يعدّ اليمن أرضًا خصبة لإنتاج أجود أنواع المسواك المستخرج من شجرة الأراك في العالم، حيث يستخدم المسواك كفرشاة طبيعية لتنظيف وتطهير الأسنان، كما أن له فوائد اقتصادية على عدة مستويات.
ورغم الحرب، لا يزال اليمن يصدر أكثر من مليوني مسواك، خاصة للسعودية وعموم دول الخليج، بحسب إحصاءات غير رسمية. غير أن عدم خضوع تجارة المسواك وزراعة الأراك، للرقابة والتنظيم من قبل الهيئات والوزارات المختصة، جعلت العاملين في هذه الصناعة عرضة للاستغلال من قبل حيتانها.
تنبت شجرة الأراك بشكل طبيعي في العديد من المناطق ذات الحرارة المرتفعة، وتكثر بشكل كبير في الأودية والمناطق الرملية، خاصة في محافظات الحديدة وصعدة وحضرموت والجوف ومأرب وإب.
ويُستخرج السواك من جذور شجرة الأراك التي يبلغ عمرها ما بين سنتين إلى ثلاث سنوات، ويكون المسواك وقت استخراجه جافًا أو أخضر، قبل أن يهيّأ لبيعه.
يقول صدام الهارب، وهو تاجر يبيع المسواك: "من يعمل في استخراج المسواك من شجرة الأراك، يجب أن يتمتع بالمهارة"، موضحًا أنه ليس أي جزء من جذور الشجرة يقطع لاستخدامه كمسواك، وللقطع طريقة خاصة.
ويوضح الهارب " أن العامل يتقاضى مقابل نزع 100 عود مسواك أراك نحو ستة آلاف ريال أي ما يساوي تقريبًا 24 دولارًا.
وتجمع أعواد المسواك المستخرجة من الأراك في منطقة واحدة بالعاصمة صنعاء، ومنها توزع لمختلف المناطق في اليمن وخارجها، عبر تجار لهم باع طويل في هذه المهنة، حيث يباع 200 عود طويل من أعواد المسواك مقابل 17 ألف ريال (68 دولار) داخل اليمن.
تستمر التجارة مع الحرب، فدول الخليج تستهلك الكثير من المساويك. لكن الخسارة تزيد بالنسبة للتجار والعمال، إذ يشكو الهارب من ارتفاع أجرة نقل المسواك من مناطق استخراجها إلى منطقة التجميع في صنعاء، بسبب الارتفاع العام في أسعار النقل، لشح المواد البترولية، كإحدى الآثار المباشرة للحرب.
مرحلة تالية في رحلة المسواك من الأراك ليد المستهلك، تتمثل في تاجر التجزئة، وهؤلاء عادة ما يبيعون المساويك أمام المساجد، أو في محلات العطور والزهور أو الشوارع المكتظة بالناس كباعة جائلين.
عباس البجيلي، 25 عامًا، من محافظة الحديدة، هو واحد من مئات الشباب اليمنيين الذين توارثوا بيع المساويك عن آبائهم وأجدادهم. يحكي لـ"التراصوت" كيف يقضي يومه في تلك المهنة، فيقول: "اعتدت بيع المساويك منذ 15 عامًا مع والدي الذي يأتي بها من مناطق متفرقة. نشتري المساويك من تجار الجملة ونبيعها في الأسواق وأمام المساجد".
استغلال الشركات
ما يصدّر من المساويك اليمنية هو أجودها. ويعرف المسواك بجودته من خلال طعمه المر وشكله الحلزوني ولونه الأبيض. ويكثر الطلب على المسواك اليمني أكثر من غيره في الخليج، وتتنافس شركات خليجية على استيراده من اليمن، لتغليفه وبيعه في الأسواق المحلية.
غير أن تصدير ملايين المساويك للخليج لا يؤتي بثماره كما قد يُعتقد، إذ "لا تدفع الشركات السعودية المستوردة مبالغ تناسب جهود العمال اليمنيين الذين استخرجوا وجهزوا أعواد المساويك"، كما يقول محمد الهلاني، مدير العمليات بوزارة الصناعة والتجارة اليمنية، مشيرًا إلى استغلال الشركات لحاجة اليمنيين الذين يمتهنون تجارة المسواك واستخراجه.
ويضيف الهلاني في حديثه ": "المشكلة أن هذا الاستغلال يحدث منذ زمن دون أن يكون هناك تحرك من قبل الجهات المعنية في اليمن، بما فيها وزارتي"، مشيرًا إلى عدم وجود إحصائية رسمية لتصدير المساويك للخارج بسبب كثرة عمليات التهريب.
في المقابل، فإن الشركات التي تحصل على المسواك من اليمن بأسعار زهيدة، تبيعه بأضعاف أثمانه، فوفقًا لمواطنين سعوديين، وصل سعر حزمة المسواك (نحو 50 مسواكًا) الأكثر طراوة إلى 300 ريال سعودي أي 80 دولارًا، علمًا بأن سعر 200 عود أراك في اليمن لا يتجاوز ما يساوي 70 دولارًا.ultrasawt