خطاب إسقاط الأقنعة .. (الحضن العربي وين ؟)

عكس بيان ومخرجات القمة العربية الإسلامية المنعقدة مؤخرا في السعودية والتي خيبت آمال الشعوب العربية والإسلامية في الخروج بموقف أخوي عروبي - إسلامي إنساني، ينتصر لابناء الشعب الفلسطيني الذين يتعرضون لحرب إبادة منذ نحو 40 يوماً، جاء موقف اليمن ممثلاً في خطاب قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، باعثاً للأمل في روح الأمة العربية والإسلامية، التي تعيش حالة من الهوان غير المسبوق في تاريخ الصراع العربي- الصهيوني منذ زرع هذا الكيان في جسد الامة العربية قبل نحو 70 عاماً. لعلّ أوّل ما يمكن استنتاجه من خطاب زعيم انصار الله عبدالملك الحوثي يوم الثلاثاء 1 جمادي لأولى 1445هـ الموافق 14 نوفمبر 2023 خلال تدشين الذكرى السنوية للشهيد، هو تفسير حالة الهوان والاذلال وحالة الصمت المخزي للملوك والرؤساء العرب، وخاصة أولئك الذين ترتبط حكوماتهم بعلاقات دبلوماسية وتجارية مع الكيان الصهيوني، تجاه ما يتعرض له أبناء غزة في فلسطين من جرائم حرب وجرائم حرب ضد الإنسانية على مرأى ومسمع من دول جوار فلسطين. فقد كشف خطاب زعيم (انصار الله) في اليمن أن الأنظمة والحكومات في دول المنطقة تلقت توجيهات أمريكية صريحة بتحييد هذه الدول والتزامها الصمت " وأن لا يكون لها أي ردة فعل أو موقف تجاه ما يحدث في فلسطين"، حسب مضامين الخطاب التاريخي، الذي قدّم فيه السيد عبدالملك اليمن بلداً حراً مستقلاً قادراً على القول والفعل في منطقة عربية باتت فعلياً وأثبتت التطورات الأخيرة، أنها واقعة تحت الوصاية الامريكية والاحتلال الصهيوني. باستثناء موقف دول لا تتعدى عدد أصابع اليد، يمكن الاستنتاج من خطاب السيد عبدالملك وردود الفعل العربية والعالمية على جرائم الكيان الصهيوني في غزة، أن اليمن يقف وحيداً منفرداً بجانب فلسطين قلباً وقالباً، قولاً وفعلاً، وعلى مختلف الأصعدة، مقابل وقوف أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ومعظم الدول الغربية بجانب الكيان الصهيوني وامداده بالأسلحة والأغذية والأموال والجيوش والاسناد والدعم السياسي والإعلامي والاقتصادي . وأياً كانت درجة حدًة المواقف الخطابية والبيانات الكلامية التضامنية مع فلسطين، من أي جهة كانت بما فيها اليمن، فلن تكون أجدى نفعاً وأنفع وقعاً، من التحرك العسكري كوسيلة ممكنة ومتوفرة لليمن، أشار اليها السيد القائد في خطابه حينما تطرق الى تنفيذ القوات الصاروخية والمسيرات عمليات حربية متتالية استهدفت أهدافاً للكيان الصهيوني، متعهداً باستمرار تنفيذ مثل هذه العمليات " في كل ما يمكن أن نناله من أهداف صهيونية في فلسطين أو في غير فلسطين فلن نتوان عن فعل ذلك". وفي رسالة تضامنية بالغة الدلالة والمعنى، يمكن القول ان السيد المجاهد عبدالملك الحوثي، جدد موقف اليمن الشجاع المطالب بمنفذ حدودي الى فلسطين، ليحشر بذلك الأنظمة والحكومات العربية وخاصة المجاورة لفلسطين في زاوية ضيقة جداً، حينما تمنّى من الدول المجاورة لفلسطين مساعدة اليمن وتمكينها من منفذ عبور لتمكين آلاف اليمنيين المقاتلين من الدخول الى الأراضي الفلسطينية لنصرة فلسطين بالإلتحام المباشر وخوض معارك الدفاع عن الأطفال والنساء والمساجد في غزة. ومن الواضح ان موقف اليمن يتجه نحو تجاوز مرحلة التظاهرات وجمع التبرعات وحتى اطلاق الصواريخ والمسيرات الى العمق الصهيوني، فهذه سفن الكيان الغاشم في البحر الأحمر باتت متخفية للإفلات من نيران المدفعية اليمنية التي – حسب الخطاب – باتت ترصد بشكل دائم تترقب أي تحرك لسفن أو قطع بحرية صهيونية لاستهدافها ودخول المعركة والمواجهات العسكرية عمليا. وأخيراً لعل ما يمكن استنتاجه من التحرك العسكري اليمني مقابل الخذلان العربي، هي هذه المفارقة الصارخة في موقفي اليمن منفردا وموقف الدول العربية تحديدا، وذلك بالنظر لما سمي التحالف العربي الذي شُكل عام 2015م في غضون ساعات لقصف اليمن وتدميره وقتل أبناء شعبه تحت مسمى " عاصفة الحزم" بذريعة إعادة اليمن الى الحضن العربي. المفارقة الصارخة هنا أنّ التحالف العربي المزعوم ارتبط بمخططات واهداف أمريكية- صهيونية، تحت أكذوبة إعادة اليمن الى الحضن العربي، وحينما هاجم الكيان الصهيوني ورعاته أمريكا وتحالف الغرب قطاع غزة في فلسطين في حربه الأخيرة بهدف ابتلاع قطاع غزة وتصفية القضية الفلسطينية ، بقى تحالف عاصفة الحزم صامتاً، أو كما يقال ( عَمِل نفسه ميّتاً) ، ليأتي الرد بالنيابة عن العرب من اليمن بقصف الكيان الصهيوني ومحاولة إنقاذ فلسطين وإعادتها الى الحضن العربي قبل التهامها صهيونيا.
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص