قصة يعرفها من عاش في عدن أيام الحرب، وسمعتها من زبائن في عدن وكمان حدثت في أثناء الحرب في أكثر من محافظة تعز وصنعاء ومأرب وغيرها .
أندلعت الحرب في عدن 2015 ، وتصاعدت بشكل سريع في أكثر من منطقة بعدن، في الشيخ .. خور مكسر .. دار سعد .. البريقة ..
في بدايتها كان كل المواطنين يعتقدوا أنه بيتم حسمها بشكل سريع، خصوصا لما التحالف بدأ القصف على جميع المحافظات، وعشان كذا ما في حد وضع في باله الاستعداد لمواجهة الحصار أو النزوح، حتى صار الوضع الأمني سيء والحرب في كل شارع، هنا أغلقت المحلات وفي مقدمتها البنوك ومحلات الصرافة والمواطنين تحاصروا في مناطقهم وبيوتهم، ووصل القصف للبيوت وكان الوضع مرعب بكل ماتعنيه الكلمة ، فالناس مهددين بالموت تحت القصف أو بالموت جوعاً، لأنه خلصوا المواد الغذائية في بيوتهم، وكمان الكثيرين وضعهم المادي تحت الصفر، فتخيل الواحد لا يملك قيمة قطمه رز أو كيلو دقيق، واللي معاه طفل رضيع ما عنده قيمة حليب، مع أنه كان البعض يقدر ينزح إلى مناطق أخرى، بس كمان ما عنده تكاليف السفر في وضع زي كذا ، يمكن الواحد يلجأ إلى أي شخص قريب أو صديق أو معروف في محافظات ثانية، أو حتى مغترب عشان يرسل له حواله مالية ويقدر يتصرف ويشتري أكل لأسرته، لكن كمان البنوك وشركات الصرافة خافوا على أموالهم وعلى موظفيهم، وما كان عندهم استعداد يخاطروا ويبقوا شغالين في وضع الحرب وغلقوا ونزحوا من بدري أو أخذوا احتياجاتهم وبقوا في بيوتهم..
وحده بنك الكريمي بقى بجانب المواطن في عدن وهذا يعرفه كل الناس هنا..
الشوارع مغلقة ومقطعة، والاشتباكات والانفجارات لا تهدأ، والكريمي فاتح وحقه العمال في أماكنهم صامدين ينتظروا أي مواطن يدخل ويخارجوه بسرعة..
تجي له أوامر بالاغلاق من القوات المسيطرة على المنطقة، ويروح يفاوضهم عشان ما يغلق في وجوه الناس ..
وصلت الشظايا والرصاص إلى فروعه ودارات المواجهات حوله والعمال صامدين كأنهم جبهة لوحدهم .
كان الزحام في الفروع يوصل للشارع، والناس كانوا في قمة سخطهم وأصواتهم ترتفع على الموظفين، وهم يشتغلوا بصمت وهدوء وحب للجميع، رغم الضغط والارهاق والخوف اللي في كل مكان والله كان بعض المواطنين وحتى العوائل ينامون بجنب الفروع عشان يبكروا الصبح يستلموا حوالاتهم ..
رغم قساوة الأوضاع والحرب والخراب والخطر لم يحدث أي استغلال من البنك لأي زبون، وبقيت العمولة كماهي ، مع أنه لو رفع حتى أضعاف محد بيعترض ولا بيتكلم، لأنه الوحيد اللي مخاطر بأمواله والعمال مخاطرين بأرواحهم ما هموا قصف ولا شظايا ولا سطو ولا عصابات.
أيش اللي يخلي العمال شغالين أكثر من 15 ساعة متواصلة ويجي لهم الأكل من الشباك؟
أيش اللي يخليهم يتحملوا ضغط الزحام والخوف وانفعالات الزبائن بسبب الهلع والخوف؟
أيش اللي يخلي بنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي يخاطر بتوفير الأموال ونقلها بين الفروع في وضع خرب شاملة؟
أيش اللي يخلي الكريمي في كل منطقة يروح يفاوض الجهة المسيطرة عشان يسمحوا له يبقى فاتح ؟
العموله نفسها لم تزيد حتى فلس واحد.. سعر الصرف هو نفسه لم ينقص ريال ،
الأموال يوفرها ولا زبون يخرج بدون حوالته
أليس هذا درس عظيم في الوطنية والاحساس بالمسئولية..
أليس هذا درس عظيم في التضحية والوقوف مع الناس في الأزمات والحروب ..
أليس هذا درس عظيم في الأخلاق وحب الخير
أليس هذا درس عظيم في إدارة الأزمات والبقاء شغال في أوج الحرب والاشتباكات .
تحية حب وإجلال لبنك الكريمي وقيادته وموظفيه فرداً فرداً..
تحية للقيم اللي يحملوها وتجعلهم يعملوا بإنسانية واحتراف في كل الظروف والأوضاع.