هذا سؤال مؤلم جدا، وقليل من يجرؤ على طرحه في هذا الوقت بالذات، حيث لم تزل المقاومة الفلسطينية المسلحة التي تقودها حماس في غزة خصوصا وفلسطين عموما، تجري بوتيرة تكاد تكون مستمرة المستوى منذ نحو أربعة عشر شهرا، وهي فترة زمنية ليست طويلة فقط، بل تكاد تكون حقبة مقتطعة من التاريخ العربي المعاصر، ولا تنتمي لسياقاته المليئة بالانكسارات والهزائم.
بالمفهوم العسكري البحت، وحسب رؤية أكثر من خبير عسكري وازن، حققت حماس انتصارا باهرا على المؤسسة العسكرية الصهيونية، منذ اليوم الأول لطوفان الأقصى، وتعمق هذا الانتصار غير القابل للتأويل بعد صمودها الأسطوري في وجه أكثر الحروب توحشا وقذارة التي شنتها "إسرائيل" فكانت حربا تجردت من كل تقاليد الحروب المعروفة، داست فيها آلة الحرب الصهيونية على كل القيم والقواعد التي تواضع عليها البشر في حروبهم التقليدية، وانتمت إلى ذلك النوع من الحروب الهمجية التي تماثلت في توحشها مع حروب المغول والتتار، وحروب الرجل الأبيض الذي غزا الأمريكيتين وقارة أقيانوسيا بنفس تدميري إبادي، ارتكز على محو كل أثر لأهل البلاد الأصليين، وعبر القتل الممنهج، القائم على دفن كل متعلقات هذه الشعوب وعقائدهم واقتصادهم وحياتهم الاجتماعية، والسيطرة بشكل كامل وشامل على أرضهم، وإخراجهم من دائرة الوجود ودفنهم فيزيائيا في العدم!
أرض غزة، وبدأ فعليا مد هذا الأسلوب المتوحش إلى باقي الأرض الفلسطينية المحتلة.
حماس والمقاومة قاموا بما عليهم أن يقوموا بهم، سواء صحت حساباتهم أو لم تصح، وهذا التقويم تحديدا ليس مبررا للخذلان، والاصطفاف وراء العدو ودعمه، سواء بالمواقف العملية أو حتى بالصمت و"الحياد" فحتى الحياد هنا هو موقف مخز ومذل، فما يراد لغزة ولفلسطين اليوم، هو مقدمة لما يراد لبقية بلاد العرب، وسقوط جبهة فلسطين – لا سمح الله- تمهد الطريق لسقوط كل الجبهات العربية، لهذا فحتى لو كان هناك لدى البعض اختلاف مع حماس في توقيت الطوفان ومساره، فلا يوجد أي مبرر لخذلانها وخذلان شعبها.
عمليا المعركة لم تنته بعد، حتى لو خرجت منها كل جبهات "الإسناد" والراية "البيضاء" التي يأمل العدو أن يراها محمولة بيد مقاتل قسامي يخرج من فتحة نفق، ليست موجودة، ولن توجد، صحيح أن الخسائر ليست فادحة فقط، بل هي كارثية بكل المعاني، لكن فلسطين وأقصاها، وأمتها، والمنتظرين بزوغ فجر عربي جديد، يستحقون أكثر!
ونعود للسؤال الكبير: هل انتهت حماس كحركة مقاومة؟
السؤال ليس لنا، ولا لكم، بل هو للتاريخ..