تضرب محافظة الحديدة الواقعة في الساحل الغربي موجة حر شديدة ، لم يسبق وأن وقعت خلال السنوات الماضية ،حيث وصلت درجة الحرارة في منتصف يونيو/حزيران الماضي إلى أكثر من 50 درجة مئوية ،بحسب نشرات صادرة عن هيئة الأرصاد الجوية في اليمن ،وبحسب رصد مواطنين اشتكوا من تضاعف الأعباء والمشقات الناتجة عن موجة الحر العنيفة التي تضرر منها عدد من المصابين بالأمراض المزمنة كالسكري والضغط.
إضافة إلى ان موجة الحر الأخيرة التي اجتاحت البلاد تسببت في انتشار الديد من الأمراض الجلدية ،كما أدت الى إتلاف العديد من المحاصيل الزراعية في عدة مناطق.
حروب وانحباس حراري :
ويستاءل الكثيرين عن الأسباب الحقيقية التي أدت الى ارتفاع درجة الحرارة في محافظة «الحديدة» ومدن أخرى لم يعرف ساكنيها حر الطقس المرتفع طوال تاريخها كـ مدينة «صنعاء» وغيرها من مدن المرتفعات الجبلية،وهل لقصف الطائرات والصواريخ والمدافع تأثير على الجو،وهل تأثرت اليمن بظاهرة «الإنحباس الحراري» العالمية .
وللإجابة على هذه التساؤلات يقول الأكاديمي المتخصص في قضايا البيئة الدكتور جواد الوبر ،بأن “درجات الحرارة ترتفع من عام الى اخر بسبب التغير المناخي الذي يسببه بشكل اساسي التلوث البيئي المتزايد بشكل مستمر, وتلعب الغازات الملوثة للهواء دورا رئيسيا في ظاهرة الانحباس الحراري التي تزداد بشكل مستمر نتيجة النشاطات الصناعية المستمرة والمتزايده”.
ويضيف الوبر ،القول« نستطيع القول أن الحرب تلعب دورا الى حد ما في تلوث الهواء وازدياد غازات الانحباس الحراري في محافظة «الحديدة» مما تؤدي الى تفاقم المشكلة البيئية، وفي التاريخ شواهد كثيرة لحروب استخدمت فيها مختلف أنواع الاسلحة وكان لذك تأثير سلبي على المناخ ،الأمر الذي دفع الأمم المتحدة الى وضع “معاهدة حظر استخدام الوسائل الحربية وغيرها للتأثير على البيئة الطبيعية”،وقد وقع على تلتك الاتفاقية كل من الإتحاد السوفيتي والولايات المتحدة في جنيف عام 1977« .
ويرى الوبر،أنه بالنسبة لمشكلة ارتفاع درجة الحرارة في العاصمة صنعاء ،فبرغم ان «طقسها معتدلاً نوعاً ما في فصل الصيف، الا ان ارتفاع درجة الحرارة تزداد في صنعاء من عام الى اخر بسبب الكثافة السكانية المتزايده والنمو الصناعي بالاضافة الى تزايد وسائل النقل ….. مما يؤدي الى انبعاث كميات كبيرة من الملوثات الغازية للهواء الجوي … تلك الملوثات تلعب دور اضافي باحداث خلل في الاتزان البيئي لمكونات الهواء الطبيعية (الاكسجين والنتروجين) محدثة نقص اضافي لنسبة الاكسجين في مدينة صنعاء اضافة الى النقص الناتج عن ارتفاعها عن سطح الارض ….. كل ذلك يؤدي الى عدم حصول سكان صنعاء على الكمية الكافية من الاكسجين».
تكيف مناخي :
وعن تأثير التغيرات المناخية على محافظة “الحديدة” يقول الصحفي المتخصص في المناخ عمر الحياني أن «ذلك التأثير ليس ملموسا على اليابسة فحسب، بل أصبحت مستويات البحار في تغير مستمر،كالبحر الأحمر، ويرجع ذلك إلى تغير في درجات الحرارة العالمية، مما سبّبّ في تمدد كتلة مياه المحيطات، وهذا مما ينبغي تسليط الضوء عليه بشكل أكبر ،فالتغيرات المناخية التي يشهدها العالم أثرت على كل دول العالم . فخلال الخمسين سنة الماضية ارتفعت درجة الحرارة ما يعادل نصف درجة مئوية والسبب يرجع إلى ارتفاع النشاط البشري الصناعي والتعديني فكلما زاد معدل الانبعاثات الغازية زاد معدل الحرارة ومدينتي«الحديدة و صنعاء» جزء من هذا التغير المناخي الذي يشهده العالم بفعل التغيرات المناخية الناتجة عن الاحتباس الحراري» .
وكحلول مؤقته يمكن القيام بها لمواجهة ارتفاع درجة الحرارة ،يرى الحياني ،أن «هناك ما يسمى بالتكيف المناخي لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة او ما يسمى التغيرات المناخية ولعل أبرز عوامل المساهمة في التكيف المناخي: زيادة التشجير وبالذات الأشجار الحراجية المتكيفة مع ارتفاع الحرارة ،والالتزام بمواثيق الأمم المتحدة في مكافحة التغيرات المناخية من خلال تقليل نسبة التلوث في الانبعاثات الغازية مع وضع حلول مستقبلية لمواجهتها ،وتدريب السكان والمزارعين على الانتقال إلى مراحل جديد من التكيف المناخي».
العالم كله يعاني :
و ذكره موقع “اف بي ري ” الروسي، بأن العام 2019 سيحطم الأرقام القياسية من حيث ارتفاع درجات الحرارة، وأرجع الخبراء ذلك إلى أن زيادة انبعاث الغازات الدفينة في الغلاف الجوي، التي وصلت إلى مستوى قياسي خلال السنة الماضية، يسرع من الاحتباس الحراري المتمثل في ارتفاع درجة الحرارة السطحية المتوسطة في العالم مع ارتفاع كمية ثاني أكسيد الكربون، وبعض الغازات الأخرى في الجو.
وبيَّن الموقع أنه كل بضع سنوات أو أشهر، تحدث تقلبات في درجات حرارة المياه السطحية، الأمر الذي يعرف بظاهرتي “النينو” و”النينيا” في علم المحيطات وعلم المناخ، وتُعرف ظاهرة “النينيا” بانخفاض درجات الحرارة عن معدلاتها في المحيط الهادئ، وترجع إمكانية ارتفاع درجة الحرارة عام 2019، إلى احتمال حدوث ظاهرة “النينو”، وذلك بحسب ما توصل إليه خبراء الأرصاد الجوية.
وبحسب العالم بالمنظمة العالمية للأرصاد الجوية عمر بدر، فإن بلدان المنطقة العربية أكثر عرضة للخطر، لا سيما خطرالجفاف والتصحر، فالمنطقة العربية تعاني بشكل عام من نقصان المياه، وتواتر ظاهرة الجفاف سيكون للأسف أشد مع ارتفاع درجات الحرارة، مما يؤدي إلى صعوبة كبيرة في إيجاد موارد مائية قابلة للاستعمال في المجالات المختلفة كالزراعة والمياه الصالحة للشرب، حسب قوله لموقع “أخبار الأمم المتحدة”.
* انقلا عن موقع الحديدة نيوز