الرغم مما صدر عنه من توضيح لم يقنع لا الجانب الإيراني ولا خصومه في الداخل الذين وجدوا في هذا التصريح ضالتهم في تعميق خلافه مع الإيرانيين.
وكان العبادي أعلن في مؤتمر صحافي قبل نحو أسبوعين أن «العراق لا يتعاطف مع العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، لكنه سيلتزم بها لحماية مصالحه». وفيما عبرت طهران عن امتعاضها من هذا الموقف الذي عبر عنه العبادي في ضوء سياسة التصعيد التي اتخذها المرشد الإيراني علي خامنئي حيال واشنطن، فإن التوضيح الذي صدر عن المكتب الإعلامي للعبادي جاء مفسرا لما صدر عن رئيس الوزراء. فالبيان يقول إن «موقف العراق تجاه هذه العقوبات لم يكن ارتجاليا أو متسرعا، بل خضع لدراسة وحسابات تخص مصلحة العراق والعراقيين، ولم يكن فيه أي تأثر بمواقف دول أخرى أو أحزاب سياسية معينة».
وأضاف أن «الحكومة العراقية لا يمكنها اتخاذ أي موقف يمكنه ألا يتوافق مع مصالح الشعب العراقي، وبالتالي فإن الالتزام بالعقوبات الأميركية على إيران جاء من هذه المصلحة».
ومع تصاعد الحملة السياسية والإعلامية الإيرانية والعراقية ضد العبادي والتي بدا أنها ذات توجهات سياسية واضحة اضطر العبادي للتراجع عن الموقف الذي عبر عنه والذي بدا كما لو كان زلة لسان. ففي مؤتمره الصحافي التالي الثلاثاء الماضي، قال إن «التزام الحكومة في موضوع الجمهورية الإسلامية الإيرانية هو عدم التعامل بعملة الدولار وليس الالتزام بالعقوبات الأميركية». وأضاف أن «الحكومة العراقية سترفض استخدام أراضيها في تنفيذ أي اعتداء ضد دول الجوار».
غير أن المصدر السياسي العراقي المطلع الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه أو صفته، يرى أن «ما صدر عن العبادي أضر به كثيرا جدا إلى الحد الذي ربما يكون أخرجه من معادلة التوازن داخل البيت الشيعي للترشح لرئاسة الحكومة، حيث إن رئيس الحكومة الذي هو ممثل إحدى الكتل الشيعية الخمس لا بد أن يكون مرضيا عنه من جانب إيران أو لا يتقاطع معها».
وردا على سؤال بشأن ما إذا كان الدور الإيراني لا يزال فاعلا على صعيد تشكيل الحكومة العراقية يقول السياسي العراقي إنه «لا يزال لإيران دور مهم في موازاة الدور الأميركي الذي تنامى كثيرا خلال هذه المرة في عهد الرئيس دونالد ترمب، خصوصا في ظل تصاعد خلافاته مع إيران».
وحول ما إذا كان العبادي مدعوما من إيران في وقت يحظى بدعم أميركي أو ربما يكون خيار أميركا الوحيد في العراق، يقول السياسي العراقي إن «العبادي وقبيل تصريحه الذي يعد كارثة شخصية له وليس مجرد زلة لسان كان مدعوما من الإيرانيين لأنه طوال فترة حكمه لم يتقاطع معهم برغم الاستقلالية التي عمل عليها ومن ضمنها الانفتاح على الجميع في الداخل وعلى الأشقاء والجيران في الخارج وكان إحدى نقاط التفاهم الممكنة بين الأميركيين والإيرانيين فيما لو تم التوافق ولو من بعيد على شخص رئيس الوزراء»، مؤكدا أن «الإيرانيين عدوا أن ما صدر عن العبادي كان طعنة في الظهر ومن الصعب عليهم غفرانها له».
وحول الحملة السياسية والإعلامية في الداخل ضد العبادي من أطراف قريبة من إيران يرى السياسي العراقي أن «هذه الحملة لها أهدافها المنفصلة عن الهدف الإيراني، وذلك لجهة كونها تسعى لصب المزيد من الزيت على النار حتى لا يكون ثمة تفاهم مستقبلي بين العبادي والإيرانيين حول تصريحاته بشأن العقوبات».