اعلن وزير الدفاع الامريكي جيم ماتيس الاربعاء “استعداده” لعرض خيارات عسكرية على الرئيس دونالد ترامب ردا على هجوم كيميائي مفترض في سوريا.
لكنه شدد على ان الولايات المتحدة “لا تزال تجري تقييما” للمعلومات عن هذا الهجوم في مدينة دوما في الغوطة الشرقية والذي حملت الدول الغربية النظام السوري مسؤوليته.
ومن جهتها أفادت وكالة “أسوشيتد برس” بأن زعماء كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، أجروا مشاورات موسعة حول إمكانية توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا قبل نهاية الأسبوع الجاري.
ونقلت الوكالة عن مصادر أمريكية لم تذكر هويتها، أنه لم يتم بعد اتخاذ قرار مؤكد بتوجيه ضربات عسكرية ضد سوريا.
وأشارت المصادر إلى أن المشاورات تناولت إمكانية القيام بعمل عسكري يكون موسعا أكثر من الضربة التي وجهتها الولايات المتحدة في أبريل العام الماضي إلى مطار الشعيرات في حمص.
وذكرت الوكالة عن مصادر وصفتها برفيعة المستوى أن زعماء الدول الثلاث “ناقشوا مختلف السيناريوهات”، مضيفة أن الحديث يدور عن توجيه ضربات تستهدف منشآت عسكرية “لمنع (الرئيس السوري بشار) الأسد من إمكانية تنفيذ هجمات كيميائية جديدة”.
وتتهم الدول الغربية الحكومة السورية باستخدام السلاح الكيميائي، في مدينة دوما بالغوطة الشرقية، وهو ما تنفيه دمشق نفيا قاطعا.
وتعتبر روسيا أن هذه المزاعم مبنية على تقارير إعلامية، ولا يوجد أي دليل يؤكد وقوعها أو وقوف الجيش السوري وراءها، وأنها تبريرات يلجأ إليها الغرب لاستخدام القوة ضد سوريا.
ورصدت مصادر مساء الثلاثاء تحليقا مكثفا لطائرات التحالف الدولي على ارتفاع منخفض فوق التنف قرب الحدود السورية العراقية، وذلك بعد فشل مجلس الامن الدولي في تبني أي من مشاريع القرارات الثلاثة التي عرضت عليه بشأن إنشاء آلية للتحقيق في استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية، بينما تتجه الأنظار إلى واشنطن حيث من المتوقع أن يتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وحلفاؤه قرارا بتوجيه ضربة عسكرية للبلد.
وقالت المصادر إن الطائرات حلقت “على ارتفاع منخفض قرب الحدود السورية العراقية” فوق منطقة التنف، حيث تقع قاعدة عسكرية للتحالف في إطار جهوده العسكرية ضد تنظيم داعش الإرهابي التي انطلقت قبل سنوات.
حض رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم الاربعاء روسيا والولايات المتحدة على الكف “عن شجارات الشوارع” بشأن سوريا، قائلا ان الوقت حان لأن تضعا خلافاتهما جانباً لأنها تهدد بالحاق الأذى بالمدنيين.
وقال يلدريم في كلمة نقلها التلفزيون في اسطنبول “انه شجار شوارع. انهما يتقاتلان مثل فتوات الشوارع. ولكن من يدفع الثمن؟ انهم المدنيون”. واضاف “ليس الوقت الآن للخصومات. انه وقت تضميد الجراح في المنطقة والتلاقي وتنحية الخلافات جانبا”.
وقالت الخارجية السورية اليوم الأربعاء إنها لا تستغرب “التصعيد الأرعن” من جانب الولايات المتحدة.
ونقلت وكالة الأنباء الحكومية السورية (سانا) عن مصدر في الخارجية السورية القول :”لا نستغرب مثل هذا التصعيد الأرعن من نظام كالنظام الأمريكي: رعى وما زال يرعى الإرهاب في سورية”.
من جانبها، حذرت موسكو الأربعاء من أن أي ضربات أمريكية في سوريا قد تشكل مبررا لتدمير الأدلة على هجوم كيميائي اتهم النظام السوري بشنه في ما اعتبرته روسيا “استفزازا” مفبركا من قبل المعارضة لتبرير التدخل الغربي.
وتساءلت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عبر صفحتها في “فيسبوك” “هل الفكرة تتمثل في التخلص سريعا من أي آثار للاستفزاز (…) عندها لن يبقى شيء للمحققين الدوليين للبحث عنه في ما يتعلق بالأدلة؟”
كما حذر الكرملين الأربعاء من أي تحركات في سوريا يمكن ان تتسبب ب”زعزعة” الوضع في المنطقة، في الوقت الذي تواصل دول غربية عدة التهديد بتوجيه ضربة عسكرية الى النظام السوري المتهم بالوقوف خلف هجوم يعتقد أنه نُفِّذ بالأسلحة الكيميائية في مدينة دوما.
وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف “نأمل بأن تتجنب جميع الأطراف اتخاذ خطوات غير مبررة بإمكانها أن تزعزع الوضع الهش أصلا في المنطقة”.
وقال بيسكوف إن “الوضع متوتر”، مضيفا أن روسيا تدعو إلى “تحقيق غير منحاز وموضوعي قبل إصدار أحكام” بشأن الاتهامات باستخدام الأسلحة الكيميائية.
وتعهدت واشنطن برد “قوي” على الهجوم الذي تحدثت تقارير أنه تم تنفيذه بالأسلحة الكيميائية السبت وأسفر عن مقتل 40 شخصا على الأقل في دوما — آخر معاقل المعارضة في الغوطة الشرقية، وفق منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني في مناطق المعارضة).
من جهته، أعرب خبير ألماني في شؤون الشرق الأوسط عن تشككه في أن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد هي التي وراء الهجوم المزعوم بالغاز السام في مدينة دوما السورية.
وقال جونتر ماير، رئيس مركز أبحاث العالم العربي، اليوم الأربعاء في تصريحات لبرنامج “اتش أر-إنفو” بإذاعة ولاية هيسن الألمانية إن المعلومات اللازمة لتوجيه مثل هذا الاتهام ليست متوافرة على الإطلاق.
وأضاف أن مثل هذا الهجوم ليس له أهمية مطلقا من منظور الحكومة السورية، لافتا إلى أنه في هذا التوقيت المثير للجدل كان آخر المقاتلين المعارضين الإسلاميين بصدد الانسحاب من معقلهم الأخير في الغوطة الشرقية.
ويفترض ماير، الأستاذ بجامعة ماينتس، أن الهجوم تم “تحت علم خاطئ”، وقال: “إذا كان هناك من الأساس مثل هذا الهجوم، فإنه قد تم تدبيره من جماعة تعرف باسم الخوذ البيضاء التي كانت قد نفذت عددا كبيرا من حالات مشابهة”، موضحا أن هؤلاء يرغبون في إثارة تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في النزاع.
وكان ماير قد انتقد مجموعة الخوذ البيضاء في تصريحات له في منتصف شهر آذار/مارس الماضي واصفا إياها بأنها “أداة دعاية” لحكومات غربية، وأشار إلى أنه يتم دعمها من جانب بريطانيا والولايات المتحدة بمبالغ تقدر بالملايين.
وقال ماير اليوم إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسعى لتقديم نفسه بصفته “رجلا قويا” ويعتزم دعم إسرائيل بصفة خاصة، لافتا إلى أنه يندرج ضمن هذا الدعم مكافحة أعداء إسرائيل، الذين تندرج سورية من بينهم.
وبحسب تقدير الخبير الألماني، يمكن توقع “هجوم عسكري ضخم” من جانب سفن حربية في البحر المتوسط على قواعد عسكرية في سورية يوم الخميس كحد أقصى.
بعد تغريدة ترامب.. الكرملين: لا نشارك في دبلوماسية “تويتر” والبنتاغون: لا تعليق
على وقع التهديدات الأمريكية بعدوان على سوريا بعد “مزاعم استخدام أسلحة كيميائية في دوما السورية”، اشتعلت الحرب الكلامية بين الولايات المتحدة وروسيا.
وخرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتغريدتين على صفحته في “تويتر” اليوم خاطب فيهما موسكو قائلاً “استعدي يا روسيا الصواريخ قادمة”، مشيراً إلى أن “الصواريخ التي ستطلق على سوريا ستكون ذكية ودقيقة”.
ولم يكتفِ ترامب بما سبق ليرى أن علاقة بلاده مع روسيا هي في أسوأ حال مما كانت عليه.
كلام ترامب استدعى رداً ساخراً من المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا يتمحور حول دعوة الرئيس الأمريكي روسيا إلى إيقاف سباق التسلح، قالت فيه “فكرة عظيمة! هناك عرض للبدء في تدمير الأسلحة الكيميائية الأمريكية”.
أما وزارة الخارجية الروسية فاعتبرت أن “صواريخ ترامب الذكية يجب أن تستهدف الإرهابيين لا الحكومة الشرعية في سوريا”.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال في كلمة أمام مجموعة من السفراء الأجانب بثها التلفزيون الرسمي، ، “إن الأوضاع الحالية مثيرة للقلق”، معرباً عن أمله في أن “يسود المنطق السليم”.
وعلق المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، على تصريحات ترامب، بالقول: “روسيا لا تشارك في دبلوماسية “تويتر”، في إشارة إلى استخدام ترامب لحسابه على الموقع الإلكتروني في إصدار تصريحات مثيرة للجدل.
وزارة الدفاع الأمريكية علقّت على تصريحات ترامب في بيان “الإدارة لا تعلق على الأعمال العسكرية المحتملة في المستقبل”.
وأضافت “كما ذكر الرئيس في 8 أبريل، فإن هجوم الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين الأبرياء في دوما كان مرعباً، ويتطلب استجابة فورية من المجتمع الدولي”.
السيناتور الديموقراطي تيم كاين طالب الكونغرس الأمريكي بالسيطرة على قرار الحرب لأنه بعد “15 شهراً (على تولي ترامب رئاسة أمريكا) لا توجد لدى إدارة ترامب استراتجية حول سوريا”.