيلسي مانينغ، المدانة بتسريب مستندات خاصة بالجيش الأمريكي، على أن يُطلق سراحها في مايو/آيار المقبل.
وكانت مانينغ جنديا أمريكيا من الدرجة الأولى، يُعرف باسم برادلي، عندما قام بتحميل آلاف الوثائق السرية من أجهزة كمبيوتر رئيسية خاصة بالجيش، بحسب مقرصن إلكتروني تعرفت عليه. وتحول مانينغ لاحقا إلى امرأة تشبه المغنية ليدي غاغا.
وأمضت مانينغ، التي تبلغ من العمر 29 عاما، ستة أعوامٍ من الحكم الصادر ضدها بالسجن 35 عاما، بعدما أدينت بـ 20 تهمةٍ متعلقةٍ بالتسريبات، منها التجسس. وبُرأت ساحتها من أخطر التهم، وهي مساعدة العدو.
وبعد الحكم عليها، قالت مانينغ، التي ولدت رجلا، إنها ترغب في أن تعيش حياتها كامرأة، واتخذت تشيلسي اسما لها.
وخاضت مانينغ صراعا مع الجيش حول خضوعها لعملية تحويل للجنس، وهو الصراع الذي شهد كذلك محاولتها الانتحار.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، ناشدت تشيلسي الرئيس أوباما على تحفيف ما تبقى من حكمها إلى فترة السنوات الستة التي قضتها بالفعل في السجن. وقالت إنها تتحمل "المسؤولية الكاملة" عن أفعالها، وإنها لا تطالب بعفو رئاسي.
ولم يُستجب لطلب تشيلسي إلا قبل ثلاثة أيام من انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
"مضحكة نوعا ما"
وكما يقول محلل استخباراتي في الجيش الأمريكي، تمكنت مانينغ من الوصول إلى كمٍ هائلٍ من المعلومات شديدة الحساسية.
لكن باعتبارها جنديا من الدرجة الأولى، كان مانينع صاحب رتبة متدنية وتتقاضى راتبا متواضعا نسبيا.

يقال إن طفولة مانينغ كانت صعبة
ووفقا لأصدقائها، شعرت مانينغ بالإحباط من العمل في وظيفة عسكرية بدت لها راكدة.
ويبدو أن حياتها الشخصية تعرضت لهزةٍ عنيفةٍ بعدما أُرسلت إلى العراق عام 2009.
وانضمت مانينع إلى صفوف الجيش عام 2007 بعد التنقل في وظائفٍ متدنية الرواتب.
وولدت مانينغ في ديسمبر/كانون الأول عام 1987، وانتقلت إلى بلدة كريسينت الصغيرة في ولاية أوكلاهوما. وتقول تقارير إن والدها، براين، عمل في الجيش لمدة خمسة أعوام.
لكن والديها انفصلا عندما كانت في سن المراهقة، وانتقلت مع والدتها إلى مدينة هافرفوردوست جنوب غربي ويلز.
وفي فترة المراهقة، كان يشاع أن مانينغ متهورة، وكانت عادة ما تتعرض للسخرية بسبب تصرفاتها الغريبة.
وقال صديق مانينغ في ويلز، جيمس كيركابتريك، لـ بي بي سي، إنها "كانت شخصيةً مضحكةً نوعا، وكانت في الحقيقة ذكية" ومهووسة بأجهزة الكمبيوتر.
وبعد إتمام الدراسة الثانوية، عادت مانينغ إلى الولايات المتحدة الأمريكية وانضمت إلى الجيش. ويقول أصدقاؤها إنها انضمت إلى الجيش للمساعدة في دفع تكاليف الكلية. وقالت مانينع في وقتٍ سابقٍ إنها انضمت إلى الجيش على أمل أن تتخلص من رغبتها في التحول من رجلٍ إلى امرأة.
وأُرسلت مانينع إلى العراق في أكتوبر/تشرين الأول. لكن الرسائل التي كانت تنشرها على فيسبوك كانت تشير إلى أنها أبعد ما تكون عن السعادة.
وكتبت مانينغ على حسابها عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك في بداية شهر مايو/آيار عام 2010 إنها "محبط للغاية من الناس والمجتمع ككل."
كما كتبت قبل أسبوع من ذلك :"برادلي مانينغ يواجه الآن شعورا جما بأنه لم يتبق له أي شئ على الإطلاق".
وتشير بعد المدونات المنشورة إلى انهيارٍ في علاقة ما.

طالبت احتجاجات بإطلاق سراح مانينغ
لكن بعد أسابيع، أصبحت كلماته بمثابة نبوءة بالمستقبل عندما ألقي محققون عسكريون القبض عليه بتهمة الاشتباه في سرقة معلوماتٍ سريةٍ.
وقال أحد المقرصنين الإلكترونيين، يُدعى أدريان لامو، لوسائل الإعلام العالمية كيف قدمت مانينغ البيانات المسروقة خلال محادثاتٍ أجروها عبر الإنترنت.
وكتبت مانينغ، وفقا لمخطوط رسائلها التي نشرها موقع "ويرد" الإلكتروني: "مع ضعف خوادم حفظ البيانات، وضعف عملية تسجيل الدخول للبيانات، وضعف التأمين، وضعف الاستخبارات المضادة، وضعف تحليل الإشارة... كان الاقتحام مثاليا".
وذهب لامو إلى السلطات بالرسائل.
وأثناء جلسة استماع محاكمته عسكريا في أغسطس/آب 2013، أقر طبيبٌ نفسي عسكري بأن مانينغ تعاني صراعا داخليا بسبب النوع، وأنها ترغب في التحول من رجل إلى امرأة.
وفي مارس/أذار 2011، وجه الجيش الأمريكي 22 تهمة لمانينغ، تتعلق بحيازة غير قانونية لأكثر من 720 ألف وثيقةٍ دبلوماسيةٍ وعسكريةٍ سريةٍ وتوزيعها.
ومن بين الملفات التي سُربت لموقع ويكيليكس، مقطع فيديو لمروحيةٍ من طراز أباتشي تقتل 12 مدنيا في بغداد عام 2007.
ونشر موقع ويكيليكس عشرات الآلاف من الوثائق التي تتعلق بالحرب في أفغانستان.
كما كشف الموقع بعد ذلك عن آلاف الرسائل الحساسة التي كتبها دبلوماسيون أمريكيون، وسجلاتٍ عسكريةٍ من الحرب في العراق، على نحوٍ تسبب في حرجٍ كبيرٍ للحكومة الأمريكية.

بعد يومٍ من الحكم عليها بالسجن لمدة 35 عاما، قالت مانينغ إنها ترغب في أن تعيش كامرأة
وقالت مانينغ أمام المحكمة إنها سربت الوثائق لتشعل جدلا عاما في الولايات المتحدة، يتعلق بدور الجيش والسياسة الخارجية الأمريكية.
وأثناء جلسة استماعٍ تاليةٍ، اعتذرت عن "إلحاق الضرر بالولايات المتحدة" وقالت إنها اعتقدت بالخطأ أنها تستطيع أن "تغير العالم إلى الأفضل".
"أنا تشيلسي مانينغ"
وبعد يومٍ من الحكم عليها بالسجن لمدة 35 عاما، قالت مانينغ إنها ترغب في أن تعيش كامرأة.
وقالت في بيان لبرنامج "توداي" لقناة إن بي سي : "أنا تشيلسي مانينغ، أنا امرأة".
وأضافت أنها تشعر بأنوثةٍ منذ الطفولة، وترغب في أن تبدأ علاجا هرمونيا، وأن يناديها الجميع باسم تشيلسي.
وفي 2014 غيّر أحد القضاة العسكريين اسم مانينغ الرسمي من "برادلي إدوارد مانينغ" إلى "تشيلسي إليزابيث مانينغ".
وحاولت مانينغ الانتحار في سجن ليفينوورث في كانساس عام 2016. وقالت بعد ذلك إنها أقدمت على الانتحار بسبب صراعها من أجل إجراء عملية جراحية لتغيير الجنس.
وبعد أشهرٍ، أضربت عن الطعام حتى وافق الجيش على إجراءها جراحةٍ لتصبح امرأة تدعى "تشيلسي".

 

 

*BBC

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص