كيف تواجه الشركات الصراعات الشخصية بين الموظفين؟

حدث صدام بين الأشخاص في بعض الأحيان في أماكن العمل، لدرجة تتطلب تدخل متخصصين لفضّ تلك الخلافات والعداوات، وإنهاء الأمر.

تقول فيليسيتي ستيدمان، التي تعمل وسيطة لحل الخلافات وتعيش في المملكة المتحدة، وقضت أكثر من 26 عاماً في حل الخلافات بين زملاء العمل، إن :"الناس يقولون لي: هذه غير صادقة، وهذه ماكرة، وهذا يعمل المكائد، وهذا متحيز، وهؤلاء يسبون. عادة ما يسود خطابهم بعد ذلك الاعتذار قائلين آسف، لا أعرف ما حصل لي، ليس هذا من صفاتي، تصرفاتي ليست هكذا عادةً".

يعتبر مكتب العمل منطقة حرب، أسلحتها الإهانة، والدموع، والصمت المرير. والمتنازعون هم الزملاء الذين لا يحتملون بعضهم. ويتصاعد العداء ويتزايد الضرر ليسبب خسائر بقيمة مليارات الدولارات، ويؤدي إلى ظهور مشكلات مثل التغيّب عن العمل، والإجازات المرضية، والدعاوى القضائية، والانخفاض في الإنتاجية.

وقّدرت خسائر الشركات الناتجة عن الصراعات في العمل بنحو 359 مليار دولار سنوياً في الولايات المتحدة وحدها عام 2008، حسب دراسة عالمية لشركة الموارد البشرية المتخصصة "سي بي بي"، أجرته على موظفين أمريكيين.

وأظهرت الدراسة أنهم يقضون في المتوسط 2.8 ساعة أسبوعياً في الخلافات في العمل. أما في ألمانيا وأيرلندا، يزيد هذا المتوسط بكثير، ويصل إلى 3.3 ساعة، وهو ما يدفع الشركات لطلب مساعدات من وسطاء مختصين لحل الخلافات الشخصية بين زملاء العمل.

تدخلت ستيدمان لحل المشاكل في شركة قانونية بين محاميتين رئيسيتين في الشركة، يتطلب عملهما أن تتعاونا معا، لكنهما لم تتحدثا مع بعضهما لمدة ستة أشهر، وتبلغ إحداهنّ 20 سنة، والثانية 50 سنة.

وعادة ما تتدهور مثل هذه العلاقات ببطء، وعندها يكون ذلك مؤشراً سلبيا. ويشمل ذلك إعطاء تعليمات بشكل لاذع وأمام زملاء آخرين، أو نسيان تقديم التهاني في مناسبة كأعياد الميلاد، حسبما تقول ستيدمان، التي فضلت عدم الكشف عن مزيد من تفاصيل هذا الخلاف.

في هذه الحالة، ما تسبب بالمشكلة هو تعليقات من قبل المحامية الأكبر سناً حول غرور الشابة في العمل، ومواعيدها وطريقة ملبسها. من أجل حل المشكلة حجزت ثلاث غرف في فندق حيث يتاح لستيدمان التنقل بين محادثات منفصلة ومشتركة. وكما تقول: "في البداية، كان هناك الكثير من اللوم والتعميم، ثم الدموع والكثير من السلبية".

لمنافسة والتحدي!

أما جانيت بيكنيل، وهي وسيطة لحل خلافات الزملاء في العمل، وتعيش في تورنتو بكندا، فقد استدعيت لحل بعض المشكلات في شركة تصميم، حيث هناك شريكان متحاربان توقفا عن التواصل مع بعضهما البعض.

وكانا يشكيان لشخص ثالث يثقان فيه، حسبما تقول بيكنيل التي تعمل في شركة استشارية لحل النزاعات. وبعد تدريب فردي تم جمع الثلاثة معاً، وعاد التناغم من جديد.

لكن بعد 18 شهراً وبدون الاستشارة، بدأ أحدهما في إحضار كلبه للعمل يومياً، وتوضح بيكنيل: "و كان الآخر لا يفضل وجود كلب في مكان العمل، لكنهما اتفقا على تحديد جدول أيام يمكن للأول إحضار كلبه فيها".

سرّ المهنة

يمزج الوسطاء عادة ما بين علم النفس والفلسفة ليعيدوا العلاقات بين المتخاصمين إلى طبيعتها.

وإحدى الحيل التي يستخدمونها هي ما يعرف بـ"المفهوم النظري"، فبدلا من أن يكون هناك مبدأ خاسر ورابح، يوضع احتمال أن يكون هناك رابحان.

وتقول ستيدمان: "إذا أريتهم أن طريقة التعاون يمكنها أن تؤسس وضعاً أفضل للطرفين حيث يخرج الاثنان راضيين، وبدل التفكير بعقلية الرابح والخاسر، يمكنك أن تحقق تقدماً كبيراً".

ويستفيد الوسطاء من علم النفس عموما، ومن نظرية التحليل الانتقالي خصوصا، وهي طريقة معروفة لفهم السلوك. ويستخدمها الوسطاء لتحديد متى يتصرف الشخص كـ"أهل" أو كـ"طفل" ثم إعادته للحديث كبالغ.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص