أ. علاء البحري أ. علاء البحري
الهجرة القسرية لشباب اليمن: كيف تخسر الدولة؟ ومن سيبني اليمن إذا هاجر الجميع؟ 

في وقتٍ كان يفترض أن يكون فيه الشباب هم عماد النهضة اليمنية، ووقود التغيير والتقدم، تتحول البلاد اليوم إلى طاردة لأفضل ما فيها ، طاردة للأمل طاردة للشباب، بسبب عدم وجود المستقبل الكريم لهم.

أصبح الواقع الاقتصادي المتدهور، والسياسي الممزق،والواقع المرير وعدم وجود بصيص الأمل، بيئة خانقة تدفع بالشباب والكفاءات والمهنيين إلى اتخاذ قرار الهجرة، ليس طمعًا في الخارج، بل هربًا من الداخل. 

 

الشباب اليمني،وكل من هؤلاء الذين اتخذوا القرار مؤخرًا بمغادرة البلاد،

لا بحثًا عن الرفاهية، بل عن الاستقرار، وعن فرصة لكرامةٍ مهنية وإنسانية أصبحت مفقودة هنا.

 

--- 

 

من يغادر اليمن؟ 

 

الهجرة من اليمن لم تعد مجرد خيار شخصي، بل أصبحت حالة جماعية، وواقعًا مريرًا يرثى لها.

السعودية ودول الخليج ودول العالم لم تعد وجهات مؤقتة لتحسين الوضع المادي، بل أوطان بديلة.

نزيف الكوادر اليمنية مستمر بصمت، دون أن يلتفت إليه أحد من صناع القرار، دون أن يتحدث عنه أحد بصدق او يقوم بإيجاد حلول بديلة له.

 

الذين يغادرون ليسوا "العاطلين او الفارغين " كما يظن البعض،

بل هم: 

 

خريجو الجامعات اليمنية الذين لم يجدوا وظائف مناسبة لهم.

الأطباء ذوي الكفاءات العالية، المهندسون، المحاسبون، المصنعون، الكوادر الفنية المؤهلة. 

 

أصحاب الحرف والمهن. 

 

رجال أعمال، مصنعون، تجار...

يحملون معهم ما تبقى من رأس المال الوطني، يحملون معهم ماتبقى من بصيص الأمل، يحملون معهم مستقبل اليمن الاقتصادي والاجتماعي والأكاديمي.

 

إنه نزيف مزدوج: العقول + المال .

 

من سيتحمل المسؤولية؟ وما الأسباب؟ 

 

هل فكّر أحد من الحكام في هذا الواقع؟

هل يدركون أن ما يحدث ليس مجرد سفر أفراد، بل هو انهيار شامل لمستقبل اليمن؟

 

أسباب هذا النزيف كثيرة، لكن أبرزها: 

 

الفساد الإداري والتنظيمي للدولة .

 

انهيار الخدمات الأساسية (كهرباء، صحة، تعليم، رواتب) 

 

انعدام الأفق السياسي والاقتصادي وانعدام الرؤيا للمستقبل القريب والبعيد

 

وغياب الأمل في التغيير

 

كلها عوامل دفعت الشباب دفعًا نحو الهجرة القسرية.

 

--- 

 

خسائر لا تُعوّض 

 

الدولة لا تخسر مجرد أفراد، بل: 

 

تفقد قوتها البشرية العاملة. 

 

تفقد عقولها المفكرة. 

 

تخسر رؤوس أموالها. 

 

وتُفقد فرصة النهوض من جديد.

 

الدولة التي تفرغ من شبابها، لا تُهزم من الخارج، بل تنهار من الداخل.

 

--- 

 

من سيبني اليمن إذا هاجر الجميع؟ 

 

من سيشغّل المصانع؟

من سيدير المؤسسات؟

من سيخطط ويقود ويصلح ويبني؟

إن لم يكن الشباب، فمن؟!

 

--- 

 

الوطن الذي لا يحتوينا، نغادره رغمًا عنا 

 

نغادره وقلوبنا تنزف، لأننا لم نغادره كُرهًا، بل لأنه لم يعد يحتملنا،

لم يعد يقدم لنا فرصة للبقاء، ولا حتى تذكرة أمل. 

 

الغربة بدأت من الداخل، قبل أن تبدأ في الخارج.

 

--- 

 

خاتمة: رسالة للضمير السياسي اليمني 

 

إلى المسؤولين، إلى من يحكمون هذا الوطن من خلف المكاتب العالية والمواكب المصفحة: 

 

كفى تجاهلًا! كفى صمتًا!

كل شاب يغادر هو مشروع قائد كان يمكن أن يصنع فرقًا،

كل طبيب يهاجر هو حياة كانت ستُشفى،

وكل مستثمر يرحل هو اقتصاد كان يمكن أن يُبنى. 

 

ما يحدث اليوم هو اغتيال متعمد لمستقبل اليمن،

لا بالسلاح، بل بالإهمال، والفشل، وغياب الرؤية.

 

--- 

 

وأخيرًا... 

 

نحن الشباب، رغم الألم،

سنحمل وطننا في قلوبنا...

لكننا ننتظر يومًا يعود فيه الوطن حقيقيًا، لا مجرد شعار نضحي بانفسنا لأجله. 

 

 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص