في اليمن، غالبًا ما يواجه الأطفال المصابين بالمهق التمييز والإقصاء من قبل زملائهم، وفي بعض الأحيان من المدرسين أيضًا.
تعرف كيف استجمعت حُسون ذات الثلاث عشرة عامًا القوة لتواجه الشدائد، والأن تتفوق في المدرسة وتدعم الأطفال المتأثرين بالنزاع.
حُسون ذات الثلاث عشرة عامًا طالبة بالصف التاسع في مدرسة 26 سبتمبر في حي المعلا في عدن. وهي من أوائل المتفوقين في صفها، وتحب أن تعلم الأطفال الصغار الرياضيات. ولكن بالرغم من نجاحها الأكاديمي، فهي تتعرض للمضايقات من قبل زملائها في الصف. فهم ينادونها بـ "البرصاء" والذي يعني " المصابة بالجذام".
ولكن حُسون لا تعاني من الجذام. فقد ولدت مصابة بالمهق، وتنتمي الى مجتمع المهمشين، أحد مجتمعات اليمن المهمشة. وعادة ما يعاني الأشخاص المصابون بالمهق من مشاكل في النظر ويحتاجون الى حماية جلدهم الحساس من الشمس. وهم في العادة منبوذون من المجتمع بسبب سوء فهم حالتهم. البالغون والأطفال المصابون بالمهق في اليمن معرضون للسخرية، والتمييز والعنف، ففرصهم في استكمال تعليمهم، او الحصول على وظيفة أو العثور على شركاء للزواج في الغالب أقل.
تقول حُسون " أعرف أن شكلي مختلف، وغريب بعض الشيء، فهل هذا ذنبي؟ هكذا خلقني الله". " ولكني مثلكم تماما. لدي مشاعر. الناس يتفادونني دائمًا. وبالكاد لدي أصدقاء. والدي هو الوحيد الذي يفهمني، ويدعمني، ويشجعني على مساعدة الأطفال الأخرين في حيّي ليدرسوا."
صديقتها وجارتها، فايزة هي إحدى صديقاتها القليلات.
تقول فايزة " حُسون صديقتي وأحبها كثيرًا. فهي لا تُخيفني بسبب شكلها. وهي دائمًا تساعدني والأطفال الأخرين لندرس. أعرف أن بعض الأشخاص ينادونها بأسماء سيئة. وهذا ليس عدلًا، بل هو وحشية."
حُسون أصغر إخوتها التسعة وهي من عائلة فقيرة جدًا في حي المعلا. ولكنها تحب المدرسة وتحصل على درجات عالية.
تقول حُسون " عندما ذهبت الى المدرسة لأول مرة، كنت أبكي عندما يضايقني الأطفال الآخرون وينادونني بـ "الوحش". حتى المدرسين، كانوا قاسين جدًا" وتضيف " كانوا يطلبون مني الجلوس في مؤخرة الصف لأنهم كانوا يظنون أنني أحمل مرضًا مُعدي."
ولكن في أحد الأيام، تتذكر كيف والدها حضر الى المدرسة ليتحدث مع المدير والمدرسين. ورجاهم والدموع في عينيه بأن يعاملوها باحترام وكرامة.
تقول حُسون " كان لذلك اليوم أثر كبير على حياتي كطفلة، ففي ذلك اليوم قررت ألا أدع أحدًا يعاملني بطريقة سيئة وأن أدافع عن نفسي."
نامج الطوارئ للأطفال المتأثرين بالنزاع والعنف والذي تدعمه اليونيسف. ففي 2015، كانت أحد خمسين طالب تم اختيارهم من مدرستها ليشاركوا في تدريب عن حفظ السلام والدعم النفسي الاجتماعي من خلال دعم الأقران.
تقول حُسون " نقوم بشكل أسبوعي، مع الطلاب الآخرين المدربين، بتقديم دورات لزملائنا عن كيفية التواصل بفاعلية، واحترام وجهات نظر بعضنا البعض واختلافاتنا، وان نبني الثقة ونفكر بإيجابية" وتضيف " وفوق كل شيء، نتعلم كيف نطلب المساعدة عندما نشعر بالاكتئاب والاستياء."
يمتدح معلمها للغة الإنجليزية، الأستاذ جمال، بشكل كبير هذه المراهقة الشُجاعة وذات الإصرار.
يقول معلمها "حُسون طفلة صغيرة مثيرة للاهتمام. فهي تحب تعلم الإنجليزية وتحصيلها جيد “،”وهي ذكية، ولكنها عادة وحيدة ويساهم الأشخاص من حولها بشكل كبير في هذه العزلة. ومع ذلك، هناك الذين يُحبونها ولا يرونها مختلفة."
أما بالنسبة لمستقبلها، فحُسون تحب دروس العلوم وتريد أن تصبح طبيبة.
وتقول " لن أتخلى عن حلمي. أنا أعتبر نفسي طبيعية. قد أبدو مختلفة ولكن لدي عقل لأفكر، ولأتعلم، ولأدرس".
" عندما أنظر في المرآة، أرى نفسي، أنا فقط، حُسون. وسأظل أنظر في المرآة بدون أن أشعر بالأسف أو بالسوء. هكذا خُلقت وهكذا سأعيش."
منقول/بقلم أنصار رشيد