عقدت اليوم بصنعاء ورشة عمل بعنوان " الموقف الشرعي والقانوني من استمرار حبس المحكوم عليه بعد أن قضى عقوبة الحق العام " نظمتها مؤسسة السجين الوطنية .
هدفت الورشة بمشاركة 100 مشارك ومشاركة إلى مناقشة وإثراء النصوص القانونية والتشريعية المتعلقة بالإفراج عن السجين المعسر ، ووضع آلية تنفيذية قانونية مع الجهات المختصة المعنية بتنفيذ نصوص القانون وكذا آلية لتسديد ديون المعسرين أثناء قضائهم مدة الحق العام داخل السجون .
ناقش المشاركون من القضاة ووكلاء وأعضاء النيابات وممثلين عن وزارات العدل ، الداخلية ، حقوق الإنسان ، الصحة العامة ، الشئون الاجتماعية والعمل ، مصلحة السجون ، المنظمات الدولية والمحلية أوراق عمل تناولت أعداد السجناء المعسرين داخل السجون ، رأي القانون اليمني والدولي والشريعة الإسلامية في قانونية ومشروعية بقاء السجين المعسر بعد أن قضى مدة عقوبة الحق العام
كما تم مناقشة الوضع الإنساني في السجون ، مقترحات تعديل في المواد القانونية المتعلقة بالسجناء المعسرين ، وإعداد خطة عمل من أجل تحريك كافة الجهات المعنية لسداد ديون المعسرين والحلول والمقترحات التي تسهم في حل مشاكلهم .
وفي الجلسة الافتتاحية أشار النائب العام عبدالعزيز البغدادي إلى أهمية الورشة لاتصالها بالثورة على الظلم بكل مظاهره ، منوهاً إلى مايعانيه الوطن من عدوان غاشم يحاول بكل شراسة الحيلولة بين الشعب اليمني وإنجاز ثورته لاستعادة سيادته وكرامته .
وأوضح أن الشعب اليمني واجه همجية العدوان بصمود وعزيمة لامثيل لهما في التاريخ بأقل الإمكانيات وأبسط الأسلحة جعلته مضرب المثل في مقاومة العدوان و الظلم على مستوى العالم ، مشيداً بتضحيات الشهداء الذين وهبوا حياتهم ضد الظلم والفساد ودفاعاً عن الوطن ليحيا الشعب اليمني حياة العزة والكرامة .
وقال البغدادي : " بقاء السجين في السجن بعد انتهاء مدة الحكم عليه بالسجن في قضية جنائية بحجة عدم سداد ماعليه من حق خاص موضوع مهم يواجه العاملين في منظومة العدالة التي ينبغي أن تتكامل وتتعاون وتتضامن في سبيل غاية نبيلة وهي حماية مبدأ سيادة القانون " .
وأضاف : " إننا في النيابة العامة نشعر بالذنب حين نقف أمام بعض الحالات مكتوفي الأيدي عن إنفاذ القانون الذي ينص على عدم جواز إبقاء السجين على ذمة حقوق خاصة ، وهو شعور يجب التخلص منه من خلال البحث عن التطبيق الأمثل للقانون بما يحمل كل جهة مسئوليتها وبما يعزز الثقافة القانونية في المجتمع وتمكين المواطنين من استيفاء حقوقهم بالطرق القانونية السليمة وليس من خلال إبقاء المحكوم عليه في السجن بلا سقف زمني محدد " .
وتابع : " لاشك أن قضاة التنفيذ المدني سيباشرون القيام بمسئولياتهم القانونية في وصول المحكوم لهم بحقوق خاصة إلى حقوقهم بالطرق القانونية بعيداً عن التعسف والإهمال " .
وأكد النائب العام ضرورة التنسيق والتعاون من أجل معالجة أسباب المشكلة وخلفياتها التي يتداخل فيها القانوني والاجتماعي والاقتصادي ووضع الحلول بما يضمن تنفيذ القانون وتحقيق العدالة وحماية الحقوق ، لافتاً إلى أن مخرجات الورشة ستسهم في وضع آلية مساعدة للقضاء وأجهزة الضبط بكل هيئاتها ومؤسساتها في تطبيق القانون بالشكل الأمثل الهادف إلى إنهاء ظاهرة تعكس بعض حالات اللامبالاة التي نعاني منها .
من جانبه دعا نائب رئيس مجلس الأمناء بمؤسسة السجين محمد محمد صلاح كافة الجهات الحكومية والخاصة إلى المشاركة الفاعلة مع المؤسسة في ترجمة أهدافها وتبني رسالتها الإنسانية الهادفة إلى متابعة قضايا السجناء والانتصار للقضايا العادلة وحشد إمكانيات وقدرات أهل الخير ورجال المال والأعمال في سبيل إطلاق السجناء المعسرين .
واستعرض برامج وأنشطة المؤسسة في رعاية السجناء وعائلاتهم وتوفير احتياجاتهم ومساهمتها في توعية المجتمع بمدى خطورة الجريمة وعواقبها ، و رفع مستوى التحصيل العلمي والثقافي للسجناء والسجينات وإعادتهم إلى المجتمع بعد معالجة دوافعهم للجريمة وتزويدهم بالمهارات التي تؤهلهم لدخول سوق العمل بكفاءة .
وأشار صلاح إلى أن الوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب اليمني خلال هذه المرحلة أضاف أعباء جديدة على كاهل كافة المواطنين وخاصة السجناء المعسرين وعائلاتهم وينذر بزيادة مستوى الفقر وتوسع دائرة الجريمة ومضاعفة عواقبهما الوخيمة على المجتمع ، مؤكداً ضرورة تضافر الجهود من أجل تطهير المجتمع من الجريمة ودوافعها وعواقبها .
فيما ثمّن ممثل المفوضية السامية لحقوق الإنسان عيدي المنيفي دور منظمات المجتمع المدني في تبني قضايا حقوق الإنسان وسعيها الجاد في ترسيخ ثقافة حقوقية من شأنها إعلاء قيم ومبادئ حقوق الإنسان .
وأشار إلى أهمية الورشة في اتخاذ إجراءات عملية تجسد مبدأ الشراكة والتكامل بين الجهات المختصة ومنظمات المجتمع المدني لإيجاد حلول قانونية تضمن حماية حقوق السجناء خاصة ما يتعلق ببقائهم في السجون بعد انتهاء عقوبة الحق العام .
ولفت إلى التحديات والصعوبات الناتجة عن الأوضاع الحالية التي تمر بها اليمن وانعكاسها على مختلف الشرائح ومنها شريحة السجناء ، موضحاً أن نقص الغذاء والدواء والمياه والمقومات الأساسية للعيش الكريم وغيرها من الخدمات أثرت بشكل كبير ومباشر على السجناء فضلاً عن التطويل في إجراءات التقاضي وعدم تنفيذ الأحكام .
وقال المنيفي : " نتطلع في المفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى شراكة حقيقية وتعاون جاد مع الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان وخاصة التي تعمل على حقوق السجناء والسجون بشكل عام ، كما نتطلع إلى الخروج بآلية تنفيذية قانونية بما يضمن تنفيذ روح القانون ونصوصه " .
بدوره استعرض السجين المعسر وليد الشرماني معاناة السجناء المنسيين قسراً وظلماً في السجون بعد انتهاء فترة العقوبة المحكوم بها عليهم وعدم تمكنهم من دفع الحق الخاص ، لافتاً إلى تدهور الحالة الصحية والنفسية لأغلبية السجناء المعسرين وتشتت أسرهم وانحراف أبنائهم في ظل غياب المربي والعائل ، فضلاً عن وفاة عدد منهم داخل السجن .
وأكد الشرماني عدم قانونية الاستمرار في سلب حرياتهم مقابل الحق الخاص ، معرباً عن أمله في تفاعل رجال المال والأعمال مع السجناء المعسرين .
وفي الورشة قدم النائب العام عبدالعزيز البغدادي درع النيابة العامة لمؤسسة السجين الوطنية ، كما كرم أمين عام المجلس المحلي بأمانة العاصمة أمين جمعان نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة السجين محمد صلاح والأمين العام للمؤسسة يحيى الحباري والمدير التنفيذي فضل عبيد وأعضاء مجلس الأمناء بالشهادات تقديراً للدور المجتمعي الذي تقوم به المؤسسة و رعايتها واهتمامها بالسجناء وعائلاتهم .
تخلل الورشة عرض ريبورتاج عن أوضاع السجناء المعسرين والقوانين النافذة ، متناولاً قصة أحد السجناء الذي توفي خلال فترة بقائه في السجن لعدم تمكنه من دفع الحق الخاص المحكوم به عليه منذ 16 عاماً .
حضر الورشة عضو مجلس الشورى منى باشراحيل و وكيل وزارة حقوق الإنسان علي صالح تيسير والقائم بأعمال رئيس مصلحة السجون العميد ناصر اليزيدي ورئيس لجنة الشئون الاجتماعية بالمجلس المحلي بالأمانة حمود النقيب ووكيل أمانة العاصمة لقطاع الخدمات علي السقاف وعدد من المسئولين في الجهات ذات العلاقة .