ثُم ها هو يغادرنا شهر رمضان المبارك ، ما هي إلا أيامًا قليلة وتنتهي الثلاثين يومًا دون أي شعور منّا ، ما هي إلا أيامًا ويتغير كل شيء ، سيودع المساجد كثيرًا من الصفوف ، كتاب الله سيعود إلى رفهِ القديم ، ستختفي التسبيحات ، المساوك ، السجادات ، المنشورات الدينية ، صور العرض الدينية ، الرسائل الجماعية ستتغير ، أذان المغرب سينتهي الشغف بقدومه ، أذان الفجر ستنام العيون الساهرة من أجله ، سيتغير كل شيء دون أي شعورًا بالخزي ولو للحظات من اولئك الذين يعتادون على ذلك في كُل عام .
أيامًا قليلة وتعتلي المنارات بصوت التكبير ، تبدا صلاة العيد ، يرتفعُ صوت الخطيب ، تنتشر الناس لزيارة ارحامهم ، أولئك الناس الذين لا يعرفوا أرحامهم سوا في هذا اليوم ، ثُم تكثرُ الأتصالات ، تنتعشُ الحارات بقريح الأطفال ، تزهو بلبسهم الجديد ، بإبتسامتهم الموحدة ، وبربريتهم النقية الخالية من الحقد والحسد ، والشقاء والنكد . ستبتسم الأطفال رغم كل شيء يحدث ، ستتكفل بضيافة هذا العيد كما كُنّا نفعل حيثُ كنّا صغارًا ، أما نحن فقد مات الشغف بنا تجاه كل فرحة وبهجة ، نحنُ فقط نحاول أن نسعد صغارنا رغم كل شيء ، نحاول أن نشاركهم فرحتهم ، بسمتهم ، نلتقط لهم الصور ، نأخذهم الحدائق ، يلعبون ، نشتري لهم الحلوى ، الزبيب ، اللوز ، والفُستق . لا أحدًا ينكر أنه لا يفعل كُل ذلك من اجل صغاره وعائلته .
لكن من يشعر بذلك الطفل الذي لا يقدر على صُنع إبتسامة واحدة على غرار ما يفعله الآخرين أمام عينه ، بدلاتًا جديدة ، وحلوى لذيذة ، وعيدًا سعيد ..كيف سيكون شعور ذلك الطفل البريء من كل ما يحدث ؟! ما المانع له في أن يبتسم كما يفعل هؤلاء ؟! أمهاتهم لا تنام ، تتسع فيهن ثقوب القلب ، ينتشرُ الوجع ، تنزفُ العين بكاءً ، ينشفُ الريق أرقًا ، يبهتُ الضوء كسجنًا ، يزداد الليل سوادًا ووحشة ، الأصوات في الخارج كأنها أشباح وما هي إلا طيورًا تزقزق ..ذلك هو شعور تلك الأسر وذلك هو شعوري في كل عيد ..أتضامن معهم من حيثُ لا يعلمون ..أتوسل لله معهم ، أدعوه تضرعًا إلا يترك طفلًا إلا ورسم لهُ إبتسامتهُ وحقق لهُ حلمه ..
أصنعوا لأولادكم فرحتهم وأصنعوا لمن ينظرون لكم من بعيد ما أستطعم .
ثُم سلامي لأولئك الذين لا يذكرونا إلا في الأعياد والمناسبات ، أصحاب ..جمعة مباركة ، وشهر مبارك ، وعيد مبارك ! سأغلق هاتفي في العيد كي لا أقتلكم بالتب عقب كل رسالة .
دمتم بخير وكل عام وما منكم خير سوا هذه الرسائل المقززة
#_عيدًا_سعيد_أطفالي_اليتامتى_أمهاتي_الثكالى!
إضافة تعليق