م تعد مساعي التخلي عن الدولار في التجارة الدولية خطوات منعزلة، بل أصبحت توجهاً متنامياً تقوده قوى اقتصادية كبرى مثل روسيا والصين، إلى جانب دول ذات ثقل اقتصادي كالسعودية. بينما اتخذت كوبا في عام 2004 قراراً منفرداً بإلغاء التعامل بالدولار، فإن توجهات اليوم تحظى بدعم أوسع، مما يهدد بشكل أكبر هيمنة الدولار على النظام المالي الدولي.
هيمنة الدولار بدأت عقب الحرب العالمية الثانية باتفاقية بريتون وودز، حيث اعتمد الدولار كعملة رئيسة للتجارة والاحتياطات الدولية، وربط بالذهب بسعر ثابت.
ومع انهيار هذا النظام في السبعينيات واستبداله بنظام "البترودولار"، أضحت العملة الأمريكية عموداً فقرياً للاقتصاد العالمي. لكن الأزمة المالية لعام 2008 أبرزت ضعف الاعتماد على الدولار فقط، إذ انتقلت مشاكل الاقتصاد الأمريكي إلى العالم كله.
لم يكن لنجاح "البترودولار" أن يتحقق دون دعم السعودية، لكنها بدأت تدريجياً في مراجعة هذا الدور.
في عام 2022، ظهرت تقارير تفيد بمحادثات سعودية-صينية لاستبدال الدولار باليوان في صفقات النفط، وفي خطوة مشابهة تسعى مصر نحو اتفاقيات لتداول العملات المحلية مع شركائها التجاريين، لتخفيف الاعتماد على الدولار.
الصين أيضاً خفضت استثماراتها في السندات الأمريكية إلى ما دون 1 تريليون دولار، بينما اتخذت روسيا إجراءات مشابهة بعد العقوبات المفروضة عليها في 2022، لتتحول إلى العملات الوطنية مع شركائها.
وفي قمة بريكس 2023، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن التخلي عن الدولار مسار لا رجعة فيه.
هذا التحول التدريجي يعد إيذاناً بعصر جديد من التعاون المالي الدولي بعيداً عن الدولار.