"كذبة نيسان"..تعرّف على حكايتها

ع دخول اليوم الأول من شهر نيسان يتهيّأ ملايين الناس لتداول الأكاذيب فمنهم من يُحضّر لكذبة بغرض إضفاء جو من المزح و الفكاهة، في حين يتحصّن البعض الآخر ويتجه لعدم تصديق كل ما يُقال أو يجري حوله، فيما يجهل هؤلاء حقيقة هذه الظاهرة ومنشأها ومن كان السبب بإطلاقها.

أصل كذبة نيسان
ويعود أصل هذه الكذبة المُنتشرة في غالبية دول العالم باختلاف ألوانهم وثقافاتهم، إلى عدة أساطير ذهب أغلبها أن "كذبة أبريل" هو تقليد أوروبي قائم على المزاح.

وتُشير أحد القصص عن هذه الكذبة، إلى أن هذه العادة ظهرت في فرنسا، عندما قام شارل التاسع   بتعديل التقويم، الذي كان يبدأ بعيد رأس السنة في يوم 21أذار، و ينتهي في اليوم الأول من  نيسان، بعدها يتبادل الناس الهدايا بمناسبة عيد رأس السنة الجديدة.

أما الأصل الثاني لهذه الكذبة ربطه بعض الباحثين، مع عيد جميع القديسين،  الذي نشأ في القرون الوسطى ، وكان فيهذه الفترة كان وقت الشفاعة للمجانين وضعاف العقول ‏فيطلق سراحهم في أول الشهر ويصلي العقلاء من أجلهم وفي ذلك الحين نشأ العيد ‏المعروف باسم عيد جميع المجانين أسوة بالعيد المشهور باسم عيد جميع القديسين.

أما القصة الأشد غرابة هي أنه عندما سقطت الأندلس خرج الصليبيون ونادوا للناس أنه من أراد النجاة بنفسه وأهله وماله فليذهب إلى الشاطئ، فإن سفناً كبيرة قدمت من المشرق لتأخذ من تبقى من العرب، وبالفعل صدّقوا وذهبوا جميعاً إلى الشاطئ وهناك كانت الخديعة حيث الجيش الصليبي بانتطارهم يحيط بهم من كل جانب فأعملوا السيوف في رقاب المسلمين، وذبحوا النساء والرجال والكبار والصغار حتى احمرت مياه البحر من دمائهم، وكان ذلك في الأول من نيسان، حيث سم هذه الخديعة بسمكة نيسان ( poisson d’avril) لأنهم كذبوا على المسلمين واصطادوهم كالسمك.

ويرى آخرون أن هناك علاقة قوية بين الكذب في أول أبريل وبين عيد هولي المعروف في الهند والذي يحتفل به الهندوس في 31 مارس من كل عام وفيه يقوم بعض ‏البسطاء بمهام كاذبة لمجرد اللهو والدعاية ولا يكشف عن حقيقة أكاذيبهم هذه إلا مساء اليوم الأول من أبريل، فيما يؤكد باحثون آخرون أن كذبة أول أبريل لم تنتشر بشكل واسع بين غالبية ‏شعوب العالم إلا في القرن التاسع عشر.

أشهر الأكاذيب
ومن أشهر الأكاذيب التي عرفها الشعب الإنجليزي الذي يعتبر أشهر شعوب العالم ‏كذباً في الأول من نيسان عام 1860م في هذا اليوم حمل ‏البريد إلى مئات من سكان لندن بطاقات مختومة بأختام مزورة تحمل في طياتها دعوة كل ‏منهم إلى مشاهدة الحفلة السنوية "لغسل الأسود البيض" في برج لندن، وسارع جمهور غفير ‏من السذج إلى برج لندن لمشاهدة الحفلة المزعومة.

وهناك كذبة أخرى أُشتهر استخدامها في بريطانيا وهو أن ‏يبعث أحد الناس بمئتي رسالة إلى مديري دور الأعمال الكبيرة يطلب منهم أن يتصلوا ‏برقم تلفون يحدده في رسائله لأمر مهم جداًّ ومستعجل ويحدد موعد الاتصال فيما بين ‏الساعة الثامنة والعاشرة من صباح أول نيسان،  وتكون النتيجة أن يظل صاحب رقم ‏التلفون المذكور في شغل شاغل بالرد على مكالمات واستفسارات المديرين طوال اليوم وقد ضربت هذه الكذبة الرقم القياسي في استخدام الشعب الإنجليزي لها.

كمثال لكذبة ما حدث في الخليج والسعودية على وجه الخصوص في نيسان  2009 عن وجود مادة الزئبق الأحمر في ماكنات الخياطة من نوع سنجر (أبو أسد) القديمة، وأصبح الجميع يبحثون عن هذه الماكنات في كل مكان ووصلت أسعارها في بعض المناطق في السعودية ما يقارب المائة ألف ريال، وحتى منتصف نيسان  أغلب مواقع الإنترنت تعرض ماكنات للبيع بأسعار خيالية لا تقل بأي حال من الأحوال عن خمسة وعشرون ألف ريال، فهذا مثال لكذبة  نيسان التي راح ضحيتها الكثير، وفي نفس الوقت غني بسببها الكثيرون.

و من أطرف الأكاذيب و أشهرها، في مختلف البلدان، ما حدث في رومانيا عندما كان الملك كارول يزور أحد متاحف عاصمة بلاده في الأول من نيسان  فسبقه رسام مشهور كان قد ترصد قدومه و قام برسم ورقة مالية أثرية من فئة كبيرة، على أرضية المتحف،ما دفع الملك بأمر أحد حراسه بالنزول لإلتقاطها, و لكن سرعان ما اكتشفوا أنها كذبة.

وإلى جانب هذه المواقف المضحكة هناك مآسٍ باكية حدثت بسبب كذبة أول أبريل فقد ‏حدث أن أشتعلت النيران في مطبخ إحدى السيدات الإنجليزيات في مدينة لندن فخرجت إلى ‏شرفة المنزل تطلب النجدة ولم يحضر لنجدة السيدة المسكينة أحد إذ كان ذلك اليوم ‏صباح أول نيسان.

ضحايا الكذب
ويطلقوا على ضحايا  الكذبات بعض الأسماء ففي اسكوتلندا  أطلقوا عليها نكتة نيسان بينما استعملوا الفرنسيين, إسم السمكة للدلالة عليهم, كما و أصبح أول يوم من نيسان اليوم المباح فيه الكذب لدى جميع الشعوب, في دول العالم, ما عدا دولتي إسبانيا, و ألمانيا, لإرتباطه باليوم المقدس دينيا في إسبانيا, و لتعارضه مع يوم ميلاد الزعيم الألماني المعروف بسمارك.

وأظهر استطلاع للرأي في ألمانيا أن  (70%) لا يفكرون في اختلاق مزحة أو كذبة نيسان هذا العام. وحسب الاستطلاع الذي أجراه معهد "يو جوف" المتخصص في كولونيا، فإن 15% فقط يعتزمون هذا العام ممارسة هذه المزحة مع أحد معارفهم، في حين أجاب بقية المشاركين في الاستطلاع بأنهم لم يحددوا بعد ما إذا كانوا سيستغلون بداية نيسان/أبريل المقبل للمزاح مع دائرة المقربين.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص