مروان المخلافي مروان المخلافي
*إلى الأديب العربي المغيب* ... ( *يداك أوكتا ، وفوك نفخ* )
📍أدرك أن العنوان مستفز إلى حدٍ ما ، وسيثير حفيظة البعض من الكتباء والأدباء في واقعنا العربي البئيس ، لكنني أردته بهذا التوصيف الصياغي لحالنا ومشهدنا الذي جنينا بسببه أكبر خطيئة في حق أدبنا العربي الأصيل الذي ذهبنا عنه كثيراً نحو مستعمرات أدبية تلقفناها بشغف كبير يضاهي بل ويفوق شغف الذين وضعوا مثل هذه الألوان الأدبيه والنثرية ، فلا استطعنا معها مواكبتهم بها وفرض الحضور والتميز ، ولا الحفاظ على تراثنا الذي تنكرنا له حين ارتأيناه ضرب من ضروب القديم عبثاً ، والذي ماعاد يجدي في صناعتنا لذاتنا العربية الأصيلة كما يظن البعض أشراً وبطرا . 📍وانظروا إلى واقعنا فيما يخص المجال الأدبي دوناً عن بقية المجالات الأخرى التي نافس العقل العربي فيها بقوة حضوره وتألقه، ونال على إثرها كثيرون منهم عديد من الاستحقاقات بجدارة واقتدار ، باستثناء نجيب محفوظ الذي لم يتكرر حتى يومنا هذا على مستوى الأدآب، ويقيني بأن هناك نسخ مكرورة في تألقها وتميزها من أمثال نجيب محفوظ ، فقط ينقصها روح الحضور الذي أذهبت ريحه واقع الكثيرين منا غير الشريف ، حيث الغرور يطاول أعنان السماء ، وطغيان الجانب العلاقاتي الشخصي على استحقاقات النصوص ، واستباحة المنبع العربي الأصيل بدخيل من الأدآب أصبح هو الشائع ودون أن نستطع معه - للأسف الشديد- منافسة الآخرين لروح الاستهلاك الممض من قبل المثقف العربي لهذه الألوان التي صدرها لنا الآخرون ، عدا عن الاعتداد الفاضح لكثير من أدبائنا وكتابنا ، منهم من هم عند المستوى ، ومنهم من هم دون ذلك ، ولا مبرر طبعاً لاعتداد المبدعين منهم بمستويات يتجاوزن بها حدوداً يسحقون معها الآخرين ، لأنها ظاهرة عرف بها العربي على نظراءه الآخرين من الثقافات الأخرى ممن يحترمون أدآبهم وروح المثقف لديهم . 📍وفي واقعنا لا تخطئ العين تعَدَّد المؤتمرات والهيئات الثقافية، والمحافل والمؤسسات والمنتديات والصالونات الأدبية، وكذلك الكثير من الجروبات والصحف والمجلات وبيوت الفن والإبداع لممارسي كتابة الألوان الشعرية والنثرية، لكنها تفننت جميعها في إبداع عناوين ومناسبات وتسميات لواقع هلامي شخصي على واقعيته ، لكنه واقع ليس بمقدوره وضع ملامح واضحة المعالم لمشهد أدبي يصاغ بطريقة مُثلىٰ تَجمع رواده على اختلاف وجهات نظرهم وأعتقاداتهم ودياناتهم ومذاهبهم ، وتحديد أسلوب تعايشي بمعيار ثابت لا يحيد عنه المثقف العربي ليسمع صوته في هذا العالم الذي أصبح يقبل على تعلم العربية أكثر من أبنائها ، ونحن مازلنا مختلفين ونصطنع الحروب بسبب التباينات وفجوة الأفكار ، وتعدد الإثنيات . 📍وأتسائل كثيراً لماذا لا نصنع لأنفسنا - كعرب - قواسم مشتركة كون الأدب وظيفة إنسانية تمتد بجيشان الروح فيها لهذا الإنسان ما امتد وجدانه نحو إنسانه الآخر ، ومثل هذه القواسم المشتركة ستصنع حالة من التجسير بين هذه المتباينات والتوجهات الفكرية بما يحفظ حالة المبدع ربي بمكان رفيع من التقدير والاحترام . 📍وما يمارسه البعض حقيقة من الإساءة للمشهد الأدبي في محيطنا العربي من تجاوزات تسيئ للواقع ومشهده على مستوياتنا الفردية والجمعية يتشظى معها الأديب باختلالات ذريعة يعد جنايه مكتملة الأركان بكل المقاييس والمعايير ، وأساء بشكل كبير في الظهور والبروز للمثقف العربي ،بل وأعاق من تقدمه على المستوى العالمي ، وبرأيي فإنني أعتقد بأن جيل العمالقه من الأدباء والكتاب على مستوى العالم قد انتهى بانتهاء جيل نجيب محفوظ وعمالقة منتسبي مدرستي الديوان وأبولو اللتان سمع بهما العالم ، وانظروا حالنا وإلى كثير من العمالقه الذين لم يستطيعوا تجاوز المحليه للعالمية أمثال أدونيس والبردوني ودرويش على جيلهما الذي أعقب الجيل الراشد من تاريخ أدبنا العربي ، ومن سيعترض على كلامي هذا ليراجع الواقع فقط ليدرك ما نحن بصدد الحديث عنه والذي يؤلمنا جميعاً للأحوال التي أوصلتنا لهذا المشهد بمعطياته وكل تجلياته. . 📍والأسئلة الأكثر جدلاً في هذا السياق التغييبي لأدبنا وكتابنا على مشهدنا العربي بجملة من أدبائه ومثقفيه هو ما أفرزه الواقع من سلبيات أثارت الكثير من مؤشرات صعبة يستحيل معها تحقيق أمنية الأمنية في وصول المبدع العربي إلى مصآف المراكز المتقدمة وهو قادر على ذلك إذا انتفت أسباب تأخيره ، ولن يقف حينها أياً من المعيقات مهما كان حجم تبايناتها الثقافية ، وتعدداتها الأيدلوجية . 📍الأهم من ذلك كله أن يتصالح الأديب مع ذاته ومحيطه لينصلح الحال ، وينفتح معه الأمل لأن يصدر واقعنا العربي مبدعين في أدآبهم يشار لهم فيه بالبنان ، والمبدع العربي للأسف في هذا السياق تبدل طبعه يعد سبباً رئيساً يؤخر من تقدمه ، فلم يعد ذلك الأنسان في فطرته، والموجود بطبعه الإجتماعي ، والمنفتح على أفاق واقعه ، مالم تحدّدهُ المفاهيم ،وأجندة الأيديولوجيات ، والنزعات السيئة في رواسب التربية والتثقيف . 📍وضوء أخضر وكاشف لنقطة أخرى من الأهمية الحديث عنها، وهي أن فهمنا لواقعنا يتقاصر ويتضائل عاماً بعد عام ، ومعه ينكفئ الأديب العربي على نفسه متراجعاً جراء واقع لا يسر الجميع . 📍ومن الأسباب الجوهرية التي أدت إلى تغييب الأديب العربي جنوح الكثيرين نحو جلد الذات العربية ممن يرون أنفسهم ولهين بمشكلة تهميش المبدع العربي التي يرجعونها على وجه الخصوص لغياب الاشتغالات الإعلامية وضعف الآلات الدعائية المناسبة للتعريف به، الأمر الذي يجعل من نجاحات أي مبدع إنجازاتٍ شخصيةً فردية، لا دخل لمؤسسة ولا لحكومة بها ، ولو أنها مشكلة المبدع العربي عمومًا لكنها بنِسَب، ونسبة الإهمال الذي يتعرض له المبدع في دول بعينها يعرفها كل مبدع عن محيطه وبيئته والتي تفوق بقية النسب في المجتمعات العربية الأخرى التي لديها الإمكانيات، أو لديها رصيد تراكمي ، لكنه مؤدلج بإدارة يضطلع في تسييرها من يحرفون الدفة نحو إجندات بروبوجندية منفعية لا تعترف بالآخرين إلا من اقتنعت به لتوافقه مع خطها العام مهما كان إبداعه رفيعاً ومحترماً ، على كثرة المبدعين العرب الذين لو وجد أمثالهم في دول آخرى لشمخوا نحو السماء من بينهم ، فقط أمثال هؤلاء الانتقائيون في دولنا العربية من يتجنون على هؤلاء المبدعين بطمرهم وسحقهم ، وخاصة من هم في دول عربية ألف المبدعون فيها على التواضع والبساطة في حياتهم مهما بلغ أحدهم من العلم والأدب ، ومهما تمكن من الفن والإبداع، لأنهم كذلك تراهم مغمورين زمنًا إلى أن تفتح لأحدهم نافذة نادرة الحصول إلى عوالم الإبداع بعدما ظل يصارع أشكال التهميش ، ومع ذلك ترى إبداعه يتجاوز إبداع من لديهم المال والإعلام والإمكانيات الهائلة، وهذا هو الإبداع " أن تكون لك بصمة رغم الظروف القاهرة، أما من يبدع وقد هيئت له الأسباب والوسائل فالكل سيبدع. 📍كيف نرجو من الآخرين فتح منابرهم لنا نحو العالمية ونحن للأسف الشديد بلا هوية جامعة يجمعنا فيها الأدب ، و نتأطر تحت ظلها كعرب على مختلف مشاربنا وتوجهاتنا ، بل إن الحقيقة المرة هو واقعنا العربي الذي أثبت واقعه بأنه لا يستطيع استغلال ما بين يديه استغلالاً مثمراً يخدم الأديب ليسوقه خارجياً على إمكانياتنا على المستوى المؤسسي ، ولدينا كثير من الخطوات لكنها تُدار إدارة سيئة بدأ من التلفزيونات والإذاعات وبرامجهما ، ومروراً بالمؤسسات والفعاليات والصالونات والهيئات والاتحادات والمسابقات ،وانتهاء بالصحف والمجلات والفضاء الكتروني الواسع الذي يضيق بالمثقف العربي مع اتساع رقعته وامتداده وهذه هي المفارقة العجيبة لمشهدنا كعرب ، أن مواردنا وإمكانياتنا تدار بعقلية الشلليات والجماعات، وتقوم في أغلبها على العلاقات الشخصية للمقربين ومن هم على رأس الهرم ممن يديرون هذه المؤسسات بجميع أنواعها والقائمة على المجاملات والمحاباة بدلاً من ارتكازها على استحقاقات النصوص وجداراتها التي تعد في ميزعن المنطق المخول الرئيس في تقييمها وتناولها بالذيوع والشيوع والإعلان ، ولذلك فقد المبدع العربي مصداقيته على المستوى العالمي قبل المحلي . 📍أما فيما يخص ترجمة النصوق للغات الأجنبية فهي الأخرى حالها من الحال العام على ضعف الكثير منها وسوتء اختيارها كما قنص على ذلك حديث الكبار من النقاد في عالمنا العربي . 📍المعالجة الحقيقية والناجعة والتي ستمهد الطريق حتماً نحو العالمية للمبدع العربي هو أن يكون لنا كيان جامع مبني على توجه واحد محوره الأديب والمبدع ، وأن تنساق جميع التوجهات في عالمنا العربي نحوه بشعور واحد يسترعي الجميع لصناعة الأديب العربي ، وتقديمه للعالم كمبدع عربي يمثلنا ويعبر عنا ، ويتكلم بلساننا ، وينطق بروح العربي المبدع الذي انقادت له الأداب منذ القدم وليس اليوم ، حينها سنجد من يحترمنا.
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص