كيف تخلصت "فردوس" من جحيم الزواج المبكر؟

لة يمنية قادتها المدرسة إلى الإبداع والعادات والتقاليد تسير بها نحو الضياع، لم تسكت عن حقها كطفلة لمواصلة تعليمها بعد أن وجدت النعيم العلمي في المدرسة وحقها في التعليم، ورفضت جحيم الفقر المُقيّد على أسرتها. وجه المعاناة فردوس، طفلة تعيش في أحد مخيمات النازحين بمحافظة الضالع والتي تصفها معلمتها "بالبؤرة التي ينتشر فيها زواج القاصرات ودمرت طفولة العشرات لكن فردوس تتمرد وتحاول الانتصار من الخيمة التي تعد مأواها". من داخل مخيمات النازحين تحكي أمها صورة من المعاناة التي عاشتها " ابنتي ولدت تحت شجرة في حضرموت، والدها قام بطلاقي وهي تعيش اليوم معي بعد أن تزوجتُ بزوج آخر لكن هذا الموقف شكل لفردوس وجعًا منذ الطفولة". وتضيف أم فردوس" لكن بنتي تتهرب من الزواج وتريد أن تتعلم ونحن نعاني من الفقر بسبب الحرب التي تشهدها البلاد، وزوجي مقعد داخل خيمته واستعين بفردوس لجمع مصاريف بالعمل أو التسول وأحياناً نبحث عن طعام من مخلفات القمامة لأولادي". عبده جابر أحد أفراد المخيم يقول " هناك ضغط من الأسرة لزواج فردوس مثل غيرها، بسبب غياب لقمة العيش ". ويسهب جابر بالحديث إن البحث عن مصاريف الأسرة هو الأهم بالمخيمات بدلا من الدراسة وإذا وجد المال يتم زواج الفتاة دون النظر للعمر، لكن فردوس تقود ثورة توعية في المخيمات وبدأت تثمر حد قوله ". إرادة علم تذهب فردوس لتلقي تعليمها بشكل يومي وتربط بين جمع المال عن طريق العمل واللجوء لطلب المساعدة للأسرة في ساعات الظهيرة من أجل سد رمق أسرتها والدراسة في الصباح. وبسبب ذلك لم تترك المدرسة وتألقت فبحسب معلمتها:" فردوس تألقت وأصبحت طالبة فيها ذكاء كبير ولديها طموح أن تكون مهندسة ". بسبب ذلك تواجه فردوس في المخيم ضغطًا جعلها توجه رسالة لمديرة المدرسة التي تتعلم فيها عبرت عنها مديرتها بالقول: " رسالة فردوس فيها وجع على مغادرة المدرسة بأن حقها في التعليم سيضيع إذا تزوجت وتطلب منها فصلها من المدرسة " هذا طلب من فردوس تكرر لمساعدتها وإنقاذها من الزواج المبكر. في هذا الصدد يرى الناشط محمد الحربي أن "ظاهرة زواج الصغيرات في المخيمات أصبح خطراً يهدد الفتاة بالحرمان من حقوقها وأن تعيش طفولتها، ويقودها إلى الضياع النفسي والجسمي ويحرمها من كل الحقوق". وحسب دراسة للباحثة الاجتماعية ساجدة أحمد فإن مخيمات النازحين بمحافظة الضالع ينتشر فيها زواج القاصرات بشكل كبير وضحايا الزواج المبكر بالعشرات. وتطرقت ساجدة إلى ذكر أهم الأسباب المؤدية لذلك منها الخوف على البنات من العار لدى بعض الأسر وكذا الحالة الاقتصادية المتردية، وقلة الوعي المجتمعي بمخاطر زواج القاصرات وبالذات في حقوق الطفل بشكل عام. قصص أخرى في ذات المخيّم تتحدث الطفلة عتاب: "تزوجت وعمري 12 سنة وأصبح لدي 6 أطفال 3 منهم معاقون وأشعر بالمرض والمعاناة لم أرَ النوم أو الراحة منذ تزوجت، كلما أنجب طفل مرض الطفل وأمرض أنا أيضا ". هناك نماذج كثيرة وضحايا للزواج المبكر منهم الطفلة ياسمين في مخيم آخر عمرها 12 عامًا تقول "تزوجت وأصبح لي ولدان وتعبت كثيرًا من الحمل ودمر جسمها وحياتها فلا راحة حتى أن جسمي أصبح هزيلًا". رأي قانوني وذكر تقرير لليونسيف عن وضع الأطفال في العالم أن الأدلة تشير إلى أن الفتيات اللائي يتزوجن في سن مبكرة يتركن التعليم الرسمي ويصبحن حوامل، في كثير من الأحيان. المحامي عمر عياش يضع رأيه القانوني بذلك ويقول " كان هناك قانون يحدد سن زواج الفتيات في اليمن بـ 15 عاماً، صدر في السبعينيات، ثم جرى تعديله عام 2000 ليبقى عمر الزواج مطلقاً، إلا أن القانون نصّ على عقوبات بالسجن بين شهرين وسنة، وغرامة تصل إلى 400 ألف ريـال يمني لأي شخص غير مختص يحرر عقد زواج، وهو على معرفة بأن أحد الطرفين دون سن الـ 18"، وأشار إلى أن مخرجات الحوار الوطني حددت سن الزواج بـ 18 عاماً". وقدمت فردوس نفسها كفتاة قادرة على مواجهة محيطها من أجل الوصول إلى حلمها بعيدًا عن جحيم الزواج المبكر الذي أراد إرغامها على التنازل عن حقها في التعليم، لتصبح بذلك قدوة لأخريات في المخيم ذاته ولكل من وصلته قصتها. " تم إنتاج هذه المادة من قبل شبكة إعلاميون من أجل طفولة آمنة التي يديرها مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي وبتمويل من اليونيسف (منظمة الطفولة)".
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص