بعد عامين من الاطلاع والبحث والممارسة والكتابة في المجال الطبي الذي قام بها الطبيب المفكر والفيلسوف الكاتب الدكتور عبدالناصر حسين الهزمي يعلن اليوم صدور كتابه الجديد الطبي والذي يحمل عنوان الأمراض المعدية، بعد تعميده رسميا بهئية الكتب الوطنية بالعاصمة صنعاء والذي يحمل رقم إيداع 348 للعام 2024 وهو الكتب الخامس للمؤلف بعد أربعة كتب صدرت للكاتب في مجالات متنوعة أدبية وعلميه
س/ فالمن كتب هذا الكتاب؟.. وما الهدف من كتابته؟.. وما يميز هذا الكتاب؟
الحقيقة أني منذ ان داهمتني فكرة كتابة هذا الكتاب الطبي وأنا أسأل نفسي بعض الأسئلة.. اهمها
لمن اكتب هذا الكتاب ؟
وما الهدف من كتابته ؟
والحقيقة أن مثل هذه الأسئلة يجب أن يضعها ويجيب عليها كل من يشرع إلى كتابة كتاب وتاليف مؤلف في أي مجال كان باد ذي بدَ.. لان مثل هذه الأسئلة عند الإجابة عنها تخفف على من يسعى لهذه العملية العملاقة وهي التأليف عنئ خوضها المحفوف بشقئ البحث والمطالعة في سبيل أختيار المضمون والمحتوى الذي يكون من خلاله تحقيق الغاية والهدف الذي يبحث عنه في تأليف مؤلفه
وأنا اريد ابدا كتابي بالإجابة عن هذان السؤالين..
بداية أنه كتاب طبي في مجال الصحة العامة وتحديداً في الأمراض الوبائية التي تتفشى حتى تصبح ظاهرة صحية في المنطقة الجغرافية التي تحدث فيها، أو في العالم بأسره إذ ما انتشرت وما كوفيد 19 (كورونا) عنا ببعيد... وهذا التفشي الوبائي يحدث نتيجة عوامل بيولوجية، وإجتماعية، واقتصادية، وسياسية..
ولهذا فإن الأمراض الوبائية يعود أصلها إلى ما تحدث عنه أبو الطب (أبقراط) قبل أكثر من عشرين قرن عندما قال ( أن العوامل البيئية تؤثر في حدوث المرض ) ورغم هذا فإن توزيع المرض بين مجموعات سكانية نوعية لم يحدث على نطاق واسع إلا في القرن التاسع عشر، عندما قام جون سنو بتحديد موقع كل من توفى بسبب الكوليرا في لندن خلال الفترتين(1848_1849 وكذلك 1853_1854) و لاحظ ارتباطاً واضحاً بين مصدر مياة الشرب و الوفيات و قارن بين وفيات الكوليرا في مناطق ذات مصادر مياة مختلفة، وأظهر أن كلاً من عدد الوفيات و معدل الوفيات كان مرتفعاً بين أولئك الذي كانت شركة ساوث ورك تزودهم بالمياة، وهكذا استطاع سنو أن يصيغ نظرية حول الصلة بين
الأمراض المعدية على أساس بحثه الدقيق و المياة الملوثة التي انتشرت عن طريقه الكوليرا.. كذلك ارتباط كثير من الأمراض المناعية مثل السل،والإيدز، وسوء التغذية، وفيروس الكبد...الخ
بالفقر وطريقة الحياة الإجتماعية والبيئية السيئة كالسكن السيء و الازدحام الذي يشجع ويساعد على أنتشار العدوى
كما أن الحروب والنزعات التي تحدث في العالم تساعد على أنتشار الاوبئة وتفشي الأمراض المعدية بسبب نقص أو فقدان الاحتياجات البيولوجية الذي يحتاجها السكان الذي حدث أو يحدث عندهم الحروب والنزعات الذي يؤدي غالبًا إلى فرارهم و تجمعهم في أماكن ضيقة مما يؤدي إلى انتشار الأمراض المعدية وهذا يساعد أيضًا على نقل المرض والعدوى من منطقة إلى أخرى أو حتى عبر الحدود الدولية حتى ولو تمكنو من البقاء في أماكنهم فإنهم معرضون لتفشي الأمراض المعدية بسبب الأضرار التي تلحق بهم وبدخلهم المادي إلى جانب الأضرار التي تلحق بالبنية التحتية من تدمير
المؤسسات الخاصة بالرعاية الصحية•
إضافة إلى أنه في كثير من الأحيان أن لم يكن دائما تستخدم الأمراض المعدية في الحروب السياسية كاسلحة بيولوجية تستخدمها البعض من الدول في تدمير البعض الآخر منها وذلك باستخدام احيانا الفيروسات والميكروبات في نشر بعض الأمراض الوبائية بغاية التدمير الإقتصادي أو الإجتماعية الذي يؤدي إلى تدهور الأوضاع السياسية لتلك الدولة
إذاً هناك عدة عوامل تساهم في ظهور الأمراض المعدية التي تصيب الإنسان ويميزها عن باقي الأمراض الأخرى في مجالات الطب المتعددة والمعروفه بالأمراض الغير السارية حيث أن للأمراض المعدية اسم آخر هو (الأمراض السارية) أي أن هذه الأمراض لا تأخذ جانب واحد من الأسباب البيولوجي بل تتعدى ذلك إلى جوانب أخرى سبق ذكرها
وهو ما يعني بذل جهد كبير في مكافحتها والقضاء عليها والوقاية منها من قبل الأطباء المتخصصين في الصحة العامة أو علم الوبائية:وهو العلم الذي يعني
(دراسة على السكان أو الناس) ..
حيث أن كلمة وبائيات مشتقه من الكلمات اليونانية epi وتعني على،و demos وتعني ناس أو سكان، و logos و تعني دراسة أو علم، ويمكن توضيح هذا التعريف أنه لا يقتصر فقط على اهتمام المتخصصين فيه بالوفيات والإصابة والعجز بل يهتمون أيضًا بالحالات الصحية الفعلية والأهم من ذلك اهتمامهم بوسائل تحسين الصحة وما يشمل المرض من متغيرات صحية غير مرغوب فيها مشتمله الإصابات والصحة النفسية.. كما جاء في تعريف منظمة الصحة العالمية أن الصحة لا تعني مجر الخلو من المرض بل هي حالة متكاملة من المعافاة الجسدية والنفسيه والعقلية والاجتماعية وكان ذلك في العام (1948) وبتعاون مع كل افراد المجتمع وتثقيفهم بمدى خطورة هذه الأمراض على حياتهم بشتى انواعها.. وهو ما يعني إجابة سؤالي الاول لمن اكتب هذا الكتاب.
الواقع أن كتاب الأمراض المعدية هو الكتاب الخامس بين ترتيب مؤلفاتي بعد أربعة مؤلفات في مجالات مختلفة منها الشعر والأدب والدعم النفسي، لكنه الكتاب الطبي الأول.. فإن كنت قد كتبت دواوين الشعر لمحبي الشعر وجمهوره، وكذلك قصصي القصيرة لمحبي الأدب والروايات، فإني ومن منطلق كوني طبيبا نفسيا في المقام الأول لم اكتب كتابي أخيرا وجدت ذاتي في مجال الدعم النفسي فقط للمحبطين والذي يعانون من ضغوطات نفسية بل كان شامل لكل فئات المجتمع بكل اطيافهم وحالتهم النفسية وذلك من حيث كوني أؤمن بقاعدة قلتها ذات يوم (أن الجميع مرضى ولكن بدرجات.. أو العكس الجميع أصحاء ولكن بدرجات)
كذلك فإنه ومن منطلق كوني متخصص بالصحة العامة أيضًا فإني في الحقيقة لم اكتب هذا الكتاب الأمراض المعدية كمنهج لطلبة الطب والعلوم الصحية فقط أو المتخصصين فيه بل أيضًا إلى جانب هذا أردت أن اجعله مرجع موسع ومبسط وشبه شامل للباحثين وأصحاب الدراسات العلمية في هذا المجال إضافة للمهتمين بالثقافة الطبية حيث بأني أؤمن بتعدد الثقافات على كل المستويات العلمية والاجتماعية وأن من حق الإنسان أن يتعرف على كل ما يخص صحته وجسده ولو بالقدر الذي يجعله مدرك أن هناك ثمة عوامل في حياته لها ارتباطات بما يصيبه من علل وأمراض فإن الإنسان على مر الأزمان قد استطاع أن يعرف ويتعرف على كل ما يحيط به من أشياء في شتئ المجالات لكنه لم يستطع بعد التعرف على ذاته البيولوجية وكينونيته الفسيولوجية وما يجري في اعماقه ولذلك يبقى الإنسان ذلك المجهول كما يقول الطبيب والفيلسوف الكسيس كاريل
وهذا ما يفسر سبب كتابتي لهذا الكتاب بالغة العربية مع ارداف بعض المصطلحات الطبية الذي يجب أن يعرفها الطبيب المبتدئ وغيره من المهتمين بهذا الشأن
إلى جانب تقسيمي هذا الكتاب إلى سبعة فصول وضحت فيها معرفة الأمراض المعدية وطريقة مكافحتها وأسلوب ترصدها ونوع مسبباتها فكان الفصل الأول خاص بماهية الأمراض المعدية والمصطلحات ذات العلاقة، وتحدثت في الفصل الثاني عن تعريف الترصد وكيفية أدائه، ولأن اضطرابات الإسهالات والتسمم الغذائي متعدد الأسباب تحدث احيانا نتيجة أسباب بكتيريا، واحيان بسبب فيروسات ،واخرى بسبب طفيليات أفردت لهم فصلا خاص وهو الفصل الثالث.
ولكي يتسنى لطلاب الطب بدرجة الاولى و الباحثين أولو الدراسات والبحوث في الدرجة الثانية معرفة نوع
المرض واسبابها فقد جعلت كلاً من الفصل الرابع والخامس والسادس فصول تتضمن كلا منها أسباب مختلفة من الكائنات الحية المسببة للأمراض المعدية فوضعت الأمراض المعدية البكتيريا هي مضمون الفصل الرابع، ويتضمن الفصل الخامس الفيروسية منها، وكان الفصل السادس خاصا بالأمراض المعدية الطفيلية.. واخيرا كانت المناعة واللقاحات وكيفية استخدامها وانواعها وماهي الأمراض المعدية المعتمده في البرنامج التحصيني العالمي هو ما تضمنه الفصل السابع .
ومع إيماني بما قلته ذات يوم في مذكرة مفكر الخاصة بي ( أن جميع من يكتبون ويؤلفون كتبهم المتنوعة لا يقومون سوء بتكرار مضمون من قد قاموا قبلهم بما يقومون به من تأليف مؤلفاتهم بفكرٍ واحد ونمطٍ واحد وأن تنوعات صياغتهم لمحتوى ما يكتبون)
الا أني هنا حاولت أن اخرج عن الإطار النمطي بتكرار الإسلوب واختلاف الطريقة بكتابتي لهذا الكتاب بهذا الشكل وهذا النمط الجديد من وجهة نظري، لا أظن أن هناك من قد كتب قبلي بهذه الطريقة والفصل بين الأمراض بحسب نوع العامل المعدي لها والكائن الحي
الدقيق الذي يؤدي إلى ظهورها في فصول متعددة أن لم يخني ظني
وكان سبب قيامي بهذا بغاية تحقيق أهداف ثلاثه هم
الأول ارداف المكتبة العربية بالكتب الطبية العربية و ذلك سعياً وراء تحقيق ما تنص عليه جميع دساتير الدول العربية وجميع قوانين تنظيم الجامعات في الوطن العربي على أن لغة التعليم هي اللغة آلام أي العربية.
والثاني أن يكون مرجع منهجي موسع لكل طلاب الطب والمجالات الصحية والباحثين منهم في مجال الصحة العامة وتحديدا الأمراض الوبائية أو المعدية.
والثالث هو تثقيف المجتمع بمخاطر الأمراض المعدية واسبابها إلى جانب معرفتهم ما ينبغي عليهم معرفته من الثقافة الطبية فإن التعدد الثقافي دليل على تحضر الإنسان ورقيه وتقدمه وكم هو جميل أن يكون لدى الإنسان ثقافات متنوعة والتثقيف في المجال الطبي لا يقل أهمية عن الثقافات الأخرى العديدة في الحياة
واخيرا أتمنى أن أكون قد وفقت في ذلك واستطعت أن
أفي بوعدي لنفسي أولا ثم لمجتمعي وامتي العربية في تحقيق الأهداف الذي سعيت لها من كتابت هذا الكتاب
ولا أستطيع الجزم بهذا إلا من خلالكم أحبتي قرأي وطلابي وزملائي الأعزاء.
اما أنا فإن سالتموني عن مدى رضاي بما بهذا الكتب لقلت لكم أني ارى لتوي الان وانا اكتب إليكم هذه المقدمة أن ما كتبته ما زال ناقصا ويحتاج إلى تكمله أو زائد ويحتاج إلى تعديل واقول لنفسي لوني وضعت هذه الجملة مكان هذه لكان أفضل، ولو أني تركت هذه لكان احسن، ولو اني حذفت مرضا وأضفت مرضا آخر لكن مستحسن وهذا ما يثبت برأيي عقد النقص لدى الإنسان.. ولهذا سأقول ما قاله المفكر والكاتب عبدالفتاح كيليوط حين قال( أن من مارس الكتابة يعرف انه لا يرضى كل الرضى الا عن الكتاب الذي لم يكتبه بعد، الكتاب الذي يحمله في ذهنه على شكل صور وخطوط واشباح...