أن جرّب الـ"هاكرز" أيديهم في اختراق المواقع والآلات الإلكترونيّة للانتخابات وغيرها، امتد نشاطهم إلى تزوير شهادات طبيّة ووصفات أدوية ممنوعة (وكالة أ.ب.)
كشفت دراسة جديدة أن هويات الأطباء تباع على شبكة "الإنترنت المُظلم" ("دارك ويب" Dark Web) مقابل 500 دولار. ويُطلق تعبير "المُظلم" على مجموعة من المواقع التي تمارس أنشطة سريّة تكون غير شرعيّة وإجرامية غالباً، وترتبط بهجمات الـ"هاكرز" (= "قراصنة الكومبيوتر") والفيروسات الإلكترونيّة والبرامج الخبيثة والبيانات المسروقة وغيرها.
يحصل قراصنة الـ"هاكرز" على جميع التفاصيل اللازمة للتظاهر بأنّهم أطباء محترفون، عن طريق استهداف المستشفيات وغيرها من مؤسّسات الرعاية الصحيّة التي تمتلك مخزنًا ضخمًا من البيانات القيّمة للغاية.
ثم يُباع ذلك النوع من البيانات المقرصَنة في الأسواق السوداء على "الإنترنت المُظلِم" الذي يتميّز أيضاً بأنه محمّي بشيفرات خاصة، ما تجعل الوصول إليه متعذّراً إلا باستخدام برامج متخصّصة.
وتشمل الوثائق المعروضة للبيع مستندات التأمين ضد أخطاء ممارسة المهنة، وشهادات بدرجة دبلوم في الطب، وتوصيات من مجالس إداريّة، وتراخيص الطبيب، وتراخيص إدارة مكافحة المخدرات وغيرها.
ويمكن لمجرمي الإنترنت استخدام تلك المعلومات المسروقة لتزوير هويّات أطباء، بهدف تقديم مطالبات احتيالية للحصول على أموال من جهات التأمين الصحي، أو الحصول على وصفات للعقاقير الخاضعة للرقابة مثل المواد الأفيونيّة.
كشف باحثون في شركة الأمن السيبراني "كاربون بلاك" (Carbon Black) تلك النزعة المقلقة، عِبْرَ رصدهم التغيّر في أنماط الهجمات الإلكترونيّة على المؤسّسات الطبيّة.وفي تصريح إلى صحيفة "الاندبندنت"، أشار توم كيليرمان، كبير ضباط الأمن السيبراني في "كاربون بلاك"، إلى كون تلك المعطيات تمثّل "نزعة جديدة نسبيًا... هناك ما يبرّر السعر عندما تأخذ بعين الاعتبار ما يمكن فعله بذلك النوع من البيانات. إذ يستطيع مجرمو الإنترنت استخدام تلك المعلومات لتسهيل عملية الاحتيال على التأمين، إضافة إلى تقديم وصفات طبيّة للحصول على مواد خاضعة للرقابة مثل المواد الأفيونية. وبعد ذلك، يصير ممكناً بيعها في السوق السوداء وتحقيق أرباح ضخمة".
تحدث أكثر من ثلاثة أرباع المنظّمات التي شاركت في دراسة مؤسّسة "كاربون بلاك" عن وجود زيادة في الهجمات الإلكترونيّة خلال العام الماضي، كما أشار ثلثاها تقريباً إلى أنّ الهجمات أصبحت أكثر تطوراً.
وإضافة إلى هويّات الأطباء، استهدفت هجمات الـ"هاكرز" بيانات اخرى على غرار السجلات الطبيّة الشخصيّة، ومعلومات مُقَرْصَنَة عن تسجيل الدخول إلى شركة التأمين الصحي.
وبصورة عامة، يكون الحصول على ذلك النوع من المعلومات أقل كلفة، إذ تتراوح تكلفة الوصفات الطبيّة المزورة بين 10 و120 دولارًا على "الإنترنت المُظلِم"، بينما لا تكلّف معلومات تسجيل الدخول إلى شركة تأمين طبيّة سوى 3.25 دولار لكل سجل.
ولكن بحسب الباحثين، كانت البيانات الأكثر إثارة للقلق في أسواق "الإنترنت المُظلِم" هي تلك المتعلقة بجهات تقديم خدمات الرعاية الطبيّة.
وكذلك أفاد تقرير مُفصّل عن نتائج البحوث المتعلقة بذلك المجال، إنّ "المخترق يستهدف شبكة الشركات التابعة إلى مزوّدٍ لخدمات الرعاية الصحية، بهدف العثور على أوراق إدارية من شأنها دعم هويّة الطبيب المزوّرة. بعد ذلك، ينتحل مشتري البيانات شخصية الطبيب المسروقة هويته، ويتقدّم مطالبات إلى مؤسّسات مثل "مديكير" Medicare أو غيرها من مزوّدي خدمات التأمين الصحي، تتعلّق بإجراء عمليّات جراحيّة متطورة".
لذلك، دعا الباحثون فرق الأمن السيبراني التي تعمل على حماية مؤسسات الرعاية الصحيّة إلى "اليقظة الشديدة".