ي قراءة دقيقة لما سمي بإعلان عدن التاريخي أكدالمحامي والخبير القانوني عادل المسعودي بان الاعلان يعد من أقوى وأهم البيانات والخطابات وأشجعها وأكثرها ذكاء على الاطلاق منذ إنطلاق الحراك الجنوبي عام 2007م ..للاسباب الجوهرية العميقة التي تناولها الاعلان والمدلولات التي تحتاج الى قراءة متعمقة لما بين السطور لمعرفة جوهر الإعلان وليس فقط للتوقف عند الفاظه بصورة سطحية ومنها :
أولا/ أن الإعلان قد نص صراحة على تشكيل قيادة جنوبية لإدارة الجنوب وتمثيله .. وهذا يعني :
1/ إن القيادة التي أقرها الإعلان ليست لقيادة الحراك الجنوبي أو المقاومة الجنوبية أو أحد مكوناتها أو مناطقها او شأن محدد من شئونها .. بل قيادة لإدارة الجنوب كل الجنوب وتمثيله في كل الاستحقاقات الداخلية والخارجية ... الخ
2/ أن تنفيذ الإعلان غير مربوط بشرط أو بمدة معينة أو لتحقيق مطالب وقتية أو مرهون بموافقة أي جهة في الداخل أوالخارج .. بدليل أن الإعلان قد نص صراحة بالعمل به من تأريخ صدوره في هذا اليوم الخميس 4/5/2017م .
3/ أن الإعلان قد حسم أهم نقطة خلاف كانت تمثل معضلة في مسار الحراك الجنوبي والمتعلقة باختيار قيادة موحدة لتمثيلهم .. وذلك بأقرار تشكيل قيادة لإدارة الجنوب وتمثيله اعتبارا من هذا اليوم.. وبإرادة شعبية جنوبية تمثلت بالحشد الجماهيري الذي يستحيل على أي جهة أوقيادة أخرى حشده في هذه الظروف الاستثنائية مهما كان لديها من مقومات أو إمكانيات مما يعزز إمكانية تنفيذالاعلان وتراجع القوى المناهظة عن معارضتها أوالوقوف امامها بصورة علنية بدليل صدور بيان التأييد من قيادة حزب التجمع اليمني للاصلاح بمحافظة عدن فور اصدار الاعلان رغم التباين المعروف بينهما ..
4/ ان الإعلان لم يترك مسألة اختيار القيادة الجنوبية للاجتهادات اوالاحتمالات خشية بروز أي خلافات قد تؤدي الى اضعافها او إجهاضها وبالتالي افشالها .. حيث نص الإعلان على تحديد أسم الرئيس وتخويله ومنحه الحق والصلاحيات الكاملة باختيار باقي أعضاء القيادة..
5/ حسم الإعلان مسألة الهوية وشكل الدولة ونظام الحكم .. فالهوية هي الجنوب العربي وشكل الدولة اتحادي فدرالي وبنظام ديمقراطي تعددي حر .
ثانيا/أسدل الإعلان الستار بصورة غير مباشرة عن جملة من الامور التي كانت قائمة او مختلف عليها بين مكونات الحراك المختلفة ومنها :
1/ أسدال الستار عن ماكان ينادي به بعض مكونات الحراك فيما يسمى( بالرئيس الشرعي علي سالم البيض ).
2/ أسدال الستار عن شرعية عبدربه منصور هادي.. بعد تفويض الزبيدي لرئاسة القيادة المناط بها إدارة الجنوب وتمثيله.. وقد تبين ذلك برفض البيان للقرارات الاخيرة وأي قرارات مماثلة لحكومة هادي مستقبلا.. والقول ( من عدن أنطلقت الارادة الشعبية الجنوبية صاحبة الشرعية الحقيقية دون غيرها..) والقول بان (جنوب مابعد اليوم ليس كاجنوب ماقبله ).
ثالثا/ حسم الإعلان الخلاف الدائر بين مكونات الحراك حول تسمية الدولة التي ينشدونها حيث جاء في محتوى البيان إسم ( الجنوب العربي ) بالقول ( باستعادة دولة الجنوب .. ) وتلاها بنقطتين(..) أي ان كلاما محذوفا يقتضيه النص ولم يذكره وعلى القارئ استنتاجه .. وترك مايدل على ذلك في جملة أخرى من الإعلان بالقول (أن قضية شعب الجنوب العربي ).
رابعا/ أكد البيان على (الالتزام التام للمجتمع الدولي والعربي والعالمي وكل المنظمات الحقوقية والانسانية بالقوانين الدولية وميثاق الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان) .
خامسا/ حدد الإعلان العلاقة التي تربط الجنوب بكل من حكومة هادي والتحالف العربي والمجتمع الدولي حيث حصر تلك العلاقة مع الاول بالقضاء على الانقلاب في المناطق الخاضعة للحوثيين وصالح ومع الثاني لمواجهة المد الايراني ومع الثالث لمواجهة الارهاب ..
وختاما /فان الإعلان ورغم جرأته وقوة مدلولاته وذكاء صياغته وعمقها والتي تمثل دستورا مصغرا ، فان كل ذلك لايعد' سوى حبرا على ورق إذا لم يتجاوز مؤيدوه العقبات والتحديات التي تنتظرهم وتقف في طريق تنفيذ هذا الاعلان على الواقع أكانت تلك التحديات والعقبات داخلية أو خارجية ولعل أهم تلك المعضلات والتحديات واخطرها على الاطلاق مدى ثبات وصمود الجنوبيين المؤيدين لهذا الإعلان دون خلاف اوتصدع لجبهتهم الداخلية ومدى استمرارية الموقف الاماراتي من دعم تيار الجنوب المطالب بفك الارتباط عن الشمال واستعادة الدولة الجنوبية على حدود ماقبل عام 1990م .