سهير رشاد السمان*
استطاعت المرأة اليمنية على أكثر من صعيد أن تعمل على تفعيل القرار الأممي 1325 الصادر عن مجلس الأمن لعام 2000، فكان أن الكثير من النساء نضمن صفوفهن وأنشأن العديد من المنظمات والجمعيات والمنتديات لأجل إحلال عملية السلام وضمان مشاركة المرأة في مختلف الميادين والأنشطة المجتمعية ولتضمن مشاركة فعالة في العملية السياسية، وقد كانت مشاركة العديد من النساء اليمنيات من خلال هذه المنظمات التي أدت دوراً مهماً في نشر الوعي لدى المجتمع والذي سعت من خلالها إلى تطبيق ما دعت إليه الأمم المتحدة في قرارها 1325 الذي يدعو إلى زيادة مشاركة المرأة وإدماج المنظور الجنساني ( النوع الاجتماعي) في سبيل تحقيق السلام والأمن، بما في ذلك مشاركة المرأة في عمليات اتخاذ القرار والسلام ومنذ ذلك الحين، اعتمد مجلس الأمن عدداً من القرارات المتعلقة بالمرأة والسلام والأمن.
وبعد اندلاع الحرب في اليمن عام 2015، وازدياد وتيرتها اضطرت كثير من النساء والناشطات والإعلاميات إلى مغادرة البلاد، متجهات إلى أكثر من بلد عربي وأجنبي، ولكن خروجهن لم يوقف مسيرتهن في الاستمرار لتطبيق عملية السلام، ليرتفع صوتهن من الغربة للمناداة بإيقاف الحرب، وإحلال السلام، فمنذ الأشهر الأولى للحرب التي أثرت على الحياة العامة لليمنيين منذ 6 سنوات، عملت مكونات نسائية على بذل جهود مضاعفة للدفع بعملية السلام وإيقاف الحرب من خلال الضغط على أطراف الصراع.
وانطلق أول صوت نادى بالسلام، وهو مكون التوافق النسوي اليمني من أجل الأمن والسلام، الذي بدأ جهوده في أكتوبر 2015. وواصلت النساء جهودهن ومطالبتهن بالسلام دون كلل، على الرغم من تهميشهن واستبعادهن من العمل السياسي الرسمي والمؤسسات السياسية.
وتوالت جهود الكثير من أجل الضغط على صناع القرار وأطراف الصراع لوقف الحرب والاقتتال، والعودة إلى العملية السياسية لمصلحة جميع الأطراف.
ومن الشتات اجتمعن النساء مرة أخرى في القاهرة لإنشاء "شبكة أصوات السلام النسوية" والتي كان هدفها لم شمل الأصوات النسائية، فعقدت العديد من اللقاءات والدورات التدريبية والندوات، التي تؤهل النساء الموجودات في القاهرة للمشاركة الفاعلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واتسعت "شبكة أصوات السلام النسوية" لتضم نساء يمنيات من داخل اليمن وخارجه، ومع انتشار جائحة كورونا في جميع الدول، انطلقت "مجموعة التسعة" في أواخر العام 2019، بدعم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة، والتي جاءت من واقع الحاجة للعمل النسوي المشترك، بما يعزز من دعم وتفعيل وتوحيد جهود المكونات النسائية لتطبيق القرار الأممي 1325 الخاص بالمرأة والأمن والسلام.
وتعمل هذه المجموعة عبر التمكين والحشد، وتهدف إلى السلام المستدام والدفاع عن حقوق المرأة، والتركيز خلال هذه الفترة على مراقبة مسار السلام ودعم النساء في الجلوس حول طاولة المفاوضات و صولاِ لعملية سلام كاملة”.
من جهتها تقول تهاني الخيبة، منسقة "التوافق النسوي في مجموعة التسعة"، إن جهود المجموعة كانت جبارة، إذ قمنا بحملات من أقوى حملات المناصرة التي عرفناها في الفترة الأخيرة، حيث عملت 9 مجموعات في وقت واحد، وزخم إعلامي غير عادي لتوصيل رسالة موحدة، وهي وقف الحرب استجابة لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة والمبعوث الأممي لليمن، إلى وقف الحرب، واستجابة لمواجهة فيروس كورونا.
وكانت هذه الحملات فرصة للضغط على أطراف الصراع والوصول لحل سلمي في اليمن، وتوحيد الجهود لمواجهة كورونا في ظل خسارة البلد كثيراً من الكوادر الطبية، وهشاشة القطاع الصحي في اليمن، وفق الخيبة.
ومن خلال هذه الحملة كانت هناك لقاءات كثيرة مع أطراف الصراع والفاعلين الدوليين، وصوت النساء ارتفع بشكل كبير جداً مؤثر، كما تقول.
العمل الجماعي في إطار تكاتف الجميع له مردود إيجابي، كما تقول الإعلامية فاطمة مطهر، مؤكدة أن الضغط والتكرار المُلح والمدروس والناضج سيكون له تأثير ودعوة لإشراك النساء والشباب في عملية السلام وبناء الدولة بكل مفاصلها.
وتضيف مطهر: “حرصت هيئة الأمم المتحدة للمرأة في اليمن على أن توحد هذه الجهود تحت مسمى مجموعة واحدة لتكون أكثر قوة، ووصولاً إلى أكبر عدد ممكن من المستهدفين”.
وكان أول اجتماع لهذه المجموعة بشكل رسمي في مؤتمر وسيطات السلام الذي دعمته ونظمته هيئة مكتب الأمم المتحدة باليمن، وبرعاية من مكتب المبعوث الأممي الخاص لليمن، خلال الفترة 27 - 30 مارس 2019م.
ويعتبر الاجتماع أكبر تجمع نسوي من أجل السلام ومناقشة الآليات وما يمكن أن تعمله هذه المكونات جميعاً من أجل السلام وتفعيل القرار 1325.
وتعمل الحملة من داخل وخارج البلد، وبقيادة نسوية وشبابية تنشد السلام وتنبذ الحرب والصراعات، ونظمت الكثير من الأنشطة، منها عدد من اللقاءات مع الفاعلين الدوليين والمحليين في الملف اليمني، وبثت برامج إذاعية وتلفزيونية في مختلف المحافظات.
وعقدت الحملة لقاءات مع المعنيين والوسطاء المحليين في ملفي الأسرى وفتح المعابر ضمن محور تدابير الثقة، ولقاءات جمعت شخصيات وطنية وقيادات نسوية لمناقشة القضايا التي تخص السلام، وصممت رسومات كاريكاتورية، وصور فوتوغرافية معبرة من واقع المرأة اليمنية، وأفلام قصيرة، حول عدة قضايا منها قضية العالقين في الخارج، ونداءات السلام، وفيديوهات توعوية عن كوفيد 19 وربطها بالسلام، وقضية النازحات والأسرى والمعتقلين والمخفيين في ظل الجائحة.
الجدير بالذكر أن مجموعة التسعة تضم 9 شبكات بقيادات نسوية وشبابية، هي: التوافق النسوي اليمني من أجل الأمن والسلام، تحالف شركاء السلام، جنوبيات من أجل السلام، أصوات السلام النسوية، القمة النسوية، صانعات السلام، شبكة نساء من أجل اليمن، المجلس الاستشاري الشبابي، ومنصة شباب وعي، ينضوي تحتها ما يزيد عن 1000 من الفاعلين الشبان والشابات والخبرات والكفاءات النسوية في المحافظات المختلفة والمهجر، وجميعهم شركاء في صنع السلام والدفع بالعملية السياسية نحو التفاوض والحل السلمي ووقف الحرب في اليمن.
ترجمة للقرار الأممي رقم 1325 الصادر في العام 2000م كأول قرار سياسي لمجلس الأمن يهدف إلى ربط تجربة النساء في النزاعات المسلحة بمسألة الحفاظ على السلام والأمن الدوليين وهذا ما نطمح إليه كنساء أن نعيش في سلام يحقق لنا الآمال بحياة سعيدة ويبعد عنا مآسي هذه الحرب العبثية التي ليس لنا فيها ناقة ولا جمل وأهلكت الحرث والنسل وجعلتنا ندفع أثمان من حياة خيرة شبابنا.
أن الهدف من هذه المجموعة تفعيل هذا القرار الذي ظل يراوح في مكانه بسبب عدم الرقابة على تطبيق القرار في حرمان عدد من الكفاءات النسائية في حق المشاركة الفعالة في الجهود المبذولة لصنع السلام ومنع نشوب الحرب أو الصراع وقد تضمن القرار المشار إليه أنفا المرتكزات الأربعة لجدول أعمال المرأة والسلام والأمن وهي
- المشاركة الكاملة والمتكافئة والتمثيل على جميع المستويات أتخاد القرار.
- منع النزاعات وحماية خاصة لحقوق المرأة أثناء النزاعات.
- التعافي من حيث إمكانية المساهمة في عملية إعادة البناء والأعمار.
سهير السمان
*عضوة شبكة أصوات السلام النسوية