يستمر إقبال سائقي مركبات نقل الركاب في تعز، جنوب غرب اليمن، على تحويلها من البترول إلى الغاز الطبيعي. يعود هذا الإقبال إلى رغبة السائقين في تخفيض التكلفة اليومية نتيجة ارتفاع أسعار البترول.
لا تقتصر عملية التحويل على حافلات النقل الصغيرة فقط. بل تشمل مركبات الدفع الرباعي التي يعمل سائقوها في نقل المسافرين على الطرق الترابية البديلة الخطرة. تربط هذه الطرق الخطرة مدينة تعز الخاضعة للحكومة بمناطق سيطرة جماعة الحوثي نتيجة استمرار إغلاق الطرق الرسمية. فشلت المبادرات سابقا في اعادة فتح الطرقات ما عدا طريق الحوبان جزئيا في يوليو الماضي، ومخصصة فقط للمركبات الصغيرة.
يسمح العمل بالغاز، بدلا من البترول على المركبة، بتوفير 60% من قيمة 20 لترا من البنزين في تعز، الخاضعة لسلطة الحكومة المعترف بها دوليا. حيث تباع أسطوانة الغاز، 20 لترا، بـ 9 آلاف ريالا مقابل 23 ألف ريالا لنفس الكمية من البنزين.
يتضمن التحويل إضافة أجهزة إلى محرك السيارة، مثل صمام غاز وصمام بترول ومفتاح لتحويل التشغيل بينهما، وخزان للغاز مصنوع محليا. يرى السائقون أن هذا التحويل يساعدهم على العمل دون رفع تعرفة الأجرة على المواطنين.
خيار الضرورة
يقول شهاب عبد الواحد، سائق حافلة صغير في تعز، إن العمل في ظل ارتفاع أسعار المشتقات النفطية غير مجدٍ أبدًا. وأضاف لـ«المشاهد» أن سعر “اسطوانة” الغاز لا يتجاوز تسعة آلاف ريال يمني، بينما سعر “الدبة” البنزين وصل لـ 30 ألف ريال.
ويواصل: لهذا السبب اضطررنا لتحويل الحافلات التي نعمل عليها إلى منظومة الغاز، وهذا أفضل من البنزين بكثير. ويشير عبد الواحد إلى أن ثمة مخاطر عديدة جراء التحويل إلى منظومات الغاز، كالحرائق التي قد تحدث بسبب تدخين بعض الركاب.
ويستطرد: لكننا مضطرين لعملية التحويل هذه بسبب غلاء المشتقات النفطية، التي تسبب ارتفاع أسعارها بانعكاسات سلبية على حياتنا المعيشية. وتابع: خاصةً أننا غير قادرين على توفير مصروفنا اليومي الشخصي، فضلًا عن مصروفات البيت، وسط تدهور معيشي على كل المستويات.
شهاب عبدالواحد، سائف حافلة صغيرة: مضطرين لعملية التحويل هذه بسبب غلاء المشتقات النفطية، التي تسبب ارتفاع أسعارها بانعكاسات سلبية على حياتنا المعيشية.”
علاوة على ذلك، فحافلته تتعرض للأعطال، ما يدفعه للاستدانة من ملّاك ورش صيانة السيارات، وتسديدها على أقساط. واختتم عبد الواحد حديثه: غير ممكن رفع أجرة المواصلات؛ فالمواطن عاجز عن الدفع أكثر، في ظل الوضع الاقتصادي المتردي باليمن.
من ناحية أخرى، يقوم بعض السائقين بتحويل أنظمة مركباتهم بشكل يخل بالسلامة. ومن هذه الأشكال استخدام أسطوانة الغاز المنزلي كخزان للمركبة، حسب حديث سابق لنائب مدير إدارة شرطة السير، بمحافظة تعز، طاهر الفاشي مع “المشاهد“.
![](https://almushahid.net/wp-content/uploads/2025/02/%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D8%A8%D8%A7%D8%B5-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%B9%D8%B2-%D8%AA%D9%85-%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%8A%D9%84%D9%87-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%BA%D8%A7%D8%B2-%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AE%D8%AF%D8%A7%D9%85-%D8%A3%D8%B3%D8%B7%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%A9-%D8%BA%D8%A7%D8%B2-%D9%85%D9%86%D8%B2%D9%84%D9%8A_7-%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%8A%D8%B1-2025-850x638.webp)
محمد خالد، سائق آخر، يقول للمشاهد، إنه يعمل منذ الصباح وحتى المساء، وتستهلك حافلته “جالون” سعة 20 لترًا في اليوم. ويوضح: يوميًا أعود للبيت وأنا لا أملك سوى ألفين إلى ثلاثة آلاف ريال، ونادرًا ما تصل إلى خمسة آلاف ريال.
ويخلص خالد إلى أن إيراد الحافلة في اليوم الواحد لا يكفي لشراء “دبة” سعة 20 لتر. وتساءل: فما الذي يتبقى لمصروف البيت؟ ويضيف: هذا اضطرنا للجوء إلى تحويل نظام الحافلة من بنزين إلى غاز.
تكاليف التحويل
تتطلب عملية تحول الحافلات بكافة أشكالها وأحجامها، تكاليف باهظة للانتقال من نظام البنزين إلى الغاز. وبهذا الصدد، يقول السائق عادل أحمد إنه حوّل حافلته إلى نظام الغاز بتكلفة تصل لـ300 ألف ريال يمني قبل عام. موضحًا أن هذا المبلغ هو قيمة تموين الحافلة لمدة عشرة أيام بالبنزين العادي دون أن يكون هناك أي عائد مجزي.
ويضيف: تخوف أصحاب الحافلات بخصوص فقدان محرك الحافلة وتوقفه عن العمل غير صحيح؛ لأنه من الضروري تسخين المحرك بالبنزين. كما أنه قبل الانتهاء من العمل لا بد من القيام بآخر مشوار بنظام البنزين بدلًا عن الغاز، بحسب السائق أحمد. معتبرًا أن تشغيل الحافلة بنظام الغاز منذ الصباح وحتى آخر اليوم؛ يؤدي إلى تراكم “الكربون” أعلى المحرك، وبالتالي تلفه تدريجيًا.
ويتابع: “بسبب غلاء البنزين لم نعد نعمل من أجل عائلاتنا، بل كل ما نجمعه طوال اليوم ندفعه لأصحاب “محطات الوقود”. ويقول إن صرفية الغاز نفس صرفية البنزين تقريبًا، لكن بفارق بسيط لصالح البنزين الذي قد يعمل مشاوير أكثر بقليل.
المهندس الميكانيكي والكهربائي، عبد الإله الأغبري، يشير إلى أن تكلفة التحويل من نظام البنزين إلى الغاز متقلبة، بحسب زيادة الطلب والإقبال. بالإضافة إلى تقلبات أسعار صرف العملة، وتصل التكلفة حاليًا إلى ألف ريال سعودي، وفقًا لجودة العمل وإتقانه، يقول الأغبري لـ«المشاهد».
ويضيف: يجب أن يتم شراء خزان خاص بالغاز بدلًا من استخدام اسطوانات الغاز المنزلي؛ بسبب الصدأ المتواجد داخل الأسطوانة. حيث يخرج الصدأ مع الغاز فيسد الأنابيب فنضطر للإصلاح من جديد، بحسب الأغبري.
ويكشف المهندس الأغبري أن العمر الافتراضي لأداء المحرك بعد تحويله لمنظومة الغاز تقل من 20- 30 % عن العمر الافتراضي. كما تبرز عيوب عديدة للتحويل في جوانب نقص الكفاءة والعزم والسرعة.
من جهته، استبعد مدير شركة الغاز بمدينة تعز، عادل القميري، حدوث أزمة غاز منزلي؛ نتيجة توجه الحافلات إلى منظومات الغاز. مبيّنًا أن لدى الشركة فائض كبير من الغاز، وبحاجة لتسويقه، ويتم توزيعه على كبار المستهلكين كالأفران، المطاعم، الحلويات، المزارع وغيرها. مشيرًا إلى أن الشركة تضع كل شيء في الحسبان.
تنظيم تحويل المركبات
![الدفاع المدني يخمد حريقا شب في حافلة صغيرة تعمل بالغاز بواسطة أسطوانة منزلية، تعز،7 يناير 2025- الصورة نقلا عن صفحة الدفاع المدني-تعز على الفيسبوك](https://almushahid.net/wp-content/uploads/2025/02/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%81%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%86%D9%8A_7-%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%8A%D8%B1-2025_%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D8%AD%D8%A7%D9%81%D9%84%D8%A9-%D8%B5%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D8%B9%D9%85%D9%84-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%A7%D8%B2-%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%B3%D8%B7%D8%A9-%D8%A3%D8%B3%D8%B7%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%A9-%D8%BA%D8%A7%D8%B2-850x638.webp)
في يناير الماضي، بدأت شرطة السير بمدينة تعز، حملة لضبط ملاك المركبات وأصحاب المحلات الذين يقومون بتركيب عشوائي لأسطوانات الغاز على مركباتهم. حيث ألزمت الحملة اتباع معايير السلامة عند تحويل مركباتهم من بنزين إلى غاز.
وكان مسئول في شرطة مرور تعز قال في يناير للمشاهد أن السلطات سجلت خلال شهر واحد خمسة حوادث حريق لمركبات تم تحويلها من بترول إلى غاز.
وقال نائب مدير إدارة السير في تعز، طاهر الفاشي، إن الهدف من الحملة هو ضمان السلامة، وتقليل مخاطر التحويل العشوائي. وأوضح لـ«المشاهد» أن خزانات الوقود المحولة عشوائيًا تشكل خطرًا كبيرًا على سلامة الركاب والمشاة. وأضاف: نعمل حاليًا على تنظيم العملية وإصدار تراخيص رسمية بعد إجراء فحص فني دقيق يضمن السلامة للجميع.
وتابع الفاشي: هذه الجهود بدأت منذ شهر، عبر تشكيل لجنة من السلطة المحلية تضم شركة النفط، الدفاع المدني، والشرطة المدنية. ولفت إلى أن استخدام أسطوانات الغاز المنزلية في المركبات مرفوض تمامًا، فمكان الأسطوانة المنزلية هو المطبخ، وليس مركبات النقل.
وتبعا لذلك تفرض شرطة السير عقوبات على المخالفين تشمل غرامات مالية وحجز المركبات المخالفة. كاشفًا أن قيمة الغرامات ستحدد بناءً على النصوص القانونية، وقد تتجاوز 20 ألف ريال يمني.
وواصل الفاشي: بعض المركبات تأتي من المصنع مهيأة للعمل بالغاز، ومزودة بمنظومات آمنة. بينما المنظومات محلية التركيب غالبًا ما تكون غير مطابقة لمعايير السلامة؛ مما قد يؤدي إلى تسرب الغاز وحدوث حرائق وحوادث.
وختاما يدعو الفاشي جميع السائقين إلى الالتزام بالإجراءات الجديدة لضمان سلامة الأرواح والممتلكات؛ والحد من الحوادث وضمان بيئة نقل أكثر أمانًا بالمحافظة.
*المشاهد نت