32; سؤال كبير وعريض يطرح على الساحة الكروية العالمية حول العودة السريعة والمفاجئة لزيم الدين زيدان للاشراف على ريال مدريد قبيل نهاية الموسم بعد خروجه من دوري الأبطال وكأس الملك وتضييع حظوظه في المنافسة على بطولة «لا ليغا» في وقت كثر فيه الكلام عن امكانية اشراف زيزيو على اليوفي أو المنتخب الفرنسي أو حتى تشلسي ومانشستر يونايتد، وفي وقت كان الكلام يدور حول عودة مورينيو للاشراف على الريال بداية من الموسم المقبل، لكن الضغوطات الكبيرة المفروضة على فلورنتينو بيريز عجلت بالتحاق زيدان مجددا بالريال بعد تسعة أشهر من استقالته.
الأمر حدث بسرعة وبشكل مفاجئ وغير متوقع، لأن المتابعين كانوا يتكهنون باستمرار الأرجنتيني سانتياغو سولاري إلى غاية نهاية الموسم، وزيدان كان يرفض الاشراف على أي ناد في منتصف الموسم، لكن رغبة فلورنتينو بيريز في امتصاص غضب الجماهيروتخفيف الضغط المفروض عليه جعلته يسبق الأحداث خوفا من تضييع زيدان أو مورينيو الذي كان قريبا من الاتفاق معه على العودة إلى الريال، لولا معارضة بعض كوادر الفريق على غرار سيرخيو راموس وبن زيمة اللذين وافقا على عودة زيدان بسرعة لإعادة القطار إلى السكة بعد تجربتين فاشلتين مع لوبيتيغي وسولاري.
البعض يرجع عودة الأسطورة للريال إلى الاستقرار الأسري الذي يعيشه في مدريد منذ سنوات، وتعود العائلة على الحياة هناك خاصة وأن الانتقال الى ايطاليا للاشراف على اليوفي مثلا، كان سيفرض على كل أفراد الأسرة الانتقال الى حياة جديدة مختلفة عنها في العاصمة الاسبانية، والانتقال الى انكلترا كان سيغير من نمط حياة زيدان ومحيطه، كما أن ضغوطات المقربين منه في مدريد والجماهير كانت عاملا مهما ساهم في عودة الفرنسي للاشراف على النادي، خاصة بعد عودة الدفء لعلاقاته مع الرئيس فلورنتينو بيريز في الأونة الأخيرة مقارنة بالفترة التي كان يشرف فيها على النادي الملكي.
تعلق الرجل بالنادي الملكي ورغبته في مساعدة فريقه في الظروف الصعبة كانت بدورها عاملا من العوامل التي دفعته للعودة من أجل مشروع كبير سيكون لزيزو دور أساسي فيه، خاصة وأن الرئيس بيريز يوجد في وضعية صعبة وتحت ضغوطات كبيرة جعلته يصر على زيدان من أجل امتصاص غضب الأنصار، فوعده بتوفير مبلغ 350 مليون يورو في الميركاتو المقبل، لاستقدام ما يريد من النجوم على غرار هازارد ومبابي ونيمار أو ساديو ماني، وهي الأسماء التي بدأت تطفو إلى السطح خلال الأيام الماضية، وسيكون لزيزو دور كبير في اقناع واحد منها على الإلتحاق به، خاصة وأن الفريق في أمسِ الحاجة إلى نجم من طراز رونالدو لاعادة بناء المشروع المدريدي الجديد.
زيدان عاد إلى بيته الريال بعدما تبين له أن تدريب المنتخب الفرنسي صار مؤجلا منذ تتويج ديشان بلقب كأس العالم 2018، وتأكدت له صعوبة الدخول في مغامرة كبيرة بالاشراف على تشلسي والعمل مع الروسي أبراموفيش أو حتى مانشستر يونايتد الذي سيكون فيه الضغط كبيرا جدا عليه في دوري لم يصمد فيه مورينيو وأنطونيو كونتي وغيرهما من مدربين كبار، فهل سيعود الريال كما كان عليه في عهد زيزو منافسا على الألقاب، وسيدا لأوروبا، خاصة في ظل تراجع مستوى اللاعبين وتأثرهم بالتغيرات المتعاقبة على مستوى الادارة الفنية، ما انعكس بالسلب على معنوياتهم وأدائهم.
زيدان عاد من الباب الواسع أكثر قوة من ذي قبل وبصلاحيات أكبر، لتعود معه التساؤلات في الأوساط الجماهيرية والاعلامية عن قدرته على اعادة القطار إلى السكة، وقدرته على اعادة بعث الروح في نفوس اللاعبين، ومن ثمة استعادة ثقة الجماهير والعودة للمنافسة على الألقاب ابتداءا من الموسم المقبل، خاصة وأن الوقت سيكون في صالحه هذه المرة بعد خروج النادي من كل المسابقات الممكنة، وتراجع نتائجه في دوري هذا الموسم.
الأكيد أن المأمورية لن تكون سهلة لكنها ليست مستحيلة على رجل صنع معجزات أوروبية ثلاث مرات في ظرف وجيز، وفي بداية مشواره كمدرب لأحد أكبر الأندية في العالم، زيدان أعاد إلى الواحهة قصة نجاح الشخص كلاعب وكمدرب، وأعاد التأكيد على أن الخبرة تكتسب بالمغامرة والمفارقة ان النجاحات الكبرى للمدربين المبتدئين إن صح التعبير حدثت في إسبانيا على غرار غوارديولا وزيزو، الآن بعد أن تأكد نجاح زيدان مع ريال مدريد قبل ذهابه، ستتوجه الأنظار إلى الجزء الثاني في قصته مع الملوك، ومستوى النجاح والفشل متساويان، وميزان زيدان هو من سيتحكم في مّيلانه وما على الجميع سوى الانتظار.