شكوت إلى حمادي أن ثمة كائنات تريد أن تفهم المحبة على نحو مختلف، سعيًا منها لتطويعها كما طوّعت الجملة الدينية لصالحها من قبل. (ملحوظة: المحبة التي يتغنون بها هي محبة من نوع خاص لا تشبه تلك المحبة الشاملة التي نعرف، وبالتالي هي ليست منها في شيء.. لأن المحبة لا تعرف التجزئة.) أقول: يريدون فهم المحبة كما يحلو لهم، وإلى جانبها لديهم أيضًا الكراهية. تصور؟ أتحدث هنا عن الوعي الذي هشّم أرواحهم وهم لا يعلمون. ووقت الحاجة يتم اعتماد هذه أو تلك بما يتناسب وواقع الحال؛ يحبون أصدقاءهم ويكرهون خصومهم. ونحن نعرف أن الكراهية جريمة، والمشكلة أنهم يمارسونها، أي الكراهية، كما لو كانت حقًا أمرًا إلهيًا من الله. فكيف ترى هذا يا صديق؟ ... أجاب حمادي وقال: إذا قال لك الأعمى إنه لا يرى الضوء ولا يوجد شيء اسمه ضوء أو نور، فكيف تجيبه؟ سوف تجد صعوبة كبيرة في الحديث معه، إلا أن تسلم بما يؤمن به. وهو في الأصل معذور لأنه بالفعل لا يرى الضوء.. وطالما هو لا يراه، إذًا كيف عليه أن يتفق معك ويوقن بوجوده؟ وعند هذه الحالة كل ما يحتاجه هذا الكائن الإنسان أن ينقش عينيه؛ أن يفتحهما للرؤية. إن لم يفعل لن يضر غير نفسه، وفي عثرات الطريق سوف يقع. كيف يتسلل شعاع الشمس إلى الحجرة إن لم تفتح النافذة؟ ادع الله لأجله، وساعده إن استطعت ولا تزده مأساةً فوق ما هو عليه، وإياك أن تسخر فإن الله يأمر بالحب والإحسان. وفي تراث الشرق الكبير قصة شهيرة رُويت عن أعمى في زمن سيدارتاه، بإمكانك البحث عنها وقراءتها. وعن هؤلاء الذين ذكرتَ، يُنتظر منك منحهم المزيد من الحب والشفقة؛ حتى تستطيع مساعدتهم؛ هذا في حال كنتَ أهلًا لذلك. وإلا فعليك أن تبدأ بنفسك أولًا حتى تساعد غيرك ثانيًا. اتفقنا فيما سبق أن تبدأ من الداخل. لا تُشغل بالآخرين، بل بنفسك أولًا؛ حتى تفيض. الله نور. وبنور الحب يحيا الإنسان. ...