إلى اليمن لفهم أفضل للأزمة الإنسانية المتدهورة، بما في ذلك وباء الكوليرا الأسرع نموا الذي شهده العالم على الإطلاق، أكبر أزمة في العالم لانعدام الأمن الغذائي وظروف نزوح السكان على نطاق واسع.
وكانت هذه أول بعثة لي إلى اليمن كمنسقة للإغاثة في حالات الطوارئ.
لقد كان من المروع أن نرى الأثر الرهيب لهذا الصراع من صنع الإنسان.
في صنعاء وعدن، وخلال زياراتي لحج، محافظات الحدیدة وحجة وعمران، التقیت بمئات الیمنیین، واستمعت إلی قصص?م عن المعاناة الشنيعة.
في كل مكان كنت قد رأيت الطرق والجسور والمصانع والفنادق والمنازل وغيرها الكثير التي دمرت بسبب التفجير والقتال. لقد كنت إلى المستشفيات بالكاد أي كهرباء أو ماء، وأيضا نتيجة للقتال. لقد قابلت الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، على الأرجح أنهم سلبوا من مستقبل صحي. لقد التقيت ببعض مليوني شخص اضطروا إلى التحرك لتجنب الصراع، والظروف المروعة التي يضطر العديد منهم إلى العيش فيها. وقد قابلت العاملين الصحيين الذين لم يتلقوا رواتبهم منذ شهور. لقد سمعت من الأطفال الذين لم يذهبوا إلى المدرسة لمدة عام تقريبا لأن رواتب معلميهم لم تدفع.
وفي جميع أنحاء البلاد وعلى جانبي الخط الأمامي، يحتفظ اليمنيون على قيد الحياة بعمال الإغاثة الإنسانية الشجعان الذين يعملون في ظل ظروف صعبة للغاية. ومن خلال المساهمات المقدمة من المانحين الكرام، قمنا بتوسيع نطاق الاستجابة وتقديم المساعدة المباشرة الآن لأكثر من 7 ملايين شخص كل شهر.
ونحن قادرون على أن نكون فعالين لأننا لا نزال نزيهين ومحايدين ومستقلين، تحت القيادة القوية لمنسقنا المقيم والمنسق الإنساني وفريقه الملتزم. ولكن علينا أن نفعل المزيد - ونحن بحاجة إلى مزيد من الدعم.
وكلاهما هنا في صنعاء وفي عدن، أجرت مناقشات صريحة مع السلطات بشأن ضرورة قيام جميع الأطراف وأصحاب المصلحة ببذل المزيد من الجهود لضمان وصول المساعدة الإنسانية إلى جميع من يحتاجونها.
وفي عدن طلبت من رئيس الوزراء، من بين أمور أخرى، ضمان التقدم في دفع رواتب العاملين الصحيين والمعلمين وغيرهم من موظفي الخدمة المدنية، لإعادة فتح مطار صنعاء للرحلات التجارية والإنسانية ولتحسين تشغيل الموانئ، وخاصة الحديده.
وقال لي انه سيصدر تعليمات لمسؤوليه لدفع رواتب العاملين الصحيين. كما قال انه سيكون سعيدا لرؤية الرافعات المتحركة الأربع التي تمولها الحكومة الامريكية تسليمها الى الحديدة وتثبيتها.
في صنعاء، أثارت مخاوف جدية بشأن البيئة التشغيلية التي تواجه الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية الأخرى. ويساورني القلق إزاء تزايد مستويات التدخل في عمل الوكالات الإنسانية، بما في ذلك التأخير في منح التأشيرات وحرمانها والتأخير في المعدات واللوازم الأساسية في الموانئ والعوائق البيروقراطية التي تؤثر على المنظمات غير الحكومية ومنع التقييمات الأساسية للاحتياجات حتى يتسنى لنا تستهدف مساعدتنا بأقصى قدر من الفعالية.
وأخبرتني السلطات أنها ستعالج هذه القضايا وستصدر على وجه الخصوص معدات تابعة للأمم المتحدة.
وقد أكدت لي هذه الزيارة مجددا أن الأمم المتحدة والشركاء لديهم القدرة على زيادة توسيع نطاقها. ولكننا نحتاج إلى تمويل أكثر سخاء وفي الوقت المناسب من المانحين، وأثبت التزام جميع الأطراف ببذل كل ما في وسعها للمساعدة في تيسير عمل المنظمات الإنسانية وعدم إعاقته أبدا.
إن إنهاء المعاناة الرهيبة في اليمن يتطلب قبل كل شيء حل سياسي للأزمة.
وفي الوقت نفسه، أكرر النداء الذي وجهته إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول / سبتمبر. ويجب على جميع الأطراف في اليمن، وأولئك الذين لا يدعمونهم والتأثير عليهم، أن يفعلوا أكثر من ذلك بكثير لضمان احترامهم للقانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين.
وفي ظل عدم إحراز تقدم ملموس في جميع هذه النقاط، فإن الحالة المتردية أصلا ستستمر في التدهور. والمعاناة الإنسانية ستزيد للاسوء.
المصدر : ناشونال يمن