ذات صيف

                                    

  اليوم آخر يوم في الاختبارات و تبدأ العطلة مع مغادرة الطلاب لفصول الامتحانات ، أخيرا هلت العطلة الصيفية ، كان الطلاب سعداء جدا بها ، لم يستطع أحمد التلميذ بالصف السادس الابتدائي في الليلة الأولى للعطلة النوم ، كان متشوقا و متلهفا جدا ،  للسفر إلى المدينة لقضاء العطلة الصيفية عند عمه و أبناء عمومته ، كان مسرورا جدا ، و زغاريد الفرحة في أعماقه أطارت النوم من عيونه ، لكن و مع الهزيع الأخير  من الليل ، بدأ الكرى يداعب عيونه و غرق في النوم ، و حلم أحلاما سعيدة كثيرة.                                              وصل أحمد أخيرا  إلى المدينة بمعية أبيه و الذي تركه عند عمه ، و بعد أن قبل ابنه و منحه مبلغا من المال يكفيه طيلة العطلة الصيفية غادر مستكملا سفره ميمما وجهه نحو العاصمة صنعاء حيث يعمل .

في صبيحة اليوم التالي كان منصور عم أحمد يعد برنامجا حافلا لأحمد و أبنائه و أبناء و بنات إخوانه و أخواته الذين درسوا و تعبوا و اجتهدوا خلال العام وكان البرنامج يشمل التعرف على عدد من الأماكن السياحية و الثقافية و التراثية في مدينة تعز .

في البدء أخذهم إلى منطقة حوض الأشراف حيث تنتصب هناك واحدة من أكبر المؤسسات الثقافية و العلمية في اليمن قاطبة مؤسسة السعيد للعلوم و الثقافة ، استقبلهم مبناها المنيف و الشامخ الذي ينتصب كجبل باسق بألواحه الزجاجية الزرقاء و قمرياته الملونة ، و كأنه يبتسم لهم فاردا ذراعيه . دلفوا لبهوه الواسع حيث رواق السعيد للفنون كان هناك معرض مفتوح للفن التشكيلي و عدد من اللوحات التشكيلية تزين البهو و خليط من الناس تتصفح المعرض ، سأل عمر اباه منصور ماهذا يا أبي

 رد اباه:  أولا هذه هي مؤسسة السعيد للعلوم و الثقافة و التي أنشأتها مجموعة هائل سعيد انعم وشركاؤه ، و هي أكبر مجموعة تجارية وطنية في اليمن ، و الهدف منها تعليم و تثقيف أبناء اليمن عموما ، فهي تضم - و أتبع كلامه مشيرا إلى يساره - مركز ثقافة الطفل  ، و دلفوا لقاعة فسيحة تحتوي على مكتبة تضم مئات من  كتب و مجلات الأطفال الملونة بالألوان الزاهية ، و أجهزة حاسوب و مقاعد و طاولات تحوي أجهزة حاسوب تبث برامج  تعليمية مفيدة للأطفال ، فغر الأطفال السبعة أفواههم في دهشة و صاحت سمر جذلانة و هي تتأمل طفلة في مثل سنها تلون كراسة رسم بألوان جميلة ..

- ياه .. أبي أبي أريد أن انضم لهم .

 رد الأب  حاضر  و لكن بعد أن ننهي رحلتنا في مؤسسة السعيد للعلوم و الثقافة ؛ سيتم تسجيلكم جميعا لقضاء جزء من العطلة الصيفية للاستفادة من مركز تنمية الطفل هذا ، و عندما تكبرون ستحضرون هنا للاستفادة من آلاف المراجع و البحوث من مكتبة السعيد العامة و من القاعة البحثية في الدور الثاني هيا لنراها معا ..

كانت المكتبة من الضخامة و الفخامة بمكان ، عامرة بآلاف العناوين من الكتب في شتى المجالات و باللغتين العربية و الإنجليزية ، و مكتضة بعشرات القراء كأنها خلية نحل .. ، لم يستطع العم منصور الإجابة على كل أسئلة أطفاله ، و إنما قال لهم مع ترددكم للمكتبة ستعرفون كل شيء ، و ستتوسع معارفكم و مدارككم و ستكبر و تنموا عقولكم أكثر . و في الدور الثالث كان الأطفال يتقافزون في مرح و فرح غامر اجتاح قلوبهم الصغيرة ، و هم يتنقلون من كرسي لآخر في منتدى السعيد الثقافي ، و العم منصور يشرح لهم بشكل مبسط يتناسب مع أعمارهم الصغيرة عن الندوات الثقافية و الأدبية و العلمية التي يقوم بها  المنتدى ، واصلوا الصعود حتى الدور الرابع و الأخير ..

العم منصور : أبنائي هذا هو مركز التدريب و اللغات حيث يتلقى الطلاب و الموظفين و العمال مهارات تساعدهم في أعمالهم و حياتهم و تحسن من مستواهم...

 و هناك فعاليات لمؤسسة السعيد لا تحصى و لا تعد كطبع الكتب و تشجيع الكتاب و المؤلفين و الباحثين و جائزة المرحوم هائل سعيد انعم للعلوم و الثقافة و الآداب و البحث العلمي و الفعاليات الرمضانية و مسابقة اقرا و أربح الرمضانية ، للتشجيع  على القراءة و تنظيم معرض تعز الدولي للكتاب و تقنية المعلومات .. ، قاطعته هيام ابنة أخته بحماس ..

- ( خالو ) ما معنى تقنية معلومات .. ؟!

رد : تقنية المعلومات هي كل ما يتعلق بالتكنولوجيا و الحاسوب من أجهزة حاسوب و اسطوانات مدمجة و ذواكر و فلاشات و برامج ألعاب و برامج علمية و تعليمية ..

صاح الأطفال بصوت جماعي .. ، ياه كل هذا تقدمه مؤسسة السعيد ، اومىء العم منصور برأسه ، نعم و أكثر من ذلك ..

حطوا الرحال أخيرا في مركز التراث و المخطوطات و العملات المعدنية عبر العصور في الدور الأول ..                            مرت العطلة الصيفية سريعا مع تسجيل الأطفال بمركز ثقافة  الطفل  و اندماجمهم فيه ، و مع ما يقدمه و استفادتهم الجمة منه ، و حان موسم العودة للمدارس ، و عودة أحمد للقرية ، كان يحس بالزهو و الفخر و النشوة و قوة المعرفة التي اكتسبها و شوق ولهفة يعربد بقلبه الصغير للقاء أترابه و مدرسيه ليحكي لهم عن عالم  الدهشة و المعرفة الجميل الذي اكتشفه و تعرف إليه في مدينة تعز . 

 

                      رستم عبد الله عبدالجليل

 

 

 

 

 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص