د/عادل الشجاع
ما نحن عليه اليوم هو نتاج لعجزنا من جانب وعدم اعترافنا بالخطأ من جانب آخر. خرج الشباب إلى أمام بوابة جامعة صنعاء يطالبون بتحسين مستوى حياتهم فدخلت الأحزاب السياسية لتمتطي ظهورهم ساعية نحو تدمير مؤسسات الدولة وتدمير النظام. بعد مرور أربع سنوات وبعد أن أطمئن الحوثيون أن النظام أصبح ضعيفا وغير قادر على حماية المجتمع انقضوا على خصومهم مستفيدين من روح الكراهية وثقافة الثأر بين الكيانات السياسية والاجتماعية التي جسدها رئيس الجمهورية المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي. استفاد الحوثيون من الوضع الداخلي والإقليمي والدولي فدخلوا إلى صنعاء تحت راية ثورة 11 فبراير وبعدها ثورة 21 سبتمبر. لم يكن لهم من هدف في الحياة سوى الصعود على سلم السلطة للوصول إلى القمة. ونتيجة لسوء الأوضاع فقد رحب الشعب اليمني بهم إعتقادا منه أنهم سيقدمون له الحل الذي بحث عنه طويلا. ونظرا لبساطة هذه الجماعة وليس لديها خبرة أو تجربة سياسية حاولت أن تتحصن بضخ الكراهية للآخر إعتقادا منها أنها ستلفت إنتباه الناس بعيدا عن عجزها في إدارة شئون الحياة. ونتيجة لذلك أصبحت تكرر نفسها بشكل يومي، وليس للحياة وجود إلا في تفاصيل حياتها، ولا هدف لوجودها سوى في إلغاء الآخرين. ليش يثير اهتمامها سوى جمع المال، وتعيين أتباعهم بطريقة جعلت من هذه التعينات تكاد تكون جزءا من من هدفهم الوظيفي. ولعل تعيين ابن ال 19 ربيعا كمستشار للرئاسة غير الموجودة أصلا يعطي دلالة واضحة بأن هذه الجماعة متواطئة مع العدوان. يتسابقون مع هادي في التعينات بما يثقل كاهل الدولة التي لم تعد قادرة على دفع المرتبات. ما وصلت إليه هذه الجماعة ليست المسؤلة عنه بمفردها، فالأحزاب السياسية والمجتمع يتحملان جزءا كبيرا مما وصل إليه الوضع، فالعجز تملك الجميع حتى فقد المجتمع الشعور بالحياة الحقيقة. لذلك أصبح العجز طريقا للاستبداد، كما أن أغلب الصحفيين والمثقفين فقدوا القدرة على التمييز بين الدفاع عن الوطن والدفاع عن أفراد. ومن هنا تسلل العجز تحت مسميات مختلفة ومغرية لأنها ارتبطت بأهداف ذاتية وضيقة وليست وطنية. الجميع يدعي الوطنية، لكن لا أحد يفرق بين الدفاع عن الحجارة والطين خدمة لأقلية وبين الدفاع عن الإنسان كإنسان وحقه في الحياة والعيش الكريم. لقد فقد المجتمع اليمني كثيرا من الأواصر بين أفراده وتوحش الاستبداد. لقد جاء الحوثيون رافعين شعار مواجهة الفساد وتحرير القرار اليمني من الهيمنة والتبعية. فكانت النتيجة أننا أصبحنا الدولة رقم واحد في الفساد. وانقطعت علاقتنا بالخارج وانقطعت حتى بين القرى والمدن اليمنية بعضها البعض. هذه الجماعة تنتحر بالهروب إلى الأمام ولم تعد قادرة على مراجعة أمرها. لذلك مطلوب من العقلاء داخل هذه الجماعة أن تكبح جماح المتطرفين منهم فاستمرارهم سيغرق البلاد في مستنقع الكراهية. ومطلوب من العقلاء في الأحزاب السياسية اليمنية جميعها أن يقفوا ليعلنوا بصوت واحد السلام ووقف الحرب. فلنتقي الله في وطننا وأهلنا. يكفي قتل. يكفي دمار. يكفي حقد. يكفي كراهية. لنستبدل الحرب بالسلام. والكراهية بالحب.
إضافة تعليق