بدأ أكبر جبل جليدي في العالم -الذي يزيد حجمه على ضعف حجم العاصمة البريطانية- في التحرك بعد أكثر من 30 عاماً من بقائه ثابتاً في قاع المحيط في القارة القطبية الجنوبية.
يُقدر سُمك الجبل الجليدي، المسمى (إيه 23 إيه)، بنحو 400 متر (1312 قدماً)، بينما تبلغ مساحته أربعة آلاف كيلومتر مربع (1544 ميلاً مربعاً)، أي أكثر من ضعف مساحة لندن الكبرى.
أكبر جبل جليدي في العالم
حصل الجبل الجليدي (إيه 23 إيه) على لقب أكبر جبل جليدي حالي في العالم عدة مرات منذ الثمانينيات، ففي بعض الأحيان تجاوزته جبال جليدية أكبر مثل (إيه 68) في عام 2017 و(إيه 76) في عام 2021 لكنها عادة ما تكون أقصر عمراً ليعود اللقب مرة أخرى إلى (إيه 23 إيه).
لكن الآن، بعد مرور ما يقرب من ثلاثة عقود، تقلص حجم الجبل -الذي كان يستضيف في السابق محطة أبحاث سوفيتية- بشكل أسرع من المعتاد ليفقد قبضته على قاع المحيط ويبدأ في التحرك، وفقاً لما أوردته شبكة (CNN) نقلاً عن هيئة المسح البريطاني للقارة القطبية الجنوبية.
تكشف صور الأقمار الصناعية الحديثة أن الجبل، الذي يزن ما يقرب من تريليون طن متري، ينجرف الآن بسرعة متجاوزاً الطرف الشمالي لشبه الجزيرة القطبية الجنوبية، ومدفوعاً بالرياح والتيارات القوية.
وتعليقاً على التطور الأخير، قال أوليفر مارش، عالم الجليد في هيئة المسح البريطاني للقارة القطبية الجنوبية، إنه من النادر رؤية جبل جليدي بهذا الحجم يتحرك، لذا سيراقب العلماء مساره عن كثب..
تغير المناخ
وأوضح علماء الهيئة أنه على الرغم من أن انفصال الجبل الجليدي يُعد جزءاً من دورة النمو الطبيعية للجرف الجليدي، فإن آثار تغير المناخ أسرعت كثيراً من تلك العملية. ومن المعروف أن القارة القطبية الجنوبية تفقد كميات هائلة من الجليد كل عام بسبب التغيرات المناخية الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة العالمية.
وفي أواخر فبراير شباط من هذا العام، وصلت مستويات الجليد البحري في القطب الجنوبي إلى أدنى مستوياتها منذ 45 عاماً، إذ بلغت 691 ألف ميل مربع، انعكاساً لارتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم فوق معدلاتها الطبيعية.
يُذكر أن علماء المناخ يستخدمون مستوى الجليد البحري كمعيار لتقييم تطورات الاحترار العالمي، والجليد البحري هو كميات المياه المتجمدة العائمة فوق سطح المحيطات قرب القطبين.
سيناريوهات مقلقة.. من تهديد الحياة البرية إلى تعطيل حركة الشحن
حذر العلماء من بعض السيناريوهات المقلقة التي قد تنجم عن تحرك جبل (إيه 23 إيه).
فمن المحتمل أن يستقر الجبل مرة أخرى في جزيرة جورجيا الجنوبية. وهذا من شأنه أن يشكل مشكلة للحياة البرية في القارة القطبية الجنوبية، حيث تعيش ملايين الطيور والكائنات البحرية على الجزيرة والمياه المحيطة، ووجود هذه الكتلة الجليدية الضخمة قد يعوقها عن الوصول إلى الجزيرة.
وكانت مخاوف مماثلة قد أُثيرت في عام 2020 عندما تحرك الجبل الجليدي العملاق (إيه 68) باتجاه جزيرة جورجيا الجنوبية ما أثار القلق من تهديد الحياة البرية هناك، ولحسن الحظ تفكك الجبل إلى كتل أصغر، ما منع حدوث هذه الكارثة البيئية، وهذا هو السيناريو الأكثر تفاؤلاً لمصير (إيه 23 إيه).
لكن العلماء أكثر قلقاً هذه المرة نظراً لضخامة (إيه 23 إيه) الذي يُعد أحد أقدم الجبال الجليدية في العالم، وحذروا من أن جبلاً جليدياً بهذا الحجم لديه القدرة على البقاء لفترة طويلة في المحيط الجنوبي، ومن المحتمل أن يشق طريقه شمالاً نحو جنوب إفريقيا ما قد يؤدي بدوره لتعطيل حركة الشحن هناك.