مهاجر يمني لنظرائه: إذا كنتم مصممين على الهجرة توقعوا اشياء لاتخطر ع بالكم وهي الأسوأ ولا تتفاءلوا

منذ خروجه من اليمن حتى وصوله إلى صربيا، جمع رمزي قصص مئات المهاجرين ممن تعرضوا لتجارب ستعيد صياغة شخصياتهم ونظرتهم للعالم الذي يعيشون فيه. " لن أنسى بعض تلك القصص ما حييت، لم أتخيل إمكانية تحول البشر إلى وحوش بهذه البساطة"، قال المهاجر اليمني المتواجد في مخيم سومبور حاليا في صربيا.

رمزي القحطاني، كاتب وشيخ قبلي وعضو في اتحاد شباب الثورة اليمنية. مهاجر متواجد حاليا في صربيا.

رمزي، مهاجر يمني يبلغ من العمر 34 عاما. ترك بلاده بحثا عن الأمن والمستقبل الأفضل في أوروبا.

وذكر موقع المهاجر نيوز أن حال رمزي كحال الآلاف غيره، ممن كانت لديهم آمال وتوقعات عن أوروبا، "اتضح أن معظمها سراب"، بحسب تعبيره.

"خرجت من اليمن في أيلولسبتمبر 2019 إلى عمان، ثم إيران، ثم تركيا. تهريب طبعا. طبعا هذا الجزء من الرحلة لم يكن أقل قسوة من الجزء الأوروبي منها. ولكني طوال الطريق كنت أمنّي نفسي بالوصول إلى أرض الحقوق والأحلام. لم أكن لأتخيل أبدا كم الخيبات التي تعرضت لها في أوروبا".

"قصص المهاجرين أشد وقعا من أحداث رحلة الهجرة نفسها"

"مكثت في تركيا نحو ستة أشهر، واجهت ما واجهه غيري من المهاجرين. كان الوصول إلى اليونان نصب عيني، إلى أن حان موعد الرحلة وتعرفت على أوروبا للمرة الأولى. في آذارمارس الماضي انطلق بنا الزورق باتجاه ليسبوس. كان معنا نساء وأطفال. في المياه الإقليمية اليونانية واجهنا خفر السواحل اليوناني، هددونا، لوحوا قضبان حديدية بوجهنا، مارسوا مناورات خطيرة بزورقهم بجانب قاربنا، كنا على وشك الغرق. لم نستسلم، أكملنا طريقنا حتى وصلنا إلى ليسبوس. وحكايتنا هناك لم يعرفها العالم بعد أو وضعونا على متن سفينة حربية بانتظار إجلائنا إلى البر الرئيسي".

صورة من داخل السفينة الحربية التي كان على متنها رمزي ومهاجرين آخرين أمام ميناء ليسبوس

أكثر ما أثر بالمهاجر الشاب هو القصص التي جمعها من مهاجرين آخرين على طريق رحلته، "لن أنسى ذلك الرجل العراقي وهو يحكي لي كيف فقد ابنه في بحر إيجه ولم يتمكن من إنقاذه، كان أمامه خيارين، إما التشبث بأولاده وزوجته على القارب أو انقاذ ابنه. لن أنسى حزنه ولوعته وهو يحكي القصة. قلت لنفسي هل تستأهل أوروبا كل هذه المخاطرة والعذابات للوصول إليها؟".

للمزيد>>> "نحن في سجن على هذه السفينة.. وتمت معاملتنا بوحشية"

"بعد طول انتظار على السفينة، تحركنا باتجاه البر الرئيسي. هناك أرسلونا إلى مخيم مالاكاسا. يمكنني القول بأنني تعرضت لأول موقف عنصري  في حياتي هناك، في اليونان، البلد الأوروبي. غالبا ما كنا نحن سكان المخيم نتعرض للتحرش والتهديد أثناء خروجنا من المخيم لقضاء حاجاتنا. في ذلك المخيم شهدت على عملية دهس مهاجرين أفريقيين. الأول توفي متأثرا بإصابته، أما زوجته فبقيت على قيد الحياة. قالت لنا بعد عودتها من المستشفى بأن السيارة التي دهستها وزوجها تابعة للشرطة، رأت شعار الشرطة عليها. طبعا حادث كهذا جعلني أشعر بعدم الأمان هناك. كان علي العمل سريعا على الخروج من اليونان".

مخيم مالاكاسا

"توالت الأيام في اليونان، وتوالت القصص والحكايات التي كنت أسمعها من الهاجرين الآخرين. لم أعد أقوى على التحمل، هل هذه هي أوروبا بلاد العدل والحقوق والمساواة؟".

"الشرطة الصربية سرقت هواتفنا وأموالنا وأعادونا إلى الحدود"

"في تموزيوليو الماضي انطلقت وصديقين باتجاه صربيا. نريد أن نكمل طريقنا باتجاه أوروبا الغربية. عبرنا الحدود إلى ألبانيا ثم كوسوفو وصولا إلى صربيا. عند الحدود، لاقتنا دورية للشرطة الصربية. بداية طلبوا منا التقدم، أخذوا كل ما لدينا من أوراق وأموال وهواتف وبطاريات شحن للهواتف، ثم انهالوا علينا بالضرب والإهانات. أعادونا إلى الحدود وهم يتوعدونا بالمزيد لو أعدنا الكرّة مرة أخرى".

"عدنا إلى كوسوفو، اشترينا هواتف جديدة وبعض الطعام بالأموال التي تمكنا من إبعادها عن أنظار الشرطة الصربية. بعد يومين أعدنا الكرّة، هذه المرة من نقطة مختلفة. لم يكن أمامنا خيار، فعبور صربيا إجباري. نجحنا، وسلمنا أنفسنا للشرطة التي نقلتنا إلى مخيم سومبور حيث مازلت".

بحسب رمزي، الناشط السابق في مجلس شباب الثورة اليمنية، تحمل طريق الهجرة من المعاناة ما يكفي لتحطيم آمال وأحلام المهاجر. أما القصص التي سيأتي عليها المهاجر، والتي سيسمعها من مهاجرين آخرين، فلها الوقع الأكبر على نفسيته ورؤيته للواقع.

"... اغتصبوهما أمام المجموعة كلها"

"في سومبور، تعرفت على مهاجرين يمنيين آخرين، قالا لي إنهما قدما من تركيا، وأن مجموعة من المهربين الباكستانيين أمنت لهما وللمجموعة التي كانا برفقتها الطريق إلى اليونان عبر البر. لكن ما حصل معهما كان له عميق الأثر في نفسي، المهربون أخذوهم إلى منطقة حرجية على أطراف أدرنة حيث سلبوهم كل شيء، الثياب والهواتف والأموال تحت تهديد السلاح. كان من ضمن المجموعة امرأتين أفريقيتين. أخذوهما واغتصبوهما أمام المجموعة كلها. هذا شيء لا يمكن نسيانه أو غفرانه. كيف يمكن لأي كان أن يعتدي على امرأة تحاول النجاة بنفسها والبحث عن حياة أفضل. كيف يمكن السماح لمن انتهكوا حرمة هتين المرأتين أن يكملوا حياتهم بشكل طبيعي دون عقاب؟ أين العدل في كل هذا".

"بالنسبة لي، كل ما تعرضت له خلال رحلتي لا يرقى لمستوى العذابات التي تعرض لها كثيرون تعرفت عليهم هنا. قصة المرأتين والرجل العراقي وغيرهما لن تبارح فكري".

يقول رمزي إن مخيم سومبور في صربيا مليء بالجرحى والمعذبين، "الكثير من الأحلام المحطمة والآمال المسحوقة. معظم من هم هنا تعرضوا للضرب والتعذيب في صربيا أو كرواتيا أو المجر أو اليونان أو تركيا. في كل محطة كان هذا مصير الكثيرين منهم".

"بعد كل ما مررت به أستطيع القول بأنني أنصح المهاجرين الاقتصاديين بعدم المجيء إلى أوروبا، فلن يشهدوا سوى العذاب والإحباط. أما أولئك من فروا بسبب الحروب والأمن، فأقول لهم ابقوا حيث أنتم، لا تخاطروا بهذه الرحلة، فما ستتعرضون له مخيف جدا. وإذا كنتم مضطرين ومصممين على المجيء، توقعوا الأسوأ ولا تملؤوا نفوسكم بالتفاؤل... كان لدي آمال كبيرة في أوروبا، لكن الواقع حوّل الآمال إلى انتكاسات. حقوق الإنسان والفرص المتساوية والعدالة الاجتماعية، للأسف كل ما كنت أتوقعه اتضح أنه سراب".

 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص