تعد "ثقافة التنّمر" من السلوكيات السلبية التي يمارسها الأطفال والأشخاص الذين يعانون من العدوانية ضد الآخرين بغرض التنغيص عليهم ومضايقتهم، وإثبات نفسهم بالطريقة السلبية لأسباب نفسية كامنه في الشخص "المتنمر" ضد غيره وممن لا ينصاعون لأفكاره وأهوائه، ويقود "المتنّمرين" جماعة من "الامعات"يسيرون وفق رغباته ودوافعه الشخصية ضد الآخرين.
ولو أسقطنا كل ما سبق على الحالة اليمنية، لرأينا صور عديدة للتنّمر صادر عن حكام السعودية ضد اليمن واليمنيين في تأريخنا المعاصر، والبداية في مطلع القرن التاسع عشر خلال حرب عبدالعزيز آل سعود مع الإمام يحيى حميد الدين، ثم دعم الملك فيصل للملكيين ضد الجمهوريين في 1962 نكاية بالدعم المصري للجمهوريين، ثم في دعم الانقلاب الأبيض ضد الرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني كونه مناهض للدور السعودي في الشأن اليمني، مرورا باغتيال الرئيس المقدم إبراهيم الحمدي عندما انحرف عن البوصلة السعودية لإقامة الدولة اليمنية الحديثة، انتهاء بالمنعطفات التي مر بها الرئيس السابق علي عبدالله صالح ومحاولته مسك العصى من المنتصف مع ربط علاقات مباشرة مع أمريكا والتي جعلته هدفا مشروعا لحكام السعودية، ليسعوا إلى اخراجه من المشهد اليمني عبر أدواتهم، ودفعه لمواجهة حلفائه أنصار الله لتكون نهايته المحتومة.
في نفس السياق، رأينا إنطلاق عاصفة الحزم في مارس 2015 بتحالف "المتنّمرين" بقيادة حكام السعودية، كما هو مألوف، وبمعاونة حكام الإمارات وقطر ليمارسوا تنمرهم ضد جارتهم اليمن والتي تحاول الاستقلال بقرارها السياسي بعيدا عن "التنّمر" السعودي والخليجي، وقد أكد ذلك مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة، عند رده على سؤال أحد الصحفيين عن عدوانهم على اليمن واستخدام القوة ضد اليمنيين بذلك المنطق، عندما شبه اليمن بالمرأة الشاذة عن طاعة زوجها والسعودية تقوم بتأديبها، وهذه بالفعل ثقافة حكام السعودية التي يرونها ضد اليمن.
ودون أن يخجل ممن يطلقون على أنفسهم الشرعية اليمنية من ذلك التشبيه المهين! بل وأنهم ينصاعون لقرارات وتوجيهات السفير السعودي لدى اليمن والمقيمين جميعهم في الرياض!
لنجد عدواناً وحصاراً ضد اليمنيين في المناطق الغير الخاضعة لسلطة "المتنّمرين"، وممارسة لسياسة التجويع وضرب الاقتصاد الوطنى عبر رفع معدلات التضخم وأسعار صرف العملات أمام الريال اليمني ودعم المليشيات المسلحة ضد الدولة في مناطق نفوذ "المتنّمرين" مع إضعاف الدولة اليمنية والحكومة الشرعية… إلى آخره.
وفي الأخير، نجد أنه من الطريف للغاية أن تكون نهاية "المتنّمرين" مرتنحين من هول ما لقوه، ويلجأون إلى الصراخ والعويل ممن استضعفوه، وهو منفرد هزيل محاصر ومفكك، لتندفع إليهم "ماما أمريكا" لنجدتهم ممن ظنوا أنهم لقمة صائغة، غير مستفيدين من الدروس السابقة ممن سبقوهم من القوى العظمى الإقليمية والعالمية، رغم امتلاك "المتنّمرين" لكل وسائل القوة والدعم المالي والعسكري والاقتصادي والسياسي والدولي، ولكن لم يسعفهم كل ذلك ضد اليمن رغم الظروف السيئة التي يمر بها، لتقوم الحكومة السعودية باتهام أنصار الله أنهم يستهدفون المدنيين في السعودية، بينما هم من كانوا بالفعل من يستهدفون المدنيين في اليمن منذ اليوم الأول لانطلاق "تنمرهم" المسمى بعاصفة الحزم وذلك وفق التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية والتي من خلالها تم تصنيف السعودية ضمن القائمة السوداء لاستهداف الأطفال لدى الأمم المتحدة، لتخرج منها بعد ذلك بأعجوبة المال والسياسة والضغوط الدولية. فسبحان مغير الأحوال، فمن "تنّمر" بالأمس صار اليوم يستغيث العالم لإنقاذه ويتهم "المتنمر عليه" بالعدوان!