م الظروف السيئة التي يعاني منها اليمنيون بسبب الحرب التي ما تزال تدور رحاها في بلادهم، إلا أن الكثير من أرباب الأسر في العاصمة صنعاء باتو حريصين على إلحاق أبنائهم بأندية ومراكز تدريب لعبة المصارعة بكافة أنواعها وأوزانها.
shareرغم توقف معظم الأنشطة الرياضية في اليمن بسبب الحرب، إلا أن رياضة المصارعة تعرف ازدهارًا استثنائيًا وإقبالًا كبيرًا على ممارستها
وعلى ذلك تزايدت أعداد تلك المراكز والأندية، لتصل إلى 30 مركز وناد، بحسب مكتب الشباب والرياضة بأمانة العاصمة صنعاء.
دفع ذلك الأمر بعدد من لاعبي المصارعة المحليين إلى تأسيس مركز لتدريب فئتي الأطفال والشباب على لعبة المصارعة، ومختلف أنواع الفنون القتالية الرياضية تحت مسمى "الواعدين".
ويصل عدد منتسبي ذلك المركز إلى 50 لاعبًا تم أختيارهم بعناية من بين مئات المتقدمين من مختلف مناطق العاصمة صنعاء، بحسب حديث مدير المركز لـ"التراصوت".
"واعدون" دون إمكانيات
إبراهيم الجنيد أحد المواطنين المقيمين في العاصمة صنعاء، وجد في نجله محمد، البالغ من العمر 12 عامًا رغبة جامحة في ممارسة المصارعة، لذلك قام بتسجيله في برنامج الواعدين المجاني الذي يشرف عليه الاتحاد اليمني للمصارعة واللجنة الأولمية اليمنية.
لكن إبراهيم يواجه صعوبات مالية تتمثل في عدم قدرته على دفع أجور المواصلات التي تقل نجله من منزلهم إلى مركز التدريب. يقول إبراهيم لـ"التراصوت": "رغم الظروف الاقتصادية السيئة إلا إنني سأواصل تشجيع نجلي على الاستمرار في تحقيق متعته وحلمه وعشقه للمصارعة".
أصيل المقطري، شاب آخر التحق بمركز الواعدين لتعليم المصارعة في وقت مبكر، وحقق نجاحات ملفتة من خلال مشاركته في بطولات محلية ودولية.
يشكو المقطري الظروف الاقتصادية المحيطة به، قائلًا: "حينما انضممت لمركز الواعدين كنت أطمح في احتراف لعبة المصارعة لأني أعشقها، لكنني صدمت بشح الإمكانيات المادية للمركز وعانيت كثيرًا في البداية".
مع ذلك، استمر المقطري في التدريب، وشارك في بطولات عدة، أبرزها البطولة العربية لناشئي المصارعة للواعدين تحت سن 17 عامًا، والتي أقيمت في العاصمة العراقية بغداد، وحصل فيها المقطري على ميداليا ذهبية.
تجربة ناجحة
حينما اندلعت الحرب في اليمن قبل نحو خمس سنوات، توقف الدعم المالي للأندية والمنتخبات، فتوقفت معظم الأنشطة الرياضية، عدا أندية ومراكز لعبة المصارعة، فقد جاهدت للاستمرار.
وفي العام 2017 غادر اليمن المدرب العراقي ثابت الأعظمي، مدرب المنتخب اليمني للمصارعة، بعد أن رشح شابين من لاعبيه ليكونا مدربين بديلين عنه، وهما محمد الصهباني وبشير اليمني.
منذ ذلك الحين حمل الشابان على عاتقهما ضرورة استمرار استقطاب لاعبين جدد من عمر السابعة أعوام وحتى الـ17.
يقول محمد الصهباني، مدرب المنتخب الوطني اليمني للمصارعة، وأحد مؤسسي برنامج "الواعدين"، إن "إقبال الأطفال في العاصمة صنعاء على تعلم لعبة المصارعة قد تزايد خلال العامين الماضيين في المدارس والمراكز والأندية المتعددة على ستوى حارات وأحياء العاصمة"، لافتًا إلى أنه إقبال "لم يكن متوقعًا".
ويضيف الصهباني الذي لم يتجاوز عمره الـ25 عامًا: "قمنا بتطبيق ذات التجربة التي خضناها منذ أن كنا صغارًا في السن، وأضفنا للتجربة تنفيذ برامج علمية من خلال الدورات التدريبية التي استفدناها من تجارب مدربين سبقونا في الوطن العربي ودول أجنبية، ولاحظنا تطورًا كبيرًا لدى اللاعبين المنضمين لبرنامج الواعدين".
يهدف الصهباني ومن معه، من خلال برنامج "الواعدين"، إلى أن تستمر لعبة المصارعة في اليمن، بطريقة منظمة قدر الإمكان، بالإضافة إلى "تلبية ما يطمح إليه اللاعبون اليمنيون من مختلف الفئات العمرية والأوزان".
ويؤكد الصهباني أنه يعمل مع زميله بشير اليمني على اكشاف مواهب المنتسبين لبرنامج "الواعدين" والعمل على تأهيلهم وإعدادهم للمشاركة في البطولات المحلية والدولية، "كل ذلك بشكل طوعي دون مقابل مادي"، كما يقول.
وفي آذار/مارس الماضي، أقام مركز "الواعدين" بطولة للمصارعة في صنعاء،بمشاركة 42 لاعبًا. وشهدت البطولة منافسات قوية لتسعة أوزان في فئة الواعدين للعبة المصارعة.
الولع بالقوة
مسؤولون عن إدارة الأندية الخاصة بالمصارعة في اليمن، يرجعون سبب إقبال اليمنيين على ممارسة لعبة المصارعة لولعهم بالقوة والبأس.
يقول يحيى شيبان، رئيس فرع الاتحاد العام للمصارعة وبناء الأجساد، بأمانة العاصمة صنعاء: "الشخصية اليمنية العامة تشبه المصارع ذو القوة والبأس والشجاعة، لذا لا غرابة عندما نلاحظ التحاق أعداد كبيرة من مختلف الفئات العمرية بأندية المصارعة، ولا نستغرب الإنجازات التي تحققت في اللعبة على مدى الأعوام الماضية، بما فيها سنوات الحرب التي أثرت سلبًا على كل شيء".
ومن جانبه، قال عبدالله المغربي، أمين عام الاتحاد العربي للمصارعة، ، إن "مركز الواعدين" في صنعاء، هو "الوحيد الذي مايزال فاعلًا على مستوى المحافظات اليمنية"، مضيفًا أنه "لولا الحرب في اليمن لتطورت لعبة المصارعة إلى مستويات متقدمة أكثر على كافة المستويات".
shareيهدف الصهباني ومن معه، من خلال برنامج "الواعدين"، إلى أن تستمر لعبة المصارعة في اليمن، بطريقة منظمة قدر الإمكان
يُذكر أن الاتحاد اليمني للمصارعة، تأسس عام 1984 في العاصمة صنعاء، حيث يُعد الكيان الرسمي الجامع لكافة أندية ومراكز المصارعة في مختلف المحافظات اليمنية.
*الترا صوت