سياحة الحروب في الغرب.. مجانين يسافرون إلى مناطق الموت!

ما الذي يدفع رجالا ونساء يعيشون في دول متقدمة وغنية أن يتركوا حياتهم المرفهة وعوائلهم، ويصرفوا مبالغ كبيرة للذهاب للسياحة في مناطق حروب في دول تعد الأخطر في العالم على الغربيين؟

هذا ما يحاول أن يجيب عليه الفيلم التسجيلي “مناطق خطرة” (Danger Zone)، الذي أخرجته البولندية “فيتا ماريا دريجاس” (Vita Maria Drygas).
“عندما سمعت صوت الحرب لأول مرة عرفت أن هذا ما أفتقده في حياتي”. هكذا يتحدث “كريس” الأمريكي الجنسية في مقدمة الفيلم عن تعلقه بالحروب والعنف. أما الحرب التي يقصدها فكانت بين أذربيجان وأرمينيا، والتي يبدو أنها كشفت الغطاء عن رغباته الداخلية الدفينة.
ويكشف الأمريكي في الشهادة الأولى في الفيلم والتي جاءت أشبه بالمونولوغ الداخلي أن هوسه بالحروب هو تعويض عن رغبته بالانضمام إلى الجيش الأمريكي، والتي تعرقلت بسبب مشاكل صحية.

“كريس” سيكون واحدا من شخصيات الفيلم الخمس، والذين ستأخذهم هوايتهم الغريبة بالسفر لمناطق حروب ودمار إلى سوريا، والصومال، وأفغانستان، والحدود بين أذربيجان وأرمينيا، وسيسجل الفيلم التسجيلي رحلاتهم الغريبة، والتي عرضتهم شخصيا، وكذلك الفرق الأمنية المحلية التي رافقتهم إلى أخطار جديّة.
لعبة للبالغين!

بدا المشهد سرياليا إلى حد الكوميديا، ذلك الذي يظهر كريس ومساعده الأمريكي وهما يتصدران اجتماعا في مكان ما في سوريا لتوزيع المهام داخل الفريق الأمريكي السوري، ذلك أن الجدية كان مبالغا بها ولا تنسجم أبدا مع الحقيقة أن الجلسة كانت لترتيب وصول سياح غريبي الأطوار إلى مناطق حروب ومعاناة، من أجل متع يمكن أن تصنف بالشاذة.

لم يبين الفيلم التسجيلي إذا ما كان السوريون في الاجتماع واعين تماما بطبيعة العمل الذين يشتركون به. بل ربما هم لا يعرفون
على الأرجح، إذ بدا وعبر مشاهد عديدة في الفيلم أن السكان المحليين والذين يتعاونون مع هذه السياحة الغريبة، غير مدركين بشكل كامل بأنهم يعرضون حياتهم للخطر الكبير من أجل رغبات ناشزة لغربيين يشعرون بالضجر من حياتهم الرتيبة في الدول التي يعيشون فيها.

كان الأمريكي كريس يقسم الواجبات في الفريق الجديد التي استقدمه في سوريا، وهو المكان الذي سيكون مكان عمله الجديد، إذ يعد لاستقبال سياح حروب من دول عديدة، وعليه قبل أن يصل هؤلاء السواح أن يكون مستعدا، وبالخصوص ترتيب الوضع الأمني لضمان سلامتهم.
الهرب من الحياة الاصطناعية

“أشعر أن كل من حولي اصطناعي وفارغ”. هكذا يأتينا صوت “إيلونا” للمرة الأولى في الفيلم التسجيلي. ليس من الغريب أن تشعر هذه الإيطالية الامريكية بالفراغ، فهي تعيش في مدينة لاس فيغاس الأمريكية، والتي تمثل للكثيرين مدينة الترفيه الماجن وأمثولة للفراغ الثقافي والنفسي.
وعندما يصل الفيلم إلى “إيلونا”، كانت المرأة التي تقترب من الأربعين من العمر تستعد لرحلتها القادمة إلى أفغانستان، وهو البلد الذي كان يمرّ بمرحلة انتقالية عنيفة جديدة، إذ كان تنظيم طالبان يستعيد الهيمنة على مدن عديدة، وكان يقترب بثبات من العاصمة كابول.
يرافق الفيلم لدقائق طويلة يوميات المرأة، وبالخصوص التدريبات العنيفة التي كانت تخوضها بصحبة مدرب محترف للتدرب على استخدام السلاح. كانت “إيلونا” تتدرب على الرمي بالذخيرة الحيّة في الصحراء القريبة من لاس فيغاس، وكما تدربت على قيادة السيارات في ظروف صعبة للغاية، وذلك تحسبا لمواجهتها نقاط تفتيش عسكرية على الطرق، ويمكن أن تشكل خطرا عليها.
“ارفعي يديك من مقود القيادة حتى توهميهم بأنك استسلمت، لكن ما أن تصلي إلى النقطة انطلقي بسرعة كبيرة”. هذا ما أخبرها به مدربها الخاص، كجزء من تدريبات الحروب في مناطق خطرة كأفغانستان.
بريطاني وأمريكي في الصومال

يتنقل الفيلم بين شخصياته التي يمنح لها بعض الوقت للتعريف بنفسها عندما تظهر للمرة الأولى على الشاشة، ودائما يختار الفيلم أن يعرض مشاهد من الحياة اليومية لهذه الشخصيات مرفقا بصوتها في الخلفية.

والشخصية الثالثة في الفيلم لشاب أمريكي لم يتعد الخامسة والعشرين اسمه “أي جي”. وهذا الشاب الأمريكي حاله حال “إيلونا”، سئم من حياته اليومية، ويبحث عن نار تشعل روحه، رغم أنه نجح بعمر مبكر وأصبح يملك شركته الخاصة الناجحة.

 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص