تعتمد قيمة البن وجودته على ما يقرره عدد من متذوقي القهوة حول العالم، ومن بين هؤلاء ثلاثة يمنيين أحدهم حسين أحمد الذي تحدث إلى «الحياة» عن جوانب من أسرار مهنته كمتذوق قهوة عالمي وخبير في البن اليمني وأنواعه وعن تاريخ البن في اليمن.
يقول: «بدأت زراعة البن في المرتفعات الجبلية قبل نحو ٧٠٠ سنة تقريباً وانتشرت في القرنين السادس عشر والسابع عشر للميلاد، وبلغ البن اليمني أعلى مراتب الشهرة بعد تصديره إلى دول عدة من ميناء المخا في غرب اليمن الذي أخذت أشهر أنواع القهوة اسمها منه وهو موكا».
تنقسم أنواع البن في العالم إلى أربعة وفق الخبراء في هذا المجال، وهي التفاحي، العديني، البرعي، والدوائر، لكن هناك عشرات الأسماء المحلية لهذه الأنواع. ويقول حسين أحمد: «يمتاز كل نوع بصفات فريدة، والبن اليمني تحديداً يمتاز بنكهة ومذاق خاص لا يمكن وصفه بالكلمات، ويعود السبب إلى البيئة التي ينمو فيها، فالبن اليمني ينمو في المرتفعات الجبلية، حيث الجو لطيف والرطوبة منخفضة وهذه أهم أسباب جودته، إضافة إلى وجود عامل آخر يتمثل في اهتمام المزارع بمحصوله قبل الحصاد وبعده».
حصل حسين أحمد على شهادة دولية في أميركا في مجال تذوق البن، وهو ثاني يمني يحصل على هذه الشهادة التي يطلق عليها Coffee Grader والتي مكنته من إنشاء مقهى في طوكيو قبل سنوات، قبل أن يتفرغ لمجال تطوير تذوق البن في اليمن، وخصوصاً أنه الوحيد من بين ثلاثة متذوقين يمنيين فقط، اثنان منهم يقيمان في الولايات المتحدة الأميركية.
ونظم أحمد لهذا الغرض عدداً من حـفلات تـذوق القهوة في العاصمة اليمنية صنعاء، معتبراً أن هذه الحفلات مهمة جداً لتـطوير الذائــقة العامة وجمع عشاق القهوة لمعرفة منتجهم الوطني الأول.
وتقاس جودة البن وفق مقياس يسمى coffee cupping، وتبدأ الدرجة من ٦٠ إلى ١٠٠ للبن التجاري، ومن ٨٠ إلى ١٠٠ للبن الفاخر (الممتاز)، وفي العادة يحرز البن اليمني درجات من ٨٥ وما فوق. ويوضح أحمد أنه عند تخطي التسعين يرتفع سعر البن إلى نحو ٢٠٠ دولار للكيلوغرام الواحد.
وتتسم عملية جني البن في اليمن بسيادة الأساليب التقليدية. وغالباً ما يلجأ المزارعون إلى جني الثمار على مراحل، أي كلما كانت الثمرة في مرحلة تسمح بالجني على النحو الذي يسمح بالمحافظة على جودتها ومنافستها. فكلما بدأ لون الثمرة يميل إلى الأحمر الفاتح إلى مشارف النضج يقوم المزارع بجنيها، أو عندما يصبح لونها بنفسجياً أو رمادياً داكناً، وهي المرحلة التقليدية من النضج يسارع إلى جنيها. ويحرص المزارع على جمع الثمار التي تجنى في وقت واحد وفصلها عن الثمار التي تجنى لاحقاً حتى يضمن جودة ونكهة أفضل. ويعزل الثمار المتساقطة حتى لا تؤثر أيضاً في جودة البن لأن هذا النوع من الثمار عادة ما يكون مشبعاً بالرطوبة.
لم تدخل القهوة جزيرة العرب حتى القرن الثالث عشر الميلادي حين عرفها أهل اليمن، فأهل مكة والقاهرة وإسطنبول والعالم، ومع ذلك كانت كلمة القهوة موجودة في اللسان العربي.
وتعد اليمن من الدول المصدرة لمحصول البن منذ القدم، واشترى هولنديون أول شحنة من ميناء المخا عام 1628، لكن أول من تعرف إلى القهوة اليمنية من الأوروبيين هم البرتغاليون الذين غزوا السواحل الغربية لليمن.
ويقول المؤرخون أن أوائل المستخدمين الذين حولوا استهلاك القهوة إلى مشروب اجتماعي ضمن عادة منتظمة هم متصوفو اليمن قرابة بداية القرن الخامس عشر، واستخدموها لتنشيط ذهنهم ومساعدتهم على السهر ليلاً لإقامة صلواتهم.