بناء على توجيهات رئيس مجلس الوزراء الدكتور معين عبدالملك، يعكف فريق من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، على القيام بعملية مراجعة ودراسة وفحص تقارير البنك المركزي المتعلقة بالاعتمادات المستندية للسلع الأساسية، والإجراءات المتخذة في عملية التدخل النقدي لضبط العملة الوطنية.
توجيهات رئيس مجلس الوزراء إلى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، والصادرة في 16 يناير، للقيام بعملية المراجعة والفحص، والمرفقة بتقارير أداء البنك، جاءت إثر القضية التي صارت حديث الشارع اليمني، والمتعلقة باتهام إدارة البنك المركزي اليمني باختلاس مبالغ مالية تصل إلى 9 مليارات ريال الا انه لم يحيل الموضوع ذاته الى التحقيق وهو مايترك تساؤل وعلامة استفهام كبيرة حول مدى قدرة الحكومة تجاوز سلطة الفساد داخل الشرعية .
وكان حافظ فاخر معياد، مستشار رئيس الجمهورية، رئيس اللجنة الاقتصادية، رفع في 20 يناير 2018، إلى رئيس مجلس الوزراء، بطلب الموافقة لهيئة مكافحة الفساد بالتفتيش على عملية الفساد التي حصلت في بيع وشراء العملة، حيث أكدت المذكرة أن الفترة الماضية شهدت عملية مضاربة وتلاعب بالعملة الوطنية، وشبهات قوية بوجود عملية فساد واسعة النطاق، مقترحاً الموافقة لهيئة مكافحة الفساد بالتفتيش على عملية الفساد التي حصلت في بيع وشراء العملة.
وقام مستشار رئيس الجمهورية، رئيس اللجنة الاقتصادية، بإرفاق مذكرة تتضمن جدول الفوارق بين أسعار السوق وأسعار الشراء للعملة بالريال السعودي، خلال الفترة الممتدة من 4 إلى 29 نوفمبر 2018، حيث بلغ إجمالي المبلغ 8.969.000.000 ريال.
وبحسب مصدر خاص في الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، فإن التحقيقات التي يجريها الجهاز ستستمر إلى منتصف فبراير 2018، وسيتم رفع التقرير الخاص بعملية التحقيق إلى هيئة مكافحة الفساد، والتي ستحيله بدورها للنيابة العامة والقضاء.
وكشفت مصادر خاصة أن اللجنة المكلفة من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بالتحقيق في القضية، أكدت مصداقية التهم التي وجهها رئيس اللجنة الاقتصادية لقيادة البنك المركزي اليمني، ما جعلها تتوسع في عملية التحقيق والفحص، لتشمل جميع حسابات الاعتماد المستندية التي تتم تغطيتها من الوديعة السعودية في البنك.
المصادر كشفت أيضاً عن تورط مدراء عدد من البنوك المحلية واللجنة المعنية في البنك المركزي، بالتلاعب في تلك الاعتمادات، بالإضافة إلى تورط اللجنة السعودية المعنية بفحص ملفات طلبات فتح الاعتمادات المستندية لشراء المواد الغذائية والمشتقات النفطية، كما كشفت أن عملية التلاعب تتم في تقدير تغطية تلك الاعتمادات من قبل المستفيد بالريال اليمني مقابل قيام البنك المركزي بتغطيتها بالدولار من الوديعة السعودية من جهة، ومن جهة ثانية يتم التلاعب والمضاربة من خلال المبالغة في قيمة الاعتماد المستندي، وما يتم استيراده فعلياً، وهو ما يجعل عملية المضاربة والاستفادة بفوارق القيمة التي يدفعها التاجر المستفيد لقيمة الدولار تتجاوز المائة ريال.
الانهيار المتسارع للعملة الوطنية - بحسب خبراء اقتصاديين - جاء نتيجة عملية الفساد والمضاربة بالعملة والتعامل مع صرافين وبنوك تجارية، في ظل انتشار عدد كبير من محلات الصرافة دون تصاريح، والتي يقف وراءها مسؤولون كبار في وزارة المالية وفي البنك المركزي اليمني، وهو ما جعل الرئاسة تقيل بعض المسؤولين، وتحيلهم للتحقيق، وأبرزهم رئيس مجلس الوزراء السابق الدكتور أحمد عبيد بن دغر، ونائب وزير المالية منصور البطاني.
مصادر في الرئاسة اليمنية أشارت إلى أن التحقيق مع نائب وزير المالية السابق منصور البطاني، قد كشف عن شبكة فساد مكونة من مسؤولين كبار في وزارة المالية والبنك المركزي وجهات أخرى - لم يسمها - هي المسؤولة عن انهيار العملة من خلال التلاعب والمضاربة بها، والاشتراك بصفقات فساد مالي كبيرة جداً، وأن هذه الشبكة مدعومة من جهات خارجية ومرتبطة بها.
المصادر نفسها أكدت أن هناك توجهاً لدى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، لإقالة محافظ البنك المركزي وعدد من قيادات وزارة المالية، وإحالتهم للتحقيق، وأن حافظ معياد يعد أبرز المرشحين لتولي منصب محافظ البنك المركزي، غير أن هذا التوجه يعيقه حالياً ضغوط كبيرة لعدم اتخاذ قرار بهذا الشأن، يقودها قيادات عليا بالتحالف العربي، وأبرزهم السفير السعودي في اليمن.
وشهدت العملة الوطنية انهياراً كبيراً في قيمتها في ظل محافظ البنك محمد زمام، حيث وصل سعر الصرف من 214 إلى 800 ريال مقابل الدولار الواحد، قبل أن يتراجع تراجعاً بسيطاً إلى حدود 550 ريالاً مقابل الدولار الواحد، في حين استقر سعر الصرف عند 214 ريالاً للدولار الواحد خلال فترة المحافظ السابق محمد بن همام.