تتطلب مناقشة منظمة الأمم المتحدة، التي تأسست بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، التمييز بين الجانب الأخلاقي والقانوني وبين الجانب المادي والسياسي. في الجانب الأول، تمتلك هذه المنظمة العديد من القوانين والدساتير والاتفاقيات واللوائح والبرامج والبروتوكولات التي تهتم بشكل كبير بحقوق وحريات الإنسان.
ومع ذلك، يظل الجانب الأخلاقي مجرد قوانين مكتوبة ومحصورة نظرياً، بينما التطبيق في وادي آخر. هذا هو سبب الحروب والصراعات والتوترات الدائرة اليوم في العديد من الدول، وسبب التنافس السلبي والعدائي في مجال العلاقات الدولية.
وكل ذلك هو بسبب السلبية في الجانب العملي، حيث تتلاشى فيه كل صور المثالية نتيجة خضوعه للمصالح السياسية. ففي سبيل المصالح يتم انتهاك كل القوانين الدولية وكل الحقوق والحريات الإنسانية، وخصوصاً مصالح الدول العظمى التي تمتلك حق النقض الفيتو.
وهنا يكمن الخلل الكبير في عمل منظمة الأمم المتحدة، حيث أصبحت المصالح السياسية والاقتصادية هي التي تحكم تحركاتها وقراراتها وأفعالها على الأرض. وأصبح الجانب الإنساني والأخلاقي مجرد ديكور يغطي سوءة هذه المنظمة.
وهناك ما هو أسوأ من ذلك، فقد تحول الموظفين التابعين للأمم المتحدة إلى أدوات للابتزاز والنهب والتكسب غير المشروع، عن طريق رفع التقارير الكاذبة والمغايرة للواقع خدمةً لهذا الطرف أو ذاك.
وكم هو محزن ومؤلم أن تتحول الأمم المتحدة من المثالية إلى المادية، ومن الإيجابية إلى السلبية، ومن الخير إلى الشر، وأن تنحرف عن أهدافها ومبادئها العامة والشاملة، خدمةً لمصالح سياسية واقتصادية ضيقة ومحدودة. هذا وفق مقال للناشط ابراهيم الجرافي
تابعوا آخر الأخبار والتحديثات حول الوضع الدولي على موقعنا.