فُـزع أهالي حي المنزل بمدينة ذمار، الواقعة إلى جنوب العاصمة صنعاء، لدى مشاهدة الطفل علي الحمي ذي الـ7 أعوام، مضرجاً بدمائه، وعلى جسده آثار تعذيب وحشي.
أُسعف الطفل إلى مستشفى خاص قريب من مقر سكنه، في منتصف يناير الجاري، ظل ينزف لساعات طويلة، وهو في آخر أنفاسه، حتى فارق الحياة.
الطبيب الذي استقبل علي، قام بإبلاغ البحث الجنائي، وتم القبض على زوجة الأب على الفور.
المؤشرات الأولية توجه أصابع الاتهام إلى خالة الطفل علي (زوجة والده)، بارتكابها جريمة تعذيبه وقتله، لكنها نفت قتل الطفل بعد اعترافها بقتله، مدعية أنه تعرض لحادث صدام بدراجة نارية، فيما ذهبت الشكوك إلى اتهام شقيقته أسماء نبيل الحمي (12 عاماً) بقتله، بحسب مصدر مقرب من أسرة الطفلين، مضيفاً أن شقيقته محتجزة في البحث الجنائي في ذمار، على خلفية اتهامها بارتكاب جريمة مقتل شقيقها.
رواية مختلفة للحادثة
يروي المصدر المقرب من الأسرة (رفض الكشف عن اسمه)، واقعة وفاة المجني عليه،”، قائلاً: “شقيقة الطفل تشاجرت مع شقيقها، وضربته، ثم دفعته بقوه، ما أدى إلى سقوطه على حجر، تسبب له بجرح في رأسه، أدى إلى نزيف”، مبيناً أن “العلامات التي في ظهر الطفل هي نتيجة النزيف”.
ويضيف أن خوف الطفلة دفعها إلى حمل شقيقها إلى الشقة الواقعة بالدور الأول من العمارة التي يسكنها أهلها، فيما تسكن زوجة الأب بشقة بالدور الثاني.
أخبرت أسماء أهلها بما حصل، لكن الجد والجدة قررا توريط زوجة الأب لسببين؛ الأول لتبرئة شقيقة الطفل، والسبب الثاني لكي يتخلصا من زوجة الأب، وينتقما منها بسبب خلافات قديمة حصلت معها.
والمؤسف أن الأجهزة الأمنية ماتزال عاجزة عن كشف الجاني، رغم مرور شهر ونصف على حادثة قتل علي، بحسب المصدر المقرب.
محاولة كشف الحقيقة
بعد 3 أيام من وقوع حادثة مقتل علي، عقد مكتب وزارة حقوق الانسان في محافظة ذمار، اجتماعاً طارئاً لمناقشة قضية مقتله وتداعياتها.
وفي الاجتماع، تم الاتفاق على وضع آلية لمناصرة قضية علي، حتى ينال الجاني جزاءه العادل، من خلال النزول إلى البحث الجنائي والنيابة والمحكمة لمتابعة سير مجريات القضية، والحضور بقوة أمام الجهات ذات العلاقة، باعتبارها قضية رأي عام.
وتكفل أحد المحامين بالمتابعة والمرافعة كمناصرة فعلية لقضية الطفل المقتول. كما تم تكليف فريقين من المكتب لمتابعة القضية.
ويقول محمد الماوري، نائب مدير مكتب وزارة حقوق الإنسان في محافظة ذمار: “قمنا بزيارة إلى البحث الجنائي، وسمعنا منهم تفاصيل التحقيقات، وقامت مديرة مكتب حقوق الإنسان، بزيارة رئيس النيابة وزيارة السجن، والجلوس مع الطفلة، وتحدثت معها وتحدثت مع زوجة الأب، وننتظر وصول قرار الطبيب الشرعي، لكي يتسنى للقضاء أن يقول كلمته”.
ويضيف الماوري: “ما يهمنا هو قضية قتل وتعذيب طفل، فليكن القاتل من يكون، يجب أن ينال جزاء ما اقترفه، وفي الأول والأخير، وأكررها مراراً، نحن لا نتهم أحداً، ولن نسمح أن تُسفك قطرة دم بريئة سواءً كانت الزوجة، أو غيرها، وسنكون أول من يدافع عن البريء، ويناصر قضيته”.
أمراض نفسية تدفع إلى القتل
يعزو أخصائيو علم النفس، سبب تزايد حوادث القتل والعنف القائم على النوع الاجتماعي في اليمن، وبالذات العنف الموجه ضد الأطفال، إلى تداعيات تفاقم الحرب المشتعلة في البلاد منذ نحو 4 أعوام.
ويرى أخصائي العلاج السلوكي والمعرفي فاروق جهلان، أن الظروف المعيشية الصعبة، وحالة القلق التي ترافق غالبية أرباب الأسر في المجتمع اليمني، بسبب الحرب، تؤدي إلى الإصابة بالعديد من أمراض اضطراب الشخصية.
ويقول جهلان : “لا شك أن اضطراب الشخصية يدفع المصاب به إلى ارتكاب جرائم عدوانية نحو المجتمع، وعلى وجه الخصوص الفئات المستضعفة التي تكون غير قادرة الدفاع عن نفسها، كالأطفال والنساء، ومن تلك الجرائم العدوانية، التعذيب الذي يصل إلى حد قتل الطفل”، مضيفاً أن هناك أسباباً متعددة قد تكون مشتركة مع الأسباب المتصلة بتأثير النزاعات والحروب على الشخصية، يمكن أن تؤدي بالمرضى النفسيين لارتكاب جرائم التعذيب والقتل دون وعي وإدراك منهم، مثل ما يحدث للشخص المصاب بالاكتئاب السوداوي، فعندما يكون في أقصى حالاته قد يقتل المريض الأشخاص الذين يحبهم، قبل أن يقتل نفسه، لأنه يشعر أن الدنيا لا تستحق وجودهم فيها، لأنها سيئة جداً، فيفعل ذلك بدافع الحب، وهذا هو الأكثر خطورة.
لكنه يحذر، في الوقت نفسه، من خطورة ادعاء بعض المجرمين، المرض النفسي، بعد ارتكابهم الجريمة، بالقول: “بعض المجرمين يدّعون المرض النفسي، وبعد ذلك يرتكبون جريمتهم، وعند القبض عليهم يقولون بأنهم قاموا بهذه الجريمة أو الجرائم بسبب مرضهم، وفي هذا السلوك محاولة للهروب من الواقع، وعدم الاعتراف الداخلي بارتكاب الجريمة”.
*نقلا عن موقع المشاهد