في السوق القديم بمنطقة “الحوك” مدينة”الحديدة” ، كان العشريني ماهر محمد بكيره يعتاد نهار كل يوم على بيع القات ذو النوع الفاخر في تهامة والذي يُطلق على تسميته بـ”الشامي”،وحينما اندلعت الحرب اضطر (بكيرة) للنزوح هو وأسرته الى العاصمة صنعاء إسوة ببقية العاملين في مختلف المهن الذين فرو من جحيم النيران في منطقة عُرف عنها بالسكينة والهدوء طوال سنين عديدة .
ماهر الذي اضطر للعمل في بيع القات ، لم يستطع إكمال دراسته للعلوم السياسية وقد وصل للسنة الرابعة في جامعة الحديدة بسبب الظروف الاقتصادية السيئة التي يعاني منها جراء استمرار الحرب.
تذكر ماهر ذات يوم وهو يبيع” القات ” في أواخر سبتمبر/أيلول من العام 2016،كيف كانت اشلاء زملائه الذين يعملون في بيع القات مترامية الاطراف بعد أن تعرض السوق الذي كانوا يعلمون فيه لقصف جوي من قبل قوات التحالف العربي، قائلاً لـ”الحديدة نيوز”، ” لم أكن أصدق أنني مازلت على قيد الحياة ولم أصب بأي أذى، لقد كان منظر زملائي وهم قتلى مؤلماً للغاية،ومنذ ذلك الحين لم أدخل ذلك السوق ،مقرراً النزوح الى العاصمة صنعاء”.
يفيد ماهر بأنه “أخبر موردي القات الشامي الذي يزرع في منطقتي “المحابشة والشرفين ” بمحافظة “حجه” القريبة من “الحديدة”، عن قراره بالنزوح الى صنعاء ،مطالباً إياهم بدعمه وتزويده بالقات، كي يستمر في بيعه ، لكن مالكو مزارع القات حذروه من عدم تمكنه من بيع القات الشامي في صنعاء كونه ليس من الانواع المرغوبة لدى أبناء المناطق ذات المناخ البارد”.
في أول يوم دخل فيه إحدى أسواق بيع القات في العاصمة صنعاء ليبيع مابحوزته من قات ، تفاجىء (ماهر)،بتغير نمط البيع والشراء الذي اعتاد عليه طوال سبعة أعوام.
يقول ماهر لـ”الحديدة نيوز”،”هناك استهلاك كبير للقات من قبل المواطنين في صنعاء ، يطلبون شراء أي نوع من القات،والاسعار منخفضة مقارنة بماكنا نبيعه في الحديدة، أتذكر أول مرة بعت فيها القات بأحد الاسواق في صنعاء ،كيف كنت أفاخر بالقات الذي بحوزتي، وفي اعتقادي أنني سوف أبيعه خلال ساعة ، لكن ماحصل لي كان العكس، حينها بعت بخسارة،وتراجعت عن قراري في بيع القات الشامي”.
ويواصل ماهر، سرد حكايته “في فصل الشتاء رجعت من جديد أبيع القات الشامي في أسواق العاصمة صنعاء، لكنني ولله الحمد إستطعت أن أعوض ما خسرته خلال فصل الصيف،وربحت مبالغ مالية كثيرة ،وعرفت أنني لن أتمكن من بيع القات الشامي في صنعاء إلا خلال فصل الشتاء ، وكثيرين من نازحي الحديدة الميسورين الوافدين إلى العاصمة صنعاء كانوا يشجعوني ويشترون مني، وهانحن على أبواب فصل الصيف لذا اتجهت للقيام بعمل أخر،وهكذا نحن أبناء تهامة لانكل ولا نيأس من العمل “.
ضرائب القات :
ويعمل غالبية أبناء تهامة في الصيد والزراعة والرعي،وازدهرت تجارة القات خلال السنوات التي أعقبت الحرب الحالية بفعل تزايد عدد السائحين الوافدين للمحافظة من اليمنيين.
ورغم موجة النزوح التي شهدتها محافظة الحديدة ، إلا أن تجارة بيع القات ما تزال مزدهرة ،وفي الآونة الأخيرة تم استحداث الوحدة التنفيذية لضرائب القات في المحافظة ، وقد بلغ اجمالي إيرادات الوحدة خلال العام الماضي، مليارين و916 مليونا و261 ألفا و824 ريالا بزيادة مليار و212 مليونا و634 ألفا و724 ريال وبنسبة زيادة 72% عن نفس الفترة المقابلة من العام 2017م والتي بلغت مليار و703 ملايين و627 ألفا و100 ريالا،بحسب إحصائية صادرة عن مصلحة الضرائب بصنعاء.
*نقلا عن الحديدة نيوز