تستمر الاحداث ومستجداتها في غربلة الدول والشخصيات وفرز مواقفها، وبيان حقيقتها لجموع الناس. التواري خلف المواقف الرمادية قد يخدع ولو حتى حين، لكنه لا ينفع ولا يقنع، وسرعان ما يفضح صاحبه فيقع، ويسقط مع الساقطين في المستنقع!.
أن تكون عربيا ومسلما، ومؤيدا للكيان الاسرائيلي، فهذا يعني أنك صهيوني بامتياز. حدث هذا للأسف مع حكومات وشخصيات عربية ويمنية ايضا، بينها طارق محمد عبدالله صالح، صار مناهضا لاستهداف الكيان الاسرائيلي ومصالحه، وحارسا لها!.
كان بمقدر طارق أن يلتزم الصمت حيال العدوان الاسرائيلي الغاشم على غزة، وجرائم الحرب والابادة التي يرتكبها بحق الفلسطينيين. كان يمكنه ايضا ان يستمر في خداعنا ويطلق تصريحات قوية تؤكد حق المقاومة للكيان الاسرائيلي، وتؤيد اشكالها.
نعم، كان طارق صالح يستطيع ان يستأذن التحالف بقيادة السعودية والامارات، وقيادة الكيان الاسرائيلي، بأنه مضطر للظهور بخطاب قريب من مواقف اليمنيين، ويلبي تطلعاتهم في دعم المقاومة الفلسطينية للكيان الاسرائيلي، وتأييد أي استهداف له.
لكنه لم يفعل هذا، على العكس جاهر بتبنيه موقف السعودية والامارات، واميركا وبريطانيا وفرنسا، في إدانة المقاومة الفلسطينية، وإدانة كل استهداف للكيان الاسرائيلي ومصالحه وسفنه، وإدانة المقاومة اليمنية للكيان، بوصفها "هجمات ارهابية ايرانية"!!.
جاء هذا الموقف المخزي من طارق صالح، بعد زياراته الاخيرة الى كل من الاردن ومصر وجيبوتي، ليؤكد ما ذكرته تقارير اخبارية عن أنه التقى خلال الزيارات قيادات عسكرية صهيونية ونسق معها آليات "الاضطلاع بمهمة حراسة السفن الاسرائيلية"!.
لم يضع طارق صالح أي اعتبار حتى لمسمى "المقاومة"!!. وفي حين يجعله اسما لقواته الممولة من الامارات؛ فإنه ينكر فعل "المقاومة" على الفلسطينيين ويتنكر للمقاومة الفلسطينية، في جميع تصريحاته وخطاباته وتغريداته، ومكتبه السياسي، وإعلامه!!.
صار اليوم يردد "حماية الملاحة الدولية" اكثر من ترديد عبارته الاثيرة "استعادة الجمهورية"!. رغم أنه يعلم اكثر من غيره ان الملاحة الدولية ظلت امنة طوال سنوات الحرب، وأن سفن الكيان الاسرائيلي والمرتبطة به وحدها المستهدفة دعما لفلسطين ومقاومتها.
لقد رفع البشر الاسوياء، الاحرار الشرفاء، من كل العرقيات والاجناس، رايات علم فلسطين، تضامنا مع الحق ونصرة له. لكن طارق صالح رفع علم الامارات وحظر علم فلسطين في "جمهوريته" الساحلية، وأي تظاهرات أو تبرعات لدعم المقاومة الفلسطينية!!.
تجاوز هذا الموقف الموارب والمخزي، امكانية التغرير بالمستمع والمتابع، ولم يفعله حتى علي عبدالله صالح، إذ ظل يردد تصريحات داعمة للمقاومة الفلسطينية وتشدد وتؤكد على ان "الحل في فوهة البندقية ودعم المقاومة الفلسطينية بالموقف والمال والسلاح" !!.
هذا التراجع يجعل طارق صالح وكل من كان على شاكلته من قيادات المؤتمر الشعبي، في منزلة المُرتجع، ليس من البضائع والسلع، بل من المعدة بعد البلع!. وفي ذلك خير ونفع، فهو يعني بطلان السحر والخدع، وما كان من توهم بقناع الوطنية والورع !!.
لا لوم إذن على عشرات آلالاف وربما مئات الآلاف من اليمنيين الطيبين، في المؤتمر الشعبي العام وفي خارج هذا التنظيم السياسي، إن باتوا مصدومين حد الوجع، والبعض ربما حد الفزع، وصاروا نادمين على كل لحظة عولوا فيها خيرا على طارق صالح وامثاله.
من حق هؤلاء المخدوعين، وأنا في مقدمة صفوفهم، أن نشعر بالحرج حد الخزي، والندم حد الألم، لأننا كنا ننظر باحترام للمتساقطين في محك المواقف، المتخاذلين في داعي الواجب، الخائنين لثوابت اليمنيين الجامعة، وأن ينظروا اليهم بكل ازدراء واحتقار.
صار اليمنيون اليوم، أمام غربال دقيق وأمين للبشر، أمام مفرزة صادقة لأهل الحق والخير وأهل الباطل والشر، وجها لوجه مع الحقيقة، وإن بدت مفاجئة وصادمة ومُرة، فإنها لا تبقيهم مخدوعين بالمرة، وتبصرهم بالفرق بين النُخبة والخَمة، والصفوة والحثالة!.
لا شك عندي أن كثيرين مثلي، سيغسلون انفسهم وأذهانهم وألسنتهم مرات ومرات تتجاوز السبع، ليتطهروا من الخديعة وإثم احسان الظن في الاخرين، والتماس الاعذار للمتخاذلين، ويتخلصوا من كل ذلك، تماما كما يفعلون مع عصارة القات حين النجع!!.