التونسيون يصوتون في أول انتخابات بلدية حرة لترسيخ الديمقراطية الناشئة

التونسيون يوم الأحد التصويت في أول انتخابات بلدية حرة في خطوة أخرى لترسيخ الانتقال الديمقراطي الصعب الذي تشوبه خيبة الأمل من نقص الوظائف والفرص الاقتصادية. والانتخابات البلدية أيضا فرصة حقيقية لتثبيت حكم محلي فعلي والتوجه للامركزية في تونس بعد عقود من سيطرة الحكومة المركزية على سلطة القرار وتهميش المناطق الداخلية. وفتحت مكاتب الاقتراع في حدود الساعة الثامنة صباحا أبوابها أمام الناخبين، للإدلاء بأصواتهم في أول انتخابات بلدية بعد ثورة يناير كانون الثاني 2011 على أن تنتهي عملية التصويت في الساعة السادسة مساء. ويختار المقترعون المسجلون وعددهم 5.3 مليون ناخب في هذه الإنتخابات، ممثليهم في 350 دائرة بلدية بمختلف جهات البلاد وهي خطوة هامة لإرساء تجربة الحكم المحلي ونظام اللامركزية الذي نصّ عليه الباب السابع من الدستور. ووفقا للهيئة العليا المستقلة للانتخابات يتنافس أكثر من 57 ألف مرشح كثيرون منهم من النساء والشباب. ويتوقع أن يحصد حزب النهضة الإسلامي ومنافسه العلماني نداء تونس غالبية المقاعد في الانتخابات البلدية بينما تسعى أحزاب المعارضة إلى تعزيز حضورها واقتناص مكاسب هامة في هذه الانتخابات. كما تسعى قوائم مستقلة عديدة يترأسها شبان إلى خلق المفاجأة. ووسط توقعات بعزوف عن الانتخابات بسبب خيبة الأمل مع تفشي البطالة وخصوصا في صفوف الشباب، دعا الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي التونسيين يوم الجمعة للتوجه لصناديق الاقتراع لاختيار مرشحيهم. وقال ”هذا الأحد لن يكون كالمعتاد، لأول مرة الشعب التونسي مدعو للمشاركة في الانتخابات البلدية..على الشعب التونسي التجند للتصويت..الدستور منح التونسيين حق تقرير المصير وهذه مناسبة لنختار من نريد“. وقال محمد علي العبادي بعد خروجه من مكتب الاقتراع بمنطقة لافيات في العاصمة تونس ”أعطيت صوتي لمن أراه قادرا على التغيير: تغيير المحيط وتغيير البنية التحتية المهترئة وتحسين الوضع البيئي في جهتنا..اليوم سيصبح لدينا فعلا حكم محلي في تونس“. وأضاف“ كنت أنوي مقاطعة الانتخابات البلدية ولكني تراجعت في آخر لحظة...كيف أقاطع ونحن في تونس من الدول القليلة في العالم العربي نتمتع بفرصة حقيقية في ممارسة حقنا بحرية وديمقراطية“. وبعد حوالي ساعتين من فتح مكاتب الاقتراع بدا الإقبال ضعيفا أمام مراكز الاقتراع في أغلب المناطق في تونس. ومازالت الحركة بطيئة في أغلب مراكز الاقتراع بتونس العاصمة التي تنقل فيها مراسل رويترز. وتكدس كثير في الشبان في المقاهي بدل التوجه إلى مكاتب الاقتراع. وقال رمزي وهو شاب كان يجلس في مقهى مع ثلاثة أصدقاء له ”لن أنتخب ولا يهمني أحد..ما يهمني فقط هو الحصول على وظيفة..لا أحد اهتم لأمرنا في السنوات الماضية ونحن نعاني البطالة والتهميش.. اليوم كلهم يتجهون صوبنا لكسب أصواتنا“. ولاقت تونس إشادة لكونها قصة النجاح الوحيدة في ثورات الربيع العربي إذ أطاحت برئيسها السلطوي زين العابدين بن علي الذي حكمها لسنوات طويلة دون أن يتسبب ذلك في الكثير من العنف أو حرب أهلية أو العودة إلى الحكم الاستبدادي. لكن منذ فترة طويلة أفسح الحماس للتغيير الديمقراطي الطريق للغضب من مستويات المعيشة المنخفضة والتي دفعت بعض التونسيين لعبور البحر المتوسط في رحلات الهجرة غير الشرعية المحفوفة بالأخطار إلى أوروبا بحثا عن عمل كما دفعت قلة للتحول إلى التشدد الإسلامي. التحدي الأكبر أمام المجالس البلدية الجديدة هو تحقيق توقعات الناخبين فيما يتعلق بزيادة ميزانيات البلديات في دولة تصدر فيها الحكومة المركزية القرارات الرئيسية بشأن كيفية وأوجه إنفاق الأموال. وهناك قانون جديد يتصور نقلا تدريجيا لصناعة القرار إلى المستوى المحلي لكن لا يزال من غير الواضح كيف سينفذ ذلك عمليا. ويريد المانحون الغربيون تقديم تمويل للمجالس البلدية لبدء مشروعات من أول يوم عمل لها. ويضاف هذا إلى قروض من صندوق النقد الدولي وعدة دول الهدف منها مساعدة تونس في التغلب على عجز في الميزانية تسبب فيه الاضطراب السياسي وإنفاق القطاع العام وهو من بين أعلى معدلات الإنفاق من نوعه في العالم. وتقدم المنظمات غير الحكومية الأجنبية دعما نشطا للانتخابات البلدية في محاولة لمساعدة التونسيين على بناء الديمقراطية على مستوى القاعدة الشعبية. رويترز
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص