البنوك.. الرقمنة أو الخروج من السوق

أكد مصرفيون وخبراء تكنولوجيا مالية أن البنوك بمفهومها التقليدي في الطريق إلى الزوال خلال السنوات القليلة المقبلة، لأنها ستكون عاجزة بشكلها الراهن عن تسخير بياناتها ومنافسة اللاعبين الجدد من البنوك الرقمية وشركات التكنولوجيا المالية ما لم تغير من هيكلتها، بحيث تكون أكثر قدرة على استخدام البيانات والمعلومات لتصميم منتجات وخدمات أكثر فرادة ومواءمة لمتطلبات العملاء المختلفة.

وأوضحوا أن الرقمنة أبعد من أن تقتصر على العمليات، بحيث لا يتم التعامل مع فروع مصرفية، ففرادة المنتجات والخدمات ستظهر بعد مرور وقت على قراءة سلوك العملاء والبيانات وتحليلها عن طريق الذكاء الاصطناعي.

وأفاد أحد كبار المصرفيين السابقين، حسين القمزي، بأن بيئة العمل المصرفي اختلفت بشكل كبير من ناحية التخصص، وستشهد المزيد من التغير بسبب الثورة الرقمية، وستتغير باتجاه التكنولوجيا، فالبنوك التقليدية تحولت إلى بنوك كبيرة وبطيئة، الأمر الذي يرتبط بتعقيدات السياسات المكتوبة كسياسات الامتثال ومعرفة العميل، وهي سياسات ضرورية، لكن في المستقبل ستتحول هذه الأمور لتكون مهمة من مهمات الذكاء الاصطناعي.

وأشار إلى أن عمالقة التكنولوجيا التقليديين يحاولون دخول القطاع المالي، وشركات التكنولوجيا المالية «الفنتك» بدأت تزاحم البنوك في القطاع، وبالتالي فالبنوك ستضطر للتعامل مع «الفنتك».

وأوضح أن البنوك تمتلك البيانات لكنها لا تستفيد منها، فليس لدى البنوك قدرة على تحليل البيانات أو تحويلها إلى فرص كما تفعل شركات التكنولوجيا المالية وغيرها، وبالتالي فعلى البنوك أن تتحول إلى بنوك رقمية أو ما يشبه شركات التكنولوجيا في قدرتها على التعامل مع البيانات، أي أن البنوك ستبقى ولكن بأشكال مختلفة، ومن لا يجاري المتطلبات سيكون خارج السوق، ففي المستقبل ستكون عملية الائتمان أكثر ذكاءً وقدرة على التوقع.

من جهته، أفاد المؤسس والرئيس التنفيذي لـ«بوابة ترابط» المنصة المتخصصة في توفير خدمات وحلول البنية التحتية للصيرفة المفتوحة، عبدالله المؤيد، بأن التفاعل مع العميل بات يتطلب خدمات متقدمة، وهذا الأمر نراه في كافة الأسواق الرائدة، حيث نشهد إطلاق بنوك رقمية، ونرى البنوك التقليدية تتجه لتطوير خدماتها بحيث تكون مبنية على ما يسمى بـ«الديجيتال بانكينغ».

وأوضح أن البنوك الرقمية وشركات التكنولوجيا المالية باتت أكثر قدرة على تلبية المتطلبات المتسارعة للعملاء من خلال تصميم منتجات وخدمات قائمة على أساس البيانات وليس وفق المبدأ القديم الذي يعتمد على إطلاق منتجات قد تناسب شريحة ولا تناسب أخرى.

وبين أن البنوك التقليدية العريقة تعيد هيكلة نفسها بحيث تكون أكثر قدرة على التماهي مع الوضع الجديد والمتطلبات الجديدة في الأسواق.

وأشار إلى أن هذا التوجه جاء نتيجة المنافسة في السوق وظهور الجيل الجديد من البنوك، التي لا تستطيع البنوك التقليدية الصمود في وجهها مستقبلاً كون البنى التحتية للبنوك التقليدية قديمة لا تتناسب مع سرعة وربط البيانات وتسخيرها، فالبنوك الرقمية ستكون قادرة على طرح منتجات أكثر فرادة وتخصصاً بحيث تناسب كل شخص أو شريحة على حدة.

وأوضح أنه وعن طريق تسخير الذكاء الاصطناعي سيتم تجميع البيانات من البنوك وتحليلها وتفصيل منتجات تتناسب مع طبيعة كل عميل وأسلوب حياته ومستوى دخله، وذلك من ضمن مجموعة واسعة من المنتجات التي تتعدى حدود البنك الواحد وبرامجه ومنتجاته، لافتاً إلى أن «الفنتك» ستكون الطريق إلى حساب العميل المصرفي وصلة الوصل بين الحساب وكافة الخدمات الأخرى التي يحتاجها العميل وفي أي مجال مالي أو حتى غير مالي.

ومن جهته، أفاد الخبير المصرفي أمجد نصر، بأن التغير بات أكثر تسارعاً من أي وقت مضى في القطاع المصرفي، ولم نعد نتكلم عن 10 أو 20 سنة، بل عن سنوات قليلة ستتغير فيها ملامح العمل المصرفي والخدمات المصرفية، فاليوم لدينا في الإمارات 3 بنوك رقمية بالإضافة إلى العديد من النوافذ التابعة لمصارف تقليدية.

وأشار إلى أن المصرف الذي سيتأخر عن اللحاق بالركب الرقمي سيكون معرضاً للخروج من السوق، وبالتالي فالمسار الرقمي ليس اختيارياً، بل هو إجباري لمن يرغب بالاستمرار والتباطؤ يمكن أن يفقدها تواجدها في السوق.

وبين أن الرقمنة أو البنوك الرقمية لا تعني فقط الوصول إلى الخدمات المصرفية دون التعامل مع الفروع، فالمسألة أبعد من ذلك، إذ سيكون الذكاء الاصطناعي قادراً على قراءة التوجهات والأمور التي يفضلها العميل في كافة مجالات الحياة، وبناءً على قراءة السلوك والاحتياجات ستكون قادرة على تقديم خدمات أكثر مواءمة لكل عميل وفي الوقت المناسب، وبذلك ستكون البنوك قادرة على تسويق منتجاتها بطريقة أكثر دقة.

 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص