في مرحلة فارقة بعد وفاة الأستاذة فاطمة العاقل، التي كانت أحد الأعمدة الأساسية في رعاية الكفيفات في مصر في 12 يناير 2012م ، برزت شخصية استثنائية تولت المهمة بحماس لا يهدأ وإرادة لا تعرف الكلل. إنها الأستاذة صباح علي حريش، التي قدّمت ولا تزال تقدم نموذجًا يُحتذى به في القيادة والعطاء، حيث لم تقتصر مهمتها على قيادة جمعية الأمان لرعاية الكفيفات، بل سعت إلى تطويرها لتكون أحد الركائز الأساسية في خدمة هذه الفئة المهمشة.
مع قدرتها الفائقة على العطاء، لم تكن الأستاذة صباح علي حريش مجرد رئيسة جمعية، بل كانت روحًا نابضة في جميع الأنشطة والمبادرات التي قدمتها الجمعية. وبتفانيها اللا محدود، استطاعت أن تبني مؤسسة حيوية تقدم الكثير للكفيفات من خلال توفير برامج تعليمية وتأهيلية، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي، مما ساهم في تمكينهن من التكيف مع الحياة اليومية وتعزيز مكانتهن في المجتمع.
ما يميز الأستاذة صباح ليس فقط تفانيها في عملها، بل قدرتها على قيادة الجمعية بحكمة وقوة، ولم تسمح لنفسها أن تكون مجرد اسم على الورق أو شخصية تتصدر قائمة المسؤولين دون أن يكون لها دور حقيقي. لقد حملت دفة الجمعية بكل شجاعة وحب، وواجهت العديد من التحديات بحلول مبتكرة وفعّالة. ورغم كل الصعاب، كان ولاؤها الكامل للقضية الحقوقية لذوي الإعاقة هو المحرك الأساسي لمسيرتها، إذ كانت دائمًا في مقدمة الصفوف تسعى لإيجاد سبل جديدة لتحسين حياة الكفيفات.
إن قدرة الأستاذة صباح على العطاء جعلتها تتميز عن غيرها من القيادات، حيث برهنت على أنه لا يكفي أن تتبوأ منصبًا، بل يجب أن يترافق ذلك مع العمل الجاد والهمّ الأكبر وهو خدمة الفئة المستهدفة بصدق وإخلاص. لم تكتفِ بالجلوس على كرسي الرئاسة كما فعل العديد من رؤساء الجمعيات الذين تعلقوا بالكراسي لعقود من الزمن دون أن يكون لهم تأثير فعلي، بل عملت بكل طاقتها لتطوير الجمعية ودعم منسوبيها بما يخدم الصالح العام ويعزز حقوق الكفيفات في المجتمع.
تعتبر الأستاذة صباح علي حريش مثالًا نادرًا للقيادة الحقيقية التي تتسم بالعطاء المستمر، فقد استطاعت أن تُحدث تغييرًا ملموسًا في حياة الكفيفات من خلال تقديم الدعم العلمي والاجتماعي، وفي نفس الوقت، كانت دائمًا حريصة على أن تظل جمعيتها بيئة حاضنة لكل من يحتاج إلى دعم حقيقي. إن مسيرتها في رئاسة الجمعية تُعتبر شهادة على أن القيادة الحقيقية تأتي من القدرة على تقديم المزيد دائمًا، دون انتظار مقابل، وإن أسمها سيظل محفورًا في ذاكرة كل من عرف قدراتها الإنسانية وإخلاصها في العمل.