تعمل الإمارات -التي تقود مع السعودية التحالف العربي في اليمن- منذ أشهر على استكمال ترتيباتها العسكرية لفرض ما تسمى "قوات الحزام الأمني" في محافظة تعز (غربي اليمن)، وهي محافظة خاضعة لسيطرة قوات الشرعية والمقاومة الشعبية.
.
ويعتقد مراقبون بأن أبوظبي تسعى لإخضاع مدينة تعز لحلفائها من القوى السلفية والموالين لأجندة الإمارات، كما هي الحال في محافظات عدن وحضرموت وشبوة.
وتبدو مساعي أبوظبي ظاهرة لنقل تجربة الحزام الأمني إلى تعز عن طريق فرض قوات أمن موالية لها، تتولى السيطرة على المقرات الحكومية والأجهزة الأمنية، والقيام بأعمال الشرطة والضبط والاعتقال، وإقامة نقاط تفتيش بمداخل المدينة.
تجهيز قوات
وتحدثت مصادر يمنية عن أن الإمارات جهزت قوة عسكرية مكونة من ثلاثة آلاف مجند، تلقوا تدريبا في معسكرات تابعة للقوات الإماراتية الموجودة في إريتريا، وتطلق عليها قوات "النخبة التعزية"، وتعمل حاليا على الدفع بها لتشكل الحزام الأمني بتعز.
ولا يخفي الإماراتيون دعمهم لمليشيا حليفهم السلفي أبو العباس في تعز، ويعتقد كثير من المحللين بأن المستهدف من تحركات أبوظبي هو حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي يتمتع بنفوذ سياسي وشعبي وعسكري كبير في مدينة تعز، ويعد أحد أهم مكونات الشرعية المؤيدة للرئيس عبد ربه منصور هادي.
ويقول الصحفي اليمني محمد سعيد الشرعبي إن الإمارات عملت على إعداد وتدريب قوات الحزام الأمني التعزي، وقدمت لها دعما عسكريا شمل أسلحة متوسطة وثقيلة، بينها عربات مدرعة. وأضاف الشرعبي في حديث للجزيرة نت أن قيادة التحالف -التي تضم السعودية والإمارات- تسعى على ما يبدو لترتيب الأوضاع بتعز، وفرض السيطرة عليها وتغيير المعادلة فيها.
مرحلة خطيرة
وأضاف الشرعبي أن "تعز مقبلة على مرحلة خطيرة، وأتوقع قيام التحالف العربي بالإطاحة بالسلطة المحلية التابعة لحزب الإصلاح"، الذي تتهمه أبوظبي بالارتباط تنظيميا وفكريا بجماعةالإخوان المسلمين المصنفة ضمن قوائم الإمارات للتنظيمات الإرهابية.
ويرى الإعلامي اليمني عبد القوي العزاني أن "الحديث عن حزام أمني في تعز، وهي التي تحيط بها مليشيا الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح إحاطة السوار بالمعصم، هو نوع من العبث المجنون وزرع متفجرات في قلب تعز الذي لا زال ينزف جراء الحرب وخذلان الشرعية والتحالف لها في الوقت نفسه".
وأضاف العزاني أن "محاولة التحالف العربي دعم وتعزيز حضور كيانات مليشياوية في تعز في وقت توجد فيه خمسة ألوية للجيش الوطني وقيادة محور وأجهزة أمنية وقوات خاصة وشرطة عسكرية لا شك أنها خطوة ستصب في إشعال الحرائق، وإضعاف الحكومة الشرعية ومؤسساتها الرسمية وتقديم خدمة مجانية للانقلابيين".
وأشار الإعلامي اليمني في حديث للجزيرة نت إلى وجود "رفض مطلق ومعارضة قوية من قبل السلطة المحلية والجيش الوطني وكافة القوى السياسية والاجتماعية لمجرد طرح أو نقاش فكرة وجود حزام أمني في تعز يتشكل من قوات موالية لأبوظبي".
وأضاف المتحدث نفسه أن "الحديث عن إخضاع تعز أو حزب الإصلاح من قبل أي طرف، سواء كان التحالف أو الانقلابيين، هو نوع من الأماني الخادعة"، مؤكدا أن "الإصلاح ليس حزبا أو جماعة مسلحة سيتم إخضاعها، بل هو تيار وطني وجماهيري عريض يصعب تجاوزه، ومجرد التفكير في إخضاع محافظة تعز ذات الخمسة مليون نسمة هو نوع من الانتحار".
وكانت الحكومة اليمنية قامت بتحركات ميدانية بتعز لتكريس سيطرة قوات الجيش والشرطة العسكرية على الأوضاع الأمنية داخل المدينة، وبسط نفوذ الدولة الشرعية عليها، وأشرف على هذه التحركات وفد حكومي يرأسه عبد العزيز جباري نائب رئيس الوزراء.
لكن تحركات الحكومة اليمنية أثارت غضب ومخاوف أبوظبي بأن تذهب مخططاتها أدراج الرياح، فأرسل قائد قوة الواجب المشتركة الإماراتي أحمد علي محمد البلوشي، المقيم بعدن، رسالة إلى قائد محور تعز اللواء خالد فاضل يطلب فيها الالتزام بتعليمات التحالف، وعدم القيام بأي إجراءات في المحافظة إلا بالتنسيق معه.
وطالب القائد الإماراتي بمنع تغيير أو سحب أي نقاط أمنية من قبل أي قوة إلا بعد أخذ الإذن من قوات التحالف في عدن، وذكر في رسالته أنه يجري العمل على تعيين محافظ جديد لتعز ورئيس لجنة أمنية للمحافظة.
وكان محافظ تعز علي المعمري، الذي رفض الرئيس هادي استقالته، كشف الأسبوع الماضي عن أن "سبب تعثر معركة تحرير تعز هو اعتقاد دولة الإمارات، وهي القوة الثانية في التحالف بعد السعودية، بأن حزب الإصلاح سيقوى في تعز إن حسمت المعركة".