صندوق رعاية وتأهيل المعاقين: صمام أمان لفئة تستحق الحياة بكرامة.

في الوقت الذي تواجه فيه اليمن تحديات إنسانية واجتماعية واقتصادية غير مسبوقة، تزداد معاناة الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل مضاعف، فهم من أكثر الفئات هشاشة وتهميشا.
 وتشير التقديرات إلى أن نسبة ذوي الإعاقة في اليمن تتجاوز 15% من إجمالي السكان وهي نسبة تستدعي استنفارا وطنيا لحماية حقوقهم وضمان دمجهم في مختلف مناحي الحياة.
وسط هذا الواقع يبرز صندوق رعاية وتأهيل المعاقين كركيزة أساسية وواجهة إنسانية ناصعة، أُنشئ بموجب القانون رقم (2) لسنة 2002، ليكون أداة فاعلة لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة وضمان كرامتهم وإنسانيتهم، وليساهم في تأهيلهم وتأمين مشاركتهم في بناء اليمن وتنميته.


لماذا يمثل الصندوق ضرورة وطنية لا غنى عنها. 


الصندوق ليس مجرد مؤسسة مالية أو إدارية، بل هو الجهة الوحيدة المتخصصة التي تقدم خدمات متكاملة وشاملة لذوي الإعاقة على المستوى الفردي والمؤسسي تشمل الرعاية الصحية والتعليمية والاجتماعية والمهنية. 
لقد نجح الصندوق رغم شح الموارد والتحديات الناتجة عن الحرب والحصار، في إحداث فرق ملموس في حياة آلاف اليمنيين من ذوي الإعاقة.
ولعل من المثير للقلق أن نسمع أصواتا تنادي بإلغاء أو دمج هذا الصندوق، دون إدراك حقيقي لعواقب ذلك على فئة تمثل شريحة كبيرة من المجتمع اليمني. إن إلغاء الصندوق يعني ببساطة حرمان هذه الشريحة من أبسط حقوقها، وتركها فريسة للفقر والعزلة والإقصاء.


دور محوري في التأهيل والتعليم والصحة.


الصندوق يقدم باقة واسعة من الخدمات النوعية التي لا يمكن تعويضها بأي جهة أخرى منها:
- الرعاية الصحية المتخصصة: عمليات جراحية، علاج طبيعي، أجهزة تعويضية، أدوية لحالات مزمنة كاالقصور الذهني والشلل الدماغي.
- دعم تعليمي شامل: رسوم دراسية، وسائل مواصلات، مستلزمات خاصة للمكفوفين، تمويل دراسات جامعية وعليا، طباعة مناهج بطريقة برايل.  
- التأهيل والتدريب المهني: دورات مهنية، تدريب لغوي وحاسوبي، تجهيز الورش، توفير مواد وأدوات التأهيل.
- خدمات اجتماعية وإنسانية: مساعدات مالية، أجهزة مساعدة، خدمات نفسية واجتماعية.
هذه الخدمات لا تمثل فقط حقا أساسيا لذوي الإعاقة، بل هي وسيلة فاعلة لتحويلهم من فئة تحتاج إلى الدعم إلى فئة منتجة ومشاركة في التنمية الوطنية.


التحديات لا تعني التراجع عن الواجب.


منذ إنشائه، واجه الصندوق تحديات مالية كبيرة، تفاقمت بفعل الحرب والحصار لكن رغم ذلك، استمر في تقديم خدماته مجانا للفئات المستحقة، ما يدل على التزامه الأخلاقي والوطني وفي المقابل المطلوب من الدولة ومؤسساتها ليس إضعاف الصندوق، بل دعمه وتطويره وتعزيز موارده ليستطيع توسيع خدماته.
الرسالة للمسؤولين وصناع القرار
أي نقاش حول "دمج" صندوق رعاية وتأهيل المعاقين لا ينبغي أن يتم بمعزل عن الواقع الميداني واحتياجات الفئات التي يخدمها والمطلوب هو:
تحصين الصندوق قانونيا وإدارياوتعزيز موارده المالية من خلال ربطه بمصادر تمويل مستدامة.
إشراك ذوي الإعاقة ومنظماتهم في صنع السياسات الخاصة بهم ورفع وعي المسؤولين والجهات المانحة بدوره الحيوي.


 كرامة الإنسان لا تقبل المساومة. 


صندوق رعاية وتأهيل المعاقين ليس مجرد كيان إداري، بل هو عنوان للرحمة والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. إن تقوية هذا الصندوق هو واجب وطني وأخلاقي، وركيزة أساسية في أي مشروع لبناء اليمن الجديد — يمن لا يقصي أحدا، بل يحتضن الجميع ويمنحهم فرصا متساوية للحياة والمشاركة.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص