حكمة وقت زكاة الفطر أمرَ الشارع بزكاة الفطر، وجعل الحكمة منها طُهرةً وكفّارةً للمُزكّي على ما حصل من النقص في صومه، أو ما شابَه من الكراهة، أو الإثم فيه، أمّا الحكمة منها بالنسبة للآخذ إغناؤه وأهله عن الناس في أيّام العيد؛ فقد أقَّتَ الشارع زكاة الفطر بوقتٍ وأوجبها فيه، وهذا الوقت فيه سعة على الدافع بحيث يتمكّن من أدائها، وعلى الآخذ بحيث يتمكّن من الاستفادة من المال.
وقت وجوب إخراج زكاة الفطر تُعرف زكاة الفطر بأنّها الصدقة التي يُخرجها المُسلم عندما يفطر من رمضان، وسميت بزكاة الفطر لارتباط سببها بالإفطار، وقد اختلف الفقهاء في وقت إخراجها على قولَين، كما يأتي: الشافعية والحنابلة: تجب عندهم بغروب الشمس من آخر يوم من أيّام رمضان؛ وهي ليلة العيد، واستدلّوا بحديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الذي يرويه ابن عباس -رضي الله عنه-؛ إذ قال: (فرض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زكاةَ الفِطرِ طُهرةً للصَّائمِ من اللَّغوِ والرَّفَثِ وطُعمةً للمساكينِ)؛فالنبيّ أوجب زكاة الفطر عند الفِطر من الصيام، وهذا الفِطر يتحصّل بغروب الشمس في آخر يوم من رمضان.المالكية والحنفية: تجب عندهم عند طلوع فجر يوم العيد؛ باعتبار أنّ الفِطر يبدأ في هذا اليوم،واستدلّوا بحديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الذي رواه ابن عمر -رضي الله عنه-: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُخرجُ صدقةَ الفطرِ قبل أنْ يخرُجَ ... وكان يأمرُنا أنْ نُخرجَها قبلَ الصَّلاةِ ، وكان يُقسِّمها قبلَ أن ينصرفَ ، ويقولُ : أغنوهُمْ عن الطَّوافِ في هذا اليومِ)؛فقد بيّن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّ إغناء الفقراء يكون في يوم العيد، وهو يتحقّق بطلوع الفجر. وتجدر الإشارة إلى أنّ الفائدة المَرجُوّة من هذا الخلاف تكمن في مسألتَي وجوب صدقة الفطر على المولود الذي يُولَد بعد غروب شمس آخر يوم من شهر رمضان وقبل طلوع فجر يوم العيد، ومن مات بعد غروب الشمس وقبل الفجر؛ وقد ذهب الشافعية والحنابلة إلى أنّ المولود قبل غروب الشمس تجب عليه صدقة الفطر، وأما إذا ولد بعد الغروب فلا تجب عليه، ومن مات قبل الغروب فلا تجب عليه، وأمّا من مات بعده فتجب عليه، وذهب المالكية والحنفية إلى أنّ المولود بعد فجر يوم العيد، وقبل طلوع الشمس تجب عليه صدقة الفطر، وأما إذا ولد بعد طلوع الشمس فلا تجب عليه صدقة فطر، ومن مات قبل طلوع الفجر لا تجب عليه، ومن مات بعده فإنها تجب عليه. وقت أفضلية إخراج زكاة الفطر اختلف الفقهاء في الوقت الذي يُفضّل فيه اخراج صدقة الفطر كما يأتي: المالكية: يندب إخراجها بعد الفجر من يوم العيد، ويحرم تأخيرها عن يوم العيد. الشافعية والحنفية والحنابلة: تكون أفضلية إخراجها يوم العيد وقبل صلاة العيد؛ لأمر النبي بها قبل الخروج إلى الصلاة. وقت جواز إخراج زكاة الفطر اختلف الفقهاء في الوقت الذي يجوز فيه للمسلم إخراج زكاة الفطر، على قولين كما يأتي: القول الأوّل: ذهب المالكية إلى جواز إخراجها قبل بيوم أو يومين، ولا يجوزإخراجها قبل ذلك ووافقهم في ذلك الحنابلة، لفعل ابن عمر -رضي الله عنهما-، فقد كان يخرجها قبل العيد بيوم أو يومين، كما ووافقهم في ذلك الشافعية، وذهبوا إلى جواز إخراجها في نهار يوم العيد، والأفضل أن تكون قبل صلاة العيد في بداية اليوم. القول الثاني: يرى الحنفية جواز إخراجها من أول أيام شهر رمضان، واستدلوا بأنّ السبب منها الصوم والفطر، فإذا وجد أحد السببين يجوز للمسلم إخراجها. وقت كراهة إخراج زكاة الفطر بين الفقهاء أن هناك أوقاتاً يُكره فيها تأخير صدقة الفطر؛ فقد رأى الشافعية كراهة تأخيرها عن صلاة العيد، وأما الحنابلة فيرون كراهة تأخيرها إلى آخر يوم العيد،ويرى المالكية أنها لا تسقط بمجرد مضي زمنها، بل تبقى في ذمة الإنسان، ويجوز إخراجها بعد صلاة العيد.ورأى الحنفيّة عدم كراهة تأخيرها بعد العيد. وقت حرمة إخراج زكاة الفطر اختلف الفقهاء في الوقت الذي يحرم تأخير صدقة الفطر عنه، على قولين، كما يأتي: القول الأوّل: حرمة تأخير صدقة الفطر عن يوم العيد، ولكنها لا تسقط بعد يوم العيد، وتبقى في ذمة الشخص، وهذا بالنسبة للغني، وأما إن كان فقيراً يوم العيد ولا يستطيع إخراجها فلا شيء عليه، وهذا ما رآه المالكية، ووافقهم في ذلك الشافعية والحنابلة؛ لأن القصد منها إغناء الفقير في يوم العيد، لما فيه من إظهار الفرح والسرور.القول الثاني: جواز تأخير أو تعجيل صدقة الفطر، كما رأى الحنفيّة؛ فيجوز أداؤها قبل يوم الفطر أو بعده؛ والسبب في ذلك أنها عبادة مالية معقولة المعنى، فلا تسقط عن المسلم إلّا بالأداء، كما ويجوز أداؤها من أول السنة؛ واستدلوا على أنها كالزكاة، ولكنّ تأخير صدقة الفطر عن وقتها يوجب الإثم بهذا الفعل، ويلزم صاحبه القضاء، وتبقى في ذمته إلى أن يدفعها إلى مُستحقيها وهذا باتّفاق المذاهب جميعها.
المصدر / موضوع