يعتبر النفط الليبي مركز اهتمامات الولايات المتحدة الامريكية في وقتنا الحالي، وذلك مع اقتراب الساسة في ليبيا إلى إيجاد قاعدة دستورية بشكل مشترك ومتوافق عليه، لإجراء الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية.
هذا الأمر دفع واشنطن للقلق من احتمالية خسارتها للكنز النفطي الليبي، حال وصول رئيس شرعي منتخب إلى سدة الحكم، يعيد الاستقلال والسيادة ويدفع بجميع المصالح الغربية من البلاد.
جدير بالذكر أن المركزين الأساسيين المتعلقين بالقطاع النفطي وعائداته يعودان إلى المؤسسة الوطنية للنفط برئاسة مصطفى صنع الله، والبنك المركزي ومحافظه الصديق الكبير.
صنع الله والكبير؛ شخصيتان جدليتان، وتشير عديد التقارير إلى وجود شبهات فساد واختلاس أموال متعلقة بكلاهما، وسبق أن وجها بأنفسهما اتهامات لبعضهما البعض فيما مضى، والمثير للاهتمام هو أن صنع الله والكبير يحظيان بدعم خارجي، ويزاولان أعمالهما منذ بداية الأزمة أي منذ 2011، دون انقطاع، بالرغم من الأمواج المتلاطمة التي جارت على البلاد، والحروب والصراعات التي مرّت بها.
تؤكد عديد التقارير المتداولة في ليبيا أن أي سياسي محبوب في أمريكا، هو سياسي تابع لها، فالكبير على سبيل المثال، يلقب بصانع الملوك في ليبيا، لأن لا أحد من داخل البلاد يستطيع المساس بمنصبه، وكل حكومة ومعترك سياسي يحاول نيل رضاه من أجل صرف ميزانية له من أموال الدولة.
بينما وفي الجهة الأخرى من ليبيا يقبع على سبيل المثال، عقيلة صالح، رئيس برلمان، دون أي ثقل يذكر، سوى شرعيته التي تلقاها عند انتخاب قبل ثمان سنوات، ودائما ما تشن حملات إعلامية لتشويه سمعته وإظهاره بمظهر الطاغية والمعرقل للعملية السياسية في البلاد، والتي تكفي لنزعه عن منصبه، دون أي تهم بالفساد أو اختلاس الاموال، والسبب في ذلك يكمن في علاقاته الخارجية، التي لا يوجد في بنودها طلب "مباركة" من الإدارة الامريكية.
ما يستدعي الانتباه أن جميع خطط البرلمان لتنحية الصديق الكبير أو مصطفى صنع الله، وغيره من الساسة الذين ثبت على الملئ بأنهم فاسدون باءت بالفشل، كونهم يتمتعون بحصانة "أمريكية "، لما يقدمونه لها من خدمات ومصالح في البلد الغني بالنفط، حتى أن بعض النشطاء والمراقبين قد أشاروا إلى أن "واشنطن" من يتحكم بالمصرف المركزي في ليبيا، ومن يتحكم بكمية وحجم وكيفية بيع النفط الليبي.
ويرى عديد الليبيين أن الغضب الشعبي الأخير تجاه سوء المعيشة وردائة الخدمات، يعود سببه بشكل مباشر إلى سياسات وفساد "أتباع" واشنطن، فالقطاع النفطي في ليبيا كان يعمل بأكمل وجه العام الماضي.
كما يتهم آخرون الدبيبة - الذي يحظى هو الآخر بدعم واشنطن- بالوقوف وراء الأزمة التي تشهدها ليبيا، فالدبيبة كان يحظى بمباركة جميع الاجسام السياسية، وكان يمارس مهامه دون عراقيل، والنتيجة هي غلاء الأسعار، انقطاع الكهرباء، انعدام الأمن، انتخابات مؤجلة، مصالحة معرقلة، فساد، صفقات وهمية تسربت لأكثر من مرة في وسائل الإعلام، وغيرها الكثير من النتائج الكارثية.
والسبب في سوء معيشة المواطن الليبي ليس كما يروج البعض، "لتوقف عدة حقول وموانئ نفطية عن العمل"، بل السبب يكمن في التدخل الأمريكي في البلاد، وسرقتها لثورة فبراير من ثوارها، ورئيس البرلمان كان على علم بما يحدث وبقضايا الفساد واختلاس الأموال، وحارول مرارًا إجراء تغيير، من قيادة المؤسسة الوطنية للنفط ومرورًا بمحافظ البنك المركزي وصولًا إلى تشكيل حكومة جديدة، ولكن دون جدوى، لأنهم يتمتعون بحصانة أمريكية، لأنهم أتباع أمريكا المخلصين، وحماة مصالحها في البلاد.
إحراق البرلمان وإحراق منزل عقيلة صالح، هو وجه آخر للخطة التي تستهدف سيادة ليبيا ومقدراتها، فلم نرى بأن وزارة من وزارات الدبيبة قد تعرضت لهجوم، أو منزل أحد الفاسدين تعرض للاحتراق من قبل المتظاهرين، بل على العكس، في تلك المناطق "أٌطلق" النار على المحتجين المسالمين من قبل أتباع "واشنطن".
هذا دليل على أن الحق في ليبيا، يتعرض لحملة شرسة، "لإسكاته"، أفلم يحن الوقت لإحداث تغيير؟، لقطع يد أمريكا عن مقدرات الشعب الليبي الثمينة؟ لتغيير وجهة أنابيب النفط والغاز إلى من يحتاج من جارات ليبيا في القارة الإفريقية؟ وترك الغرب يتآكل وتتآكل معه خططه الإستعمارية وليدفع ثمن ما فعل في ليبيا وغيرها من البلاد؟