طه العامري
لست هناء بصدد تقيم المواقف الشعبية فالشعب اليمني من صعده للمهرة ومن سقطري حتي كمران هو شعب عربي أصيل مشهود له تاريخيا بمواقفه القومية والإسلامية وبإصالة هويته ومواقفه وأنتمائه، وأن موقفه من القضايا العربية والإسلامية هي مواقف مبدئية ثابته لا تغيرها الأحداث والتحولات ولا الأنظمة المتعاقبة، لكني هناء أتوقف أمام مواقف النخب الرسمية والفعاليات الناشطة سياسيا ومواقفهما المتباينة التي أرى أن القناعات السياسية قد أخذت أصحابها إلي مسارات ما كان لها أن تذهب اليها رغم الخصومة السياسية التي لا تعطي أطرافها أو بعضهم الحق في الأبتعاد عن دائرة الوعي ببعديه الوطني والقومي والأنتقاص أو التشكيك بمواقف ثابته يجتمع عليها كل أبناء اليمن بمختلف قناعتهم السياسية والفكرية ومعتقداتهم المذهبية والايدلوجية رغم خصوماتهم السياسية والفكرية علي الصعيد الوطني.
بيد أن ما أقدم عليها أنصار الله في صنعاء وما أتخذوه من مواقف تجاه ما يجري في فلسطين وفي قطاع غرة تحديدا من مذابح ومجازر للأطفال والنساء والشيوخ علي يد جيش الاحتلال الصهيوني المجرم والذي لم يتردد أمامه قادة أنصار الله الذين أتخذوا قرارا وطنيا وقوميا شجاعا، قرارا يفتخر به كل يمني حر وشريف ويرحب به ويباركه كل عربي وكل مسلم، فنصرة أشقائنا في فلسطين ليس مجرد واجب بل هو فرض عين وكان المفترض بسلطة عدن وأن هي علي خلاف مع صنعاء أن ترحب به وتشيد به وتفتخر لأن ما قامت به صنعاء هو فعل قومي عربي أصيل وفعل إسلامي تستوجبه قيم وأخلاقيات الدين الإسلامي الحنيف وبالتالي كان من واجب عدن التباهي والتفاخر به لا أن تذهب للانتقاص الكيدي منه وتوظيفه في سياق التنابز والمكايدة السياسية الداخلية، أو اعتباره وكأنه فعل دخيل علي قيم وأخلاقيات أبناء اليمن الذين أرتبطوا إرتباط وثيق بالقضية الفلسطينية منذ عام 1948م ونزفت دماء المقاتلين اليمنيين في كل معارك الثورة الفلسطينية، وما قام به الأخوة أنصار الله وسلطة صنعاء هو بعضا مما يتطلبه الواجب القومي والإسلامي وتحتمه وحدة الهوية والمصير والعقيدة والقيم والثقافة، وكان الأحري بسلطة عدن وأبواقها إما التفاعل مع هذا الفعل الاستثنائي الذي قام ويقوم به الأخوة في صنعاء ومباركته أو فليصمتوا وسنبرر صمتهم باعتبارهم أسري بدورهم عند أعداء اليمن وفلسطين والأمتين العربية والإسلامية، وبالتالي كان يمكن لنا أن نبرر صمتهم ونحترم موقفهم تقديرا منا للوضع الذي هم فيه وإدراكا منا بأن حريتهم مقيدة وقرارهم ليس بأيديهم، لكن للأسف لم يحترم هولاء أنفسهم ولم يكتفوا بعجزهم وتخاذلهم، بل ذهبوا ليمارسوا ( رقصة الاستبليتيز) أي _رقصة التعري _وكأنهم يريدوا أن يثبتوا لاسيادهم مدي إرتهانهم وإخلاصهم وتبعيتهم الماجنة..؟!
أن ما قامت به سلطة صنعاء يمثل موقف وإرادة الشعب اليمني من صعده للمهرة ومن سقطري حتي كمران وتلبية لرغباته وهو الشعب الذي ما أنفك يوما أو تخاذل يوما عن نصرة أشقائه في فلسطين وفي كل بلدان المسلمين، وما هو شاذ واستثنائي هو ما نتابعه في مواقف دعاة ( الشرعية) وأذنابها الذين لم يفصلوا بين خصومتهم لأنصار الله وبين الموقف الإيجابي المشرف وطنيا وقوميا وإسلاميا وإنسانيا وحضاريا الذي صنعه أنصار الله والجيش اليمني والقوات الصاروخية وسلطة صنعاء، موقف لا ينتقص منه إلا عميل وخائن أو غبي وجاهل لا يدرك أنه وأن سخر أو أنتقص من موقف كهذا إنما يسخر وينتقص من قيم شعب وقناعته ومن إرادة وطن أسمه اليمن..؟!
بغض النظر عن تأثير العمل ومؤثراته علي العدو وهو أثر ومؤثر، ورغم ذلك عكس أبواق ( الشرعية) في مواقفهم حقيقة أرتهانهم وعمالتهم وتبعيتهم لأعداء اليمن وفلسطين وأعداء العروبة والإسلام، وهو مسار لا يستر من يسير فيه بل يلقي بكل من يسير فيه عاريا علي قارعة الطرق بعد أن يكون قد جردهم من كل القيم والاخلاقيات ومن إنسانيتهم وهويتهم وأنتمائهم.
أن صنعاء بمواقفها أثبتت لكل العالم أنها دولة ودولة ذات سيادة وتملك قرارها وتعبر عن إرادة وتطلعات شعب يمني حر وأبي وكريم يتفاعل مع كل قضايا أمته العربية والإسلامية ويتفاعل مع كل الأحداث إنسانيا وحضاريا وهو شعب ُمعلمْ يحمل من القيم والمشاعر ما يجعله يتخذ موقف شجاع وجرئ ويخوض مواجهة مع عدو الأمة تعبيرا عن مشاعر شعب وأستجابة لندأته بنصرة أشقائه في فلسطين فجأت أستجابة صنعاء نزولا عند هذه الرغبة التي لم يستوعبها أولئك الذين أضطروا لمهاجمة هذا الموقف الشجاع، خشية من أمريكا التي يستمدون منها شرعيتهم ولهذا هم ينساقون فعليا خلف فتوي ( إمام آل سعود، الذي أعتبر ما يجري في فلسطين فتنة) ؟!
هذا ( المفتي العلج) الذي لا علاقة له بالدين ولا علاقة له بالعروبة، لم يقول هذا في العدوان علي بلادنا ولم يصفها بهذا الوصف بل دعاء علي شعبنا داخل الحرم وأعتبرنا ( مجوس وروافض) أي (عبدة النار)..؟!
(سلطة عدن) العاجزة عن دخولها والنوم فيها والعائشة في فنادق الرياض والمنصبة من قبل أمريكا وحلفائها علي شعبنا الذي لا يعترف بها ولا يحترمها، لم تكتفي بالتقليل من موقف وقرار القوات المسلحة اليمنية وقيادة أنصار الله ممثلة بالسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي _حفظه الله ورعاه وأيده ونصره _بل راحت تجير هذا الأنجاز المشرف تارة لإيران التي نشكرها ونثني علي مواقفها الإسلامية والثورية الثابتة، وتارة يقولوا أن ( أمريكا) هي من تدعم صنعاء والحوثي وتشجعه علي ( الشرعية) وكأن قائد الشرعية تشي جيفارا، ورموزها أعضاء في( الجيش الأحمر الياباني)..؟!
لقد سجلت صنعاء وقيادة أنصار الله والجيش اليمني وقواته الصاروخية بصواريخهم ومسيراتهم موقفا لم يقدر علي الأتيان بمثله كل جيوش الامتين العربية والإسلامية وهذا الموقف بالتاكيد أثار غضب ( الشرعية) وأذنابها وأبواقها لدرجة أنهم فقدوا القدرة والوعي في التعامل معه والتقليل منه فبدأ خطابهم مرتبكا ونزقهم بائنا فعجزوا حتي في إنتقاء المفردات التي ربما يتقبلها المتلقي بعض الوقت وليس كل الوقت وهذا فعل طبيعي لأن من رهن نفسه وقبل بحياة التبعية يجهل وقت الأحداث الكبيرة في كيفية التعامل معها خاصة أن كان مشغلهم، مشغول عنهم وغير مستعد للتوقف كي يلقنهم مفردات ما يجب عليهم قوله وتسويقه.
تحية لصنعاء عاصمة الجمهورية اليمنية، وتحية لقيادة أنصار الله ولقواتنا المسلحة الشجاعة ولقواتنا الصاروخية التي تؤدي رسالتها دفاعا عن السيادة الوطنية والوجود القومي والاسلامي، ولا نامت أعين الجبناء.
إضافة تعليق