الدواء .. بين أحلام التصنيع المحلي .. وتطلعات تأمينه الأمن الدوائي .. قفزة تحدي تبحث عن القرار والعمل الجاد

جاءت الفعالية التعريفية بالبرنامج الوطني لتطوير الصناعات الدوائية التي أقيمت الأسبوع المنصرم لتضع أمامنا تطلعات وأحلام عريضة في هذا المجال الحيوي الهام فليس من الصعب المضي قدما نحو توحيد الجهد وتظافر الطاقات الكامنة لدى الجميع حكومة ومؤسسات وهيئات اختصاصية بمختلف مسمياتها وأدوارها وشركات خاصة ورجال أعمال وعنصر بشري مؤهل لصناعة الفارق وتخطي المحال بهمة وإرادة وعمل جاد يكفله قرار يؤكد مضينا جميعا نحو صناعة دوائية محلية قابلة للمنافسة لشركات عالمية وقادرة على بناء الأمن الدوائي وتوفيره للمريض بسعره المناسب والمنافس لأصناف دوائية مختلفة . لقد فرضت آلة الحرب تحديدا والحصار على البلد البحث عن البدائل في مختلف متطلبات الحياة لعل أبرزها وأهمها في المرحلة الراهنة البحث عن الأمن الغذائي للمواطن وبما لايقل عنه أهمية البحث عن الأمن الدوائي المصنع محليا . وهنا تأتي الكلمة الفصل بأن القضية لم تعد مجرد خطابات تبحث عن صداها الإعلامي أو مجرد نشوة عابرة تقف حد مط الشفاة أمام عدسات التصوير مع وأثناء الحدث لنعود لجلسات مقايلنا مفاخرين بما نشاهده ونسمعه عبر وسائل إعلامنا ليوم في أمسية تقدم بعضا من الشخصيات وقد استملكتهم نشوة الهالة الإعلامية .. بل الحديث عن قضية تحدي نقفز من خلالها فوق واقعنا الصعب بثبات لا يقبل الجدال فيه ولا يمكن الوقوف عند حاجز المعوقات بل نحمل مشاعل العمل ونسعى لتوحيد القدرات وتعزيزها في بوتقة واحدة تكفل لنا وللمواطن اليمني المغلوب على أمره في ضمان حبة الدواء من إنتاج محلي وبسعر منافس لأصناف بعدد شعر الرأس تعج بها أدراج الصيدليات في مختلف شوارعنا وبأسعار خيالية . في هذا السياق أشار رئيس الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية الدكتور محمد المداني إلى سعي الهيئة لضمان سلامة وجودة وفاعلية الدواء المصنع محليا والمستورد وتوفيره للمواطن بسعر مناسب. وأكد أن الصناعة المحلية الدوائية ذات الكفاءة والجودة العالية ستعمل على مكافحة الأدوية المهربة والمزورة.. لافتا إلى أهمية العمل على تحقيق الأمن الدوائي من خلال المراقبة والمحافظة على مخزون إستراتيجي من الدواء. وأوضح رئيس هيئة الأدوية أهمية تشجيع الصناعة الوطنية الدوائية والاستثمار فيها للوصول للاكتفاء الذاتي، الذي لا يقتصر على تأمين مخزون دوائي من حيث الكميات فقط، ولكن بتوفير دواء ذي جودة وفاعلية عالية. وذكر أن إيجاد نظام معلومات متكامل وسليم داخل الهيئة سيعمل على تسهيل متابعة المخزون الاستراتيجي لدى الوكلاء و المصانع المحلية كما أكد الدكتور المداني أهمية إعادة البناء المؤسسي للهيئة من خلال إقرار مشروع إعادة تنظيمها وإقرار قانون الصيدلة والدواء ، إلى جانب توسيع وتحديث مختبر الرقابة الدوائية ودعم إنشاء مركز معلومات في الهيئة بأحدث النظم المعلوماتية. لتظل بذلك رسالة البحث عن الأمن الدوائي رسالة مجتمعية ودور مطالب به الجميع دون استثناء بما في ذلك رجال المال والأعمال والمستثمر اليمني على وجه خاص وفي فعالية تعريفية بالبرنامج الوطني لتطوير الصناعات الدوائية نظمتها الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية بالتعاون مع الهيئة العليا للاستثمار بوزارة الصحة الأسبوع المنصرم . حيث أكد نائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار المهندس خالد شرف الدين أهمية تعزيز جهود الجميع من أجل تحسين وتطوير الصناعات الدوائية خاصة في ظل الظروف التي تمر بها البلاد . وأشار إلى استعداد الهيئة للعمل مع الجهات ذات العلاقة على تطوير الصناعات الدوائية المحلية على أسس علمية .. لافتاً إلى أن فاتورة الاستيراد للأدوية بلغت في العام 2014م 15 مليار دولار . وأشار شرف الدين إلى أنشطة وخطط الهيئة لتطوير هذه الصناعات بالتعاون مع الهيئة العليا للأدوية من أجل تحسين المنتج الوطني من خلال منح الحوافز التفضيلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي الهام . عشر شركات محلية متخصصة في صناعة الدواء شاركت في فعاليات الفعالية رقم ليس بالسهل أن يوجد لدينا شركات يمنية مصنعة للمنتج الدوائي محليا تخطت هذا الرقم بل ويبعث على التفائل أيضا . يقول نائب رئيس اتحاد منتجي الأدوية أحمد عبد الوهاب الشهاري في تصريح خاص بأن مشاركة الاتحاد اليمني لمنتجي الأدوية الذي يضم عشر شركات مصنعة للدواء اليمني تأتي احتفاء بتدشين الاستراتيجية الوطنية لتطوير الصناعات الدوائية . وأضاف بقوله الحمد لله نحن على خطى من أجل تحقيق الأمن الدوائي من خلال الاكتفاء الذاتي من الدواء المصنع محليا . وأشار فيما يخص القدرات المحلية لتوفير دواء,مصنع محليا وبجودة عالية وسعر مناسب بقوله نعم القدرة كامنة لتحقيق صناعات دوائية منافسة في الأدوية الأساسية وتحقيق الأمن الدوائي . وأضاف ليس مطلوب من الحكومة الكثير المطلوب من الشركات المحلية بناء قدراتها الذاتية وتطوير صناعاتها الدوائية المحلية . مؤكدا بأنه يمكن لنا تجاوز الصعوبات من خلال العمل الجاد سيتم التغلب عليها كاملا سواء تشريعية أو فنية موضحا أن وضع إستراتيجية وطنية لتطوير الصناعة الدوائية لتعزيز فرص تحقيق الأمن الدوائي لا يقل أهمية عن الأمن الغذائي باعتبار الإستراتيجية المرتكز الأساسي المجسد للسياسة الدوائية والصحة العامة التي تعتمد على تحقيق الجودة لإنتاج دواء فعال و مناسب وفقا للمعايير العالمية . وأكد أن هذه الإستراتجية تمثل النقطة الأولى للانطلاق نحو الأمن الدوائي . مشيراً إلى أن بناء القدرات المؤسسية و التشريعية و التنظيمية للجهات المشرفة على الصناعات الدوائية تشكل المدخل الطبيعي للإستراتيجية وبناء القدرات الفنية و التنظيمية للمنشآت الصناعية الصيدلانية يجسد الأهمية الاقتصادية و الاجتماعية . وقال" البدايات الأولى للصناعات الدوائية الوطنية مثلت قاعدة الانطلاق الأولى للأمن الدوائي من خلال امتلاكها قدرات عالية وبنية تحتية حديثة تستوعب التطوير الرأسي و الأفقي كماً ونوعاً وبما يلبي احتياجات الصحة العامة الدوائية و العلاجية وكذا امتلاكها لمقومات التوسع في مجالات الاستثمار الحالية والمستقبلية" . وهنا يكمن السؤال الأبرز .. هل سنمضي قدما في استثمار قدراتنا الذاتية وتوحيد الصف بحثا عن ذاتنا المسلوب لعقود من الزمن ؟!. والسير قدما نحو بناء قاعدة صلبة تكون منطلقا حقيقيا نحو صناعة دوائية محلية تكفل لنا أمنا دوائيا يغطي متطلبات السوق المحلية ولو بأقل القليل . وهنا لا أعتقد أن العقل البشري للمختصين في مجال الصيدلة سيمثل عائقا كبيرا فالمواهب من المبدعين وأصحاب العقول النيرة موجودة تنتظر من الحكومة والقطاعين العام والمختلط وأصحاب المال للاستثمار في هذا المجال الحيوي والهام للغاية من يعطيها الضوء الأخضر لامتطاء صهوة التصنيع والعمل وسنجد يوما ما ما حلمنا به واقعا ملموسا يشار إليه بالبنان إن صدقت النوايا ووحد الجهد وإسقطت كل عوامل التعقيد وفتحت الأبواب بمصراعيها أمام الطامحين في هذا المجال الحيوي الهام وبضوابط وشروط معيارية لا تمثل عائقا بل تكفل قوننة التصنيع الجيد والآمن وضامنا حقيقيا للمصنع والمستهلك على السواء.. فهل يكون قريبا ؟! أم نظل ندور في عجلة مفرغة .. وهذا ما لا نأمله .
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص