للجمال الأنثوي عشاقه ومريدوه في أي بقعة من بقاع العالم بما فيها اليمن، البلد الذي غنى فنانوه من كلمات شعراء يمنيون كتبوا أجمل القصائد التي تُمجد جمال النساء وتقدسه، لكن هذا البلد يُعد ضمن عدد من البلدان العربية التي لا تُنظم فيها مسابقات لملكات الجمال، لأسباب تتعلق بالعادات والتقاليد الدينية والمجتمعية، كما يبرر الرافضون لإقامة مثل هكذا مسابقات، الأمر الذي دفع بعدد من الفتيات اليمنيات السفر إلى بلدان أكثر انفتاحاً كما يعتقدن، للمشاركة في تلك المسابقات، منهن من انتزعن ألقاباً خاصة، ومنهن من استطعن أن يلفتن نظر المهتمين في الوطن العربي والعالم؛ يتحدث بعض منهن ، عن تجربتهن خلال مشاركتهن في مسابقات ملكات الجمال، وعن تقييمهن لنظرة المجتمع لهن، ومدى التحديات التي يواجهنها في الحياة، وكيف ينظر المجتمع لهن.
غير مألوف
أريج السيد، سارة الضراسي، سالي حمادة، منال السروري، هُن أبرز الفتيات اليمنيات اللاتي شاركن في مسابقات ملكات الجمال في الوطن العربي، جُلهن يعملن في الوسط الفني والإعلامي، بعض منهن لمع اسمها في سماء النجومية في الآونة الأخيرة، والبعض مازلن ماضيات في الوصول إلى سلم الشهرة.
كانت أريج أحمد السيد، ضمن مجموعة من الفتيات اليمنيات والعربيات اللاتي تم اختيارهن للمشاركة في مسابقة ملكات الجمال العرب التي نظمتها وزارة الثقافة المصرية عام 2015، خاضت أريج غمار المنافسة للحصول على لقب الملكة، وبعد سلسلة من الاختبارات في اللياقة واللباقة والثقافة العامة وحتى الطبخ، تمكنت أريج من الحصول على لقب ملكة جمال اليمن، بتشجيع من القائمين على السفارة اليمنية في القاهرة آنذاك. كان الأمر غير مألوف لدى اليمنيين الذين تابعوا تفاصيل المسابقة عبر عدد من القنوات الفضائية حينها؛ لكن أريج كانت قادرة على مواجهة منتقديها، بصدر رحب، وقد شكلت مشاركتها في تلك المسابقة نقلة كبيرة في حياتها، ومنذ ذلك الحين أصبحت أكثر انفتاحاً على العالم باختلافه، كما تقول أريج في حديثها لـ”منصتي 30″.
ولدت أريج السيد المنتمية لمحافظة تعز عام 1993، درست تعليمها الأولي والجامعي في صنعاء، وكان لها حضور فني مبكر، حيث شاركت في تمثيل عدد من المسرحيات والمسلسلات المحلية في اليمن، إضافة إلى ولعها بالطرب، شاركت أريج في عدد من البرامج الجماهيرية في الوطن العربي كبرنامج الملكة، وبرنامج الحماوات الفاتنات، في الوقت الراهن تستعد للمشاركة في إحدى مسابقات ملكات الجمال المزمع انعقادها في تونس، وتؤكد أريج أن لا قيود مجتمعية أحاطتها خلال مسيرتها في الفن، وفي مشاركتها في مسابقات ملكات الجمال، بل على العكس فوالداها منفتحان على العالم وقد حظيت بتشجيع منهما.
تمثيل لليمن
في رأي مغاير حول مدى تقبل المجتمع لمشاركة يمنيات في مسابقات ملكات الجمال في العالم العربي، ترى سارة الضراسي الفتاة العشرينية اليمنية المنتمية لمحافظة إب أن «الأقلية من اليمنيين هم من يعي أهمية تشجيع مشاركة فتيات يمنيات في محافل تمثل اليمن كمسابقة ملكة الجمال».
سارة، التي شاركت في إحدى مسابقات ملكة جمال العرب سنة 2018، تتحدث لـ”منصتي 30″، عن تجربتها، إذ تقول «لقد مثلنا اليمن في تلك المسابقة أفضل تمثيل، التزمنا الحشمة لأنها تُعبر عن الشعب اليمني المتمسك بعاداته وتقاليده، لقد غيرت مشاركتي في تلك المسابقة من قناعاتي حول أمور كثيرة في الحياة».
درست سارة التسويق والإعلام، وبدأت مشوارها الفني من خلال دور جسدته في أحد الإعلانات، التجارية التي كانت تبث على التلفزيون اليمني، وكان أول ظهور لها في الدراما في المسلسل الشهير همي همك، ثم انتقلت للعمل مذيعة ومعدة برامج في قناة عدن سكاي الفضائية. تدرس سارة حالياً النقد والدراما في المعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة، وتقول إنها «تطمح في تقديم اليمن بأفضل صورة عبر الفن الذي تقدمه للناس».
ملكة المحجبات
في فبراير/شباط 2017، نُـظمت مسابقة ملكة جمال المحجبات العرب، بمشاركة 20 فتاة من مصر وفلسطين والسودان والسعودية وليبيا، وكان اللقب من نصيب الفتاة اليمنية منال أحمد السروري، التي كانت قد أخفقت في الحصول على أي لقب خلال مشاركتها في ذات المسابقة عام 2016، وفي تصريحات صحفية، تقول منال «حينما كنت أشاهد في التلفاز مسابقات ملكات جمال، كنت أتمنى أن أكون واحدة منهن ولكني كنت أحلم بالمشاركة في مسابقة تكون جميع المشاركات فيها من المحجبات، وفي أحد الأيام تحقق الحلم حينما قرأت إعلان على فيسبوك، عن تنظيم مسابقة لملكات جمال العرب المحجبات، وبالفعل تقدمت في المسابقة ولم أخبر أحداً أنني سوف أشارك في تلك المسابقة، دخلت في تحدِ مع نفسي، وقلت لابد من أن أسيطر على الخوف الذي كان ينتابني، والحمد لله تم اختياري في التصفيات النهائية حتى حصدت لقب ملكة جمال المحجبات العرب».
تخرجت منال من كلية التجارة جامعة القاهرة، وتدرس تصميم الأزياء، كما أنها تعمل في ذات مجال التصميم الخاص بالنساء المحجبات، تطمح منال أن تكون من أشهر مصممات الأزياء في العالم العربي.
مفاهيم مغلوطة
وفي مسابقة أخرى لملكات الجمال العرب، نظمت في ديسمبر 2017، شاركت فيها فتاة يمنية من أسرة فنية عريقة تنتمي إلى مدينة عدن، كانت تلك الفتاة مشهورة من خلال مشاركتها في العديد من الأعمال الفنية وهي في سن صغيرة، واليوم أصبحت ضمن عدد من نجوم مشاهير الدراما اليمنية، نتحدث عن الفنانة سالي حمادة، التي تصف لـ”منصتي 30 “، مشاركتها في تلك المسابقة بالتجربة المتميزة، موضحة ما أسمته بالمفاهيم المغلوطة السائدة لدى كثير من الناس حول مسابقات ملكات الجمال في الوطن العربي، تقول سالي «البعض يقول إن القائمين على بعض تلك المسابقات يلزمون المشاركات على ارتداء المايوهات وماشابه، وهو كلام عارٍ عن الصحة، ومن خلال مشاركتي في تلك المسابقة أؤكد أن الاهتمامات المطلوب توفرها في ملكات الجمال كانت تتركز على مستوى الثقافة والتعليم والسلوك وحسن المظهر، والهدف، بحسب لجان التحكيم».
نافست سالي 10 متسابقات تم اختيارهن من بين 22 متسابقة، ثم تمت تصفية العدد إلى 5 متسابقات، وبعدها تم اختيار ملكة الجمال ووصيفاتها. وقد حصدت سالي لقب ملكة جمال اليمن، ضمن مهرجان السياحة العربية بالقاهرة، عقب تكريمها من قبل حركة رائدات المستقبل. وبعد عام من تتويجها ملكة لجمال اليمن، أصبحت سالي مشرفة على تدريب وتأهيل 18 متسابقة من دولة جنوب السودان، في مخيم للملكات، حيث كانت تُقدم لهن تمارين نفسية وبدنية وثقافية، وأخرى خاصة بالموضة والإتيكيت، وطرق صياغة الخطاب الذي من المفترض أن تقدمه المتسابقات.
مارست سالي حمادة التمثيل وعمرها ستة أعوام، وسبق وأن انضمت إلى فرقة الفولوكلور الشعبي، وهي اليوم تكتب مسرحيات وسيناريوهات للمسلسلات والأفلام، كما أنها تكتب الشعر الحر والنبطي، إضافة إلى نبوغها في الرسم، وهواياتها في تصميم العطور والبخور العدني الشهير.
تتباين الآراء التي تحدثت إلى “منصتي 30″، حيال إمكانية تنظيم مسابقات لملكات الجمال في اليمن، إذ تستبعد الفنانة سارة الآغا تنظيم مثل هكذا مسابقات في اليمن، وتشاطرها الفنانة أريج، الرأي، لكنها تتوقع أن يتم تنظيم مسابقات للأزياء التقليدية للنساء، فقط.
يُذكر أن أول مسابقة لانتخاب ملكة جمال أقيمت في المملكة المُتحدة في خمسينيات القرن الماضي، وفقاً لمصادر تاريخية، وفي الوطن العربي كانت مصر ولبنان والمغرب دول سبّاقة في تنظيم مسابقات لاختيار ملكات الجمال.
*التقرير والصورة الرئيسية والصور نقلاً عن موقع منصتي 30 التابع لإذاعة هولندا