خالد عبدالواحد- السلام نيوز
بين العمل والدراسة يقضي مراد محمد جل وقته، فمن أجل توفير لقمة العيش لأسرته المكونة من ثلاثة أفراد وتوفير ايجار منزله، وأيضا تحقيق رغبته بإكمال دراسته الجامعية للحصول على شهادة البكالوريوس، بقسم اللغة العربية في جامعة صنعاء.
مراد كغيره من طلاب اليمن لم يكن في مأمن من فيروس كورونا، إذ تعرض للإصابة بالوباء، العام الماضي مع أسرته أيضا، لكنه لم يكن قادرا على الذهاب الى الطبيب، لعدم قدرته على دفع تكاليف الدواء، فلجأ الى استخدام المسكنات وبعض الأدوية المضادة للفيروسات، وأيضا الإكثار من تناول الأطعمة والمشروبات الحمضية والأعشاب التي يعتقد أن لديها القدرة على مكافحة الفيروسات.
يقول مراد "كنت أعمل في صيانة الهواتف النقالة التي تستورد من خارج اليمن، والتي يتم تجديدها وبيعها بأسعار منخفضة مقارنة بالهواتف الجديدة، في أحد المحال التجارية بصنعاء، لكن مع ظهور فيروس كورونا، توقف استيراد الهواتف بسبب المخاوف من تفشي الوباء، بالإضافة إلى انعدام قطع الغيار، التي تستورد من الصين، إثر توقف المصانع هناك، وأيضا صعوبة تصدير المواد إلى اليمن بسبب إغلاق المطارات والمونئ البحرية".
"كنت أعمل براتب شهري، يصل إلى مائة الف ريال، (180 دولار) ومع صعوبة وصول قطع غيار الهواتف وانعدامها في السوق، وعقب إغلاق المنافذ سرحني صاحب المحل مع مهندسين آخرين، مطلع العام الماضي وليس لدي أي مصدر دخل آخر". يضيف مراد
توقفه عن العمل جعله يتجه نحو دراسته، فكرس كل جهده للمذاكرة والدراسة لتحقيق حلمه، لكن الجامعة هي الأخرى أغلقت أبوابها مع بداية تفشي الوباء، في العام 2020، ومع عودة الدوام الجامعي عاد مراد مع زملائه الى جامعته، حتى يكمل تعليمه رغم ظروفه المعيشية الصعبة.
"استغليت كل أوقات فراغي في المذاكرة، وكنت استدين المال لتوفير لقمة العيش، حتى أكملت المستوى الثالث، ومع بداية العام الجاري بدأت العمل في صيانة الهواتف للزبائن، في أحد المحلات، مقابل أجر يومي زهيد إلا أن الإقبال من قبل الزبائن ضئيل، ولا يفِ المال الذي اتقاضاه والذي لا يتعدى 2000 ريال في اليوم (نحو ثلاثة دولارات) بتوفير الحد الادنى من متطلبات الحياة الأساسية ". يضيف مراد.
وكانت حكومة صنعاء قد أعلنت في مارس 2020 إغلاق الجامعات والكليات والمدارس وصالات الأعراس، والحدائق والمتنزهات والمنافذ البرية والبحرية والجوية، ضمن الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي الوباء في موجته الأولى.
ولا يختلف حال غادة لطف "اسم مستعار"، كثيراً عن حال مراد، إذ يعمل والدها مندوبا في المستشفى الألماني الحديث وأصبح كبيرا في السن وتأثرت صحته بتفشي كورونا فأصبح السعال يلازمه بين فترة وأخرى مما جعله يستقيل عن العمل بإصرار من أسرته، ما اضطر غادة الى العمل لمساعدة الأسرة في توفير مصروفات المنزل.
تقول غادة، ذات الثلاثة والعشرين عاما "وجدت نفسي وأخوتي بحاجة إلى عائل فاضطررت إلى العمل أثناء دوامي الجامعي وتغيبت كثيراً عن المحاضرات".
وترغب غادة التي تعمل محاسبة في معمل لصنع الحلويات في استكمال دراسة الماجستير قسم المحاسبة بكلية التجارة في جامعة صنعاء، بعد أن تخرجت هذا العام إلا أن حلمها هذا سقط أمام احتياجات البيت وضرورة سد احتياجاتهم".
وحتى شقيقيها الاصغرين اللذين يدرسان في جامعة صنعاء أحدهم سنة أولى في كلية الحاسوب والأخر سنة ثالثة بكلية الآداب تركا الدراسة في الجامعة وأضحيا يعملان في قسم الاستقبال بالمستشفى الألماني الحديث ويذاكران بعد الدوام ولا يحضران الجامعة الا عندما يحين موعد الاختبارات فقط.
وتختم غادة حديثها، "أما أنا فحلم استكمال الدراسة يولد ويموت بين سنة وأخرى، إذ كلما تضاعفت تأثيرات كورونا وتأثر أبي نفسيا وصحيا، مات أملي أكثر، وكلما سمعت عن تلقيح لمكافحة المرض والحد من انتشاره ولد الأمل لدي مرة أخرى".
للحرب تأثير سلبي كبير على التعليم، حيث أدت الى تردي الوضع الاقتصادي للأسرة اليمنية وانقطاع الرواتب، فتضررت طائفة الشباب في الأسرة، ما اضطر حالات كثيرة إلى ترك تعليمهم الجامعي والبحث عن مصدر رزق لأن معيلهم اصبح عاجزا عن تأمين مصروفات الأسرة تقول هدى الصايدي رئيس قسم اللغة العربية بجامعة صنعاء.
واكدت الصايدي أن هناك طائفة من الشباب استطاعت الجمع بين الدراسة والعمل، لكنهم ظلوا يواجهون عقبة صعوبة التنسيق بينهما ما ادى إلى ضعف التحصيل العلمي لدى هذا المخرج، وتحول كثير من المواد التطبيقية لديه إلى مواد نظرية لاتعطيه المحتوى المأمول والمهارة المنتظرة.
وأضافت الصايدي "جائحة كورونا معولاً آخر يقوض بنيان التعليم لاسيما التعليم العالي إذ فُرضت محاضرات مكثفة اثقلت كاهل الطالب أحيانا، ناهيك عن الاعتماد على التعليم الإلكتروني أحيانا أخرى.
لافتة الى ان التعليم الالكتروني في اليمن يعد معضلة بكل المقاييس إذ يمثل طموحا في وضع لايستطيع تنفيذ المعقول، فهناك عقبات مادية تقف حائلا دون نجاح هذا النمط من التعليم الذي يفترض ان تكون له بنية تحتية قوية تتوافر فيها عوامل النجاح له كالكهرباء والأجهزة الالكترونية والانترنت، وجميعها عوامل تكاد تكون منعدمة".
"تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR - صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا"