إقالة مصطفى صنع الله تعيد ملف الفساد إلى الواجهة في ليبيا

السيطرة على إيرادات ليبيا النفطية من خلال المؤسسة الوطنية للنفط والبنك المركزي هي الجائزة الرئيسية للفصائل السياسية المتناحرة منذ انتفاضة 2011، التي تدخل فيها حلف شمال الأطلسي، والتي أدت إلى فوضى وعنف على مدى سنوات في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا.

ومنذ عام 2014، وشخصية واحدة من أمسكت منصب إدراة مجلس المؤسسة الوطنية للنفط إلى يومنا هذا، مع العلم بأن حكومات تبدلت ونيران حروب اندلعت وخمدت، وانقسامات وتصالحات مرت على الساحة السياسية في ليبيا، إلا أن مصطفى صنع الله، كان يرأس هذا المنصب، ويتحكم باستخراج وتصدير الذهب الليبي الأسود.

وبشكل مفاجئ وغير مسبوق، قررت حكومة تصريف الأعمال المنتهية الصلاحية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، تغيير رئيس ومجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، الثلاثاء 12 يوليو (تموز) الحالي، وسط مواجهة سياسية بين الفصائل المتناحرة بشأن السيطرة على المؤسسة المسؤولة عن إنتاج الطاقة في البلاد.

واستنكر مراقبون ومحللون سياسيون رد فعل صنع الله، الذي تمثل بالبداية إعلانه رفض الاعتراف بقرار إقالته واستمراره في مهامه حين أرسل رسالة طمأنة لسوق النفط العالمية بأن "ليبيا والمؤسسة الوطنية للنفط مستمران في النهوض بمسؤولياتهما والمحافظة على تدفق النفط بانتظام إلى الأسواق العالمية".

حيث قال في بيانه إنه "أعطى التعليمات للشركات بزيادة القدرة الإنتاجية تدريجياً من النفط والغاز الطبيعي للمحافظة على تدفق النفط بانتظام إلى الأسواق الدولية".

وقرأ مراقبون هذه الرسالة باعتبارها محاولة من صنع الله لحشد الدعم الدولي لعرقلة قرار إقالته، معتمداً على علاقاته الدولية الواسعة التي لعبت دوراً بارزاً في تثبيته بمنصبه لسنوات طويلة، على الرغم من كثرة خصومه والموقف الدولي الذي شدد دائماً على سحب ورقة النفط من ساحة الصراع السياسي.

وبالتزامن مع بيانه أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط رفع حال القوة القاهرة على مينائي البريقة والزويتينة شرق البلاد، مؤكدة أن "ناقلات نفط في طريقها لشحن مكثفات بعد قبولها فنياً من شركة سرت".

وذكرت المؤسسة أنه "بعد مفاوضات طويلة ومستمرة فترة عطلة عيد الأضحى تم الاتفاق على دخول الناقلات فور وصولها ومباشرة شحن المكثفات من مينائي البريقة الزويتينة في خطوة تتبعها خطوات مماثلة".

المراقبون أشاروا إلى أن استماتة صنع الله في التمسك بمنصبه قد تدفعه لبيع الوطن بـ"الرخيص"، كونه أساسًا يعتبر احد اتباع الولايات المتحدة الأمريكية، التي توجه عمليات مؤسسته كافة، متخوفين من تمريره لعقود طويلة الاجل، أو لصفقات وهمية، واختلاس أموال الشعب، أو عقده لصفقة مربحة لواشنطن، للاستحواذ على قطاع الطاقة الليبي مقابل استمراره، الامر الذي يفسر أيضًا تصريحات السفير الامريكي لدى ليبيا، ربتشارد نورلاند، والتي كانت تحمل معنى ضمنيًا مفاده بأن صنع الله "يروق لها" وخطوة الدبيبة "غير محببة".

وما جعل الموقف من إقالته أكثر سخرية، هو هجومه اللاذع والحاد على الدبيبة ووزير النفط، واتهامه لحكومة تصريف الأعمال بالفساد، واعدًا إياهم بكشف مستندات تؤكد اختلاسهم وتورطهم بقضايا فساد، فمن كانوا سابقًا في خندق واحد، يتستر أحدهم على الآخر ويستغلون مقدرات الشعب الليبي، بدأوا العراك على شبكات الإعلام والتواصل الإجتماعي.

والجدير بالذكر أن البرلمان الليبي بقيادة عقيلة صالح، كان قد حاول في أكثر من مرة على مدار السنوات الماضية إقالة رؤوس الفساد في طرابلس، من حاكم مصرف ليبيا المركزي، مرورًا برئيس المؤسسة الوطنية للنفط، وصولاً لحكومة الدبيبة نفسها التي فشلت في تنفيذ المهام الموكلة لها، ودفعت الشعب الليبي إلى حافة الهاوية ما تسبب بانفجار احتجاجات ومظاهرات عارمة مطلع الشهر الحالي.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص